الأحماض الأمينية ، هي أي مجموعة من جزيئات عضوية تحتوي على مجموعة الأمين الأساسية (―NH2)، ومجموعة حمض الكربوكسيل (―COOH)، ومجموعة عضوية R (أو تسمى سلسلة جانبية) والتي يتفرد بها كل حمض أميني، وهي حجر الأساس في بناء البروتينات. مصطلح (حمض أميني – amino acid) هو اختصار لـِ(ألفا أمينو حمض الكربوكسيل – αamino carboxylic acid). وكل جزيء يحتوي على ذرة كربون (C) مركزية، تدعى ألفا كربون، بحيث ترتبط كلتا المجموعتين؛ الأمين والكربوكسيل. والرابطتان المتبقية للألفا كربون تتحدان مع ذرة هيدروجين، والمجموعة R. ويكون شكلها كالتالي:

تختلف الأحماض الأمينية عن بعضها باختلاف المجموعة الكيميائية الخاصة، مجموعة R.

بناء كتل البروتينات

تحظى البروتينات بأهمية أساسية في عملية استمرار الحياة على كوكب الأرض. تحفز البروتينات أغلبية التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الخلية. وتنتج الكثير من العناصر البنيوية في الخلية، وتساهم في ربط الخلايا ببعضها في الأنسجة.

تعمل بعض البروتينات بمثابة (أجسام منقبضة – contractile elements) فتجعل الحركة ممكنة. والبعض الأخرى مسؤولة عن نقل المواد الأساسية من خارج الخلية إلى داخلها. البروتينات على شاكلة الأجسام المضادة تحمي الحيوانات من الأمراض، وتقاوم هجومًا داخل الخلايا على شكل (مضادات الفيروسات أو الأنترفيرون – interferon) ضد الفيروسات التي أفلتت من القضاء عليها عبر الأجسام المضادة ودفاعات الأجهزة المناعية الأخرى. والكثير من الهرمونات بروتينات. وأخيرًا وليس آخرًا، تتحكم البروتينات بعمليات الجينات.

ينعكس هذا التكتل من المهمات الجوهرية في مجموعة رائعة من البروتينات المعروفة والتي تمتاز عن بعضها بالحجم والشكل والشحنة. وفي نهاية القرن التاسع عشر، اكتشف العلماء -بالرغم من تواجد العديد من أنواع البروتينات المختلفة في الطبيعة- فإن البروتينات تنتج عن عملية (التحلل المائي أي شطر المركب بإقحام الماء – hydrolysis) صنف من مركبات أبسط، وهي لبنة بناء البروتينات، تدعى الأحماض الأمينية.

وأبسط الأحماض الأمينية يدعى (الجلايسين -glycine)، وسمي كذلك بسبب طعمه الحلو (glyco أي سكر). وكان أحد أوائل الأحماض الأمينيّة التي عرفت، إذ عُزِل عن البروتين (الجيلاتين – gelatin) عام 1820. وفِي أواسط خمسينيات القرن الماضي، قام العلماء بتوضيح العلاقة بين البروتينات والجينات مجمعين على اعتبار 20 حمضًا أمينيًا (تسمى الأحماض الأمينيّة الأساسية أو الشائعة) هم لبنة بناء كل البروتينات. آخرها اكتشافًا (الثيرونين -threonine) عام 1935.

اللا انطباقية (التناظر المرآتي – Chirality)

جميع الأحماض الأمينية جزيئات تناظرية عدا الجلايسين. إذ تتواجد في أشكال تناظرية بصرية عكسية (تسمى متماثلات – enantiomers) أي صورتها العكسية في المرآة. وقد يشبه ذلك العلاقة بين اليد اليمنى واليد اليسرى.

أحد المتامثلات يرمز له بالرمزD والآخر بالرمز L. ومن المهم معرفة أن الأحماض الأمينيّة الموجودة في البروتينات جميعها تقريبًا تنتمي للتكوين L. ويعكس هذا حقيقة الأنزيمات المسؤولة عن تخليق البروتينات، فتطورت لتُكوِن المتماثل L فقط. بعض الأحماض الأمينية D موجودة في الكائنات الحية المجهرية، تحديدًا في جدران الخلايا للبكتيريا وفي كثير من المضادات الحيوية، ومع ذلك لا تخلق هذه في الرايبوزوم.

الخواص الحمضية – القاعدية

ميزة أخرى تمتاز بها الأحماض الأمينيّة الحرة هي وجود كلتا المجموعتين القاعدية والحامضية في رابطة ألفا-كربون. والمركبات كالأحماض الأمينية التي تعمل بمثابة قواعد أو أحماض تسمى (amphoteric).

الأحماض الأمينية الأساسية

أحد الأساليب الناجعة لتصنيف الأحماض الأمينيّة الأساسية (أو الشائعة) هي قطبية المجموعة R (أو السلسلة الجانبية)، أي توزع الشحنة الكهربائية عليها.

المجموعة الأولى: (الأحماض الأمينيّة غير القطبية – Nonpolar amino acids)

المجموعة الأولى من الأحماض الأمينيّة هي: (الجلايسين – glycine)، و(الألانين – alanine)، و(الفالين – valine)، و(الليوسين – leucine)، و(الآيزوليوسين – isoleucine)، و(البرولين – proline)، و(الفينيل ألانين – phenylalanine)، و(الميثيونين – methionine)، و(التريبتوفان – tryptophan). هذا يجعلهم (كارهين للماء – hydrophobic). في المحاليل المخففة بماء، تُطوَى (البروتينات الكروية – globular protein) إلى شكل ثلاثي الأبعاد لتخفي السلاسل الجانبية الكارهة للماء داخل البروتين.

ما هي الأحماض الأمينية الحمض الأميني جزيئات عضوية تحتوي على مجموعة الأمين الأساسية مجموعة حمض الكربوكسيل كربون البروتينات

المجموعة الثانية: (الأحماض الأمينية القطبية، غير المشحونة – Polar, uncharged amino acids)

المجموعة الثانية وهي: (السيرين – serine)، و(السيستين – cysteine)، و(الثريونين – threonine)، و(التيروسين – tyrosine)، و(الأسباراجين – asparagine)، و(الجلوتامين – glutamine). تمتلك السلاسل الجانبية في هذه المجموعة طيفًا من المجموعات الفعالة (الوظيفية)، يمتلك مع ذلك معظمها على الأقل ذرةً واحدة (نيتروجين، أو أوكسجين، أو كبريت) مع أزواج إلكترونات المتوفرة للقيام برابطة هيدروجينية مع الماء والجزيئات الأخرى.

ما هي الأحماض الأمينية الحمض الأميني جزيئات عضوية تحتوي على مجموعة الأمين الأساسية مجموعة حمض الكربوكسيل كربون البروتينات

المجموعة الثالثة: (الأحماض الأمينية الحمضية -Acidic amino acids)

الحمضان الأمينيان في هذه المجموعة هما: (حمض الأسبارتيك – aspartic acid)، و(حمض الجلوتاميك – glutamic acid). كل منهما يمتلك حمض كربوكسيلي في السلسة الجانبية خاصتهما ما يعطيهما خواصهما الحمضية (تعطي بروتون).

في المحلول المخفف بماء ذي pH الفيسيولوجي، تتأين جميع المجموعات الفعالة الثلاث في هذه الأحماض الأمينية، وبالتالي تعطي ناتج شحنة تساوي (1-). وفي الأشكال المتأينة، تدعى الأحماض الأمينية هنا (أسبارتيت – aspartate)، و (جلوتاميت – glutamate).

المجموعة الرابعة: (الأحماض الأمينية القاعدية -Basic amino acids)

الثلاثة أحماض أمينية في هذه المجموعة هي: (الأرجينين – arginine)، و(الهيستيدين – histidine)، و(اللايسين – lysine). يتواجد الحمضان الأمينيان الأرجينين واللايسين بمجموع شحنة تساوي (1+) في الوسط الحمضي pH الفيسيولوجي. (مجموعة الجوانيدينو – guanidoni group) في السلسلة الجانبية للأرجينين هي أبسط مجموعات R. وكما ذُكر سابقًا بخصوص الأسبارتيت والجلوتاميت، السلاسل الجانبية للأرجنين واللايسين تشكل روابط أيونية.

ما هي الأحماض الأمينية الحمض الأميني جزيئات عضوية تحتوي على مجموعة الأمين الأساسية مجموعة حمض الكربوكسيل كربون البروتينات

أغلبية الأحماض الأمينية في المجموعات الثانية والثالثة والرابعة (محبة للماء – hydrophilic). ونتيجة لذلك، تتواجد متجمعة على سطح البروتينات الكروية في المحاليل المخففة بماء.

تفاعلات الأحماض الأمينية

يمكن للأحماض الأمينية ومن خلال مجموعاتها الفعالة (الكربوكسيل، والأمينو، ومجموعات R) القيام بعدد هائل من التفاعلات الكيميائية. ومع ذلك يحتل تفاعلان (الرابطة الببتيدية، وأكسدة السيتين) أهميةً خاصةً، وذلك لأثرهما على تركيب البروتين.

أدوار أخرى تلعبها الأحماض الأمينية

تُعتَبر الأحماض الأمينية (أسلافًا – precursor) لأنواع عدة من الجزيئات المعقدة المحتوية على النيتروجين. أبرزها المكونات الأساسية للـ(نيوكلويتيدات – Nucleotide) والأحماض النووية (DNA وRNA). وعلاوةً على ذلك، تشتق (العوامل مساعدة – cofactors) من أحماض أمينية معقدة مثل (الهيم – heme) و(الكلوروفيل – chlorophyll).

والهيم هو المجموعة العضوية المحتوية على عنصر الحديد والمطلوبة لإتمام العملية البيولوجية لبروتينات أساسية مثل الهيموجلوبين الناقل للأكسجين، و(السايتوكروم سي – cytochrome c) الناقل للإلكترونات. والكلوروفيل صبغة مطلوبة في عملية التركيب الضوئي.

تعمل كثير من الأحماض الأمينيّة (أو مشتقاتها) عمل المراسلات الكيميائية. تُعتبَر العديد من الأحماض الأمينية الأساسية وغير الأساسية (أوساط أيض – metabolic intermediates) مهمة. أمثلة هامة على ذلك الأحماض الأمينية؛ الأرجينين، والسيترولين، والأورنيثين، إذ يُعد جميعهم عنصرًا في (حلقة اليوريا – urea cycle). وتخليق اليوريا هي الآلية الرئيسية للتخلص من الفضلات النيتروجينية.

الأحماض الأمينية غير الأساسية

نعني بالأحماض الأمينيّة غير الأساسية تلك الأحماض الأمينيّة التي عُدِّلت كيميائيًا بعد دمجها في بروتين (في عملية تدعى تعديل ما بعد الترجمة – posttranslational modification)، وتلك الأحماض الأمينيّة التي توجد داخل الكائنات الحية ولكن ليس في البروتينات.

تحليل مخاليط الأحماض الأمينية

لأخصائي الكيمياء الحيوية اليوم تشكيلة واسعة من الطرق لفصل وتحليل الأحماض الأمينيّة والبروتينات. وتستغل هذه الطرق الاختلافات الكيميائية في الأحماض الأمينية وخصوصًا في سلوك ذوبانها وتأينها.

يدخل في تعيين نموذجي لتركيب الحمض الأميني للبروتينات ثلاث خطوات أساسية:

  1. (التحلل المائي – hydrolysis) للبروتينات إلى مقوماتها من الأحماض الأمينية
  2. فصل الأحماض الأمينية في المخلوط
  3. التقدير الكمي والعددي لكل حمض أميني على حدة.

بعض الاستعمالات الشائعة

يحتل الإنتاج الصناعي للأحماض الأمينية مكانةً هامةً في السوق العالمية. نشر تقرير لأول مرة عن الإنتاج التجاري للحمض الأميني عام 1908. كان ذلك معزز النكهة (مونو صوديوم جلوتاميت – monosodium glutamate or MSG)، وحُضِر من أحد أنواع الطحالب البحرية الكبيرة. أدى هذا لإنتاج تجاري للـMSG، والذي ينتج الآن بواسطة عملية تخمر بكتيري مع استعمال النشأ و(دبس السكر – molasses) بمثابة مصادر كربون.

تُستَخدم الأحماض الأمينية كذلك في العلاج للاستعمال الغذائي والدوائي. على سبيل المثال، يُحقَن المرضى غالبًا بأحماض أمينية لتزويدهم بهذه المغذيات قبل وبعد إجراء العملية الجراحية.

ويُعتبَر العلاج باستعمال نوع واحد من الأحماض الأمينية جزءًا من الإجراءات الطبية للسيطرة على حالة معينة من المرض، وأمثلة ذلك، يستعمل (L-dihydroxyphenylalanine) أو (الدوبا – L-dopa) لمرض باركنسون، والجلوتامين والهيستيدين في قرحة المعدة، والأرجنين والسيترولين والأورنثين في علاج أمراض الكبد.

كما تدخل مشتقات الأحماض الأمينية في صناعة الصابون والشامبو. وتستعمل أخرى في صناعة (المضادات الحيوية البيتا لاكتام – β-lactam antibiotics). ويحضر المحلي الصناعي الأسبارتام من مكونات منفصلة من الأحماض الأمينيّة حمض الأسبارتيك والفينيل ألانين.

الأحماض الأمينية وأصل الحياة على الأرض

السؤال حول سبب احتواء الكائنات الحية على الأرض (الأحماض الأمينيّة L – Lamino acids) بدلًا من (الأحماض الأمينيّة D – D amino acids) لا يزال لغزًا بلا حل. اقترح بعض العلماء منذ وقت طويل أن جزءًا ضخمًا من المركبات العضوية والتي كانت أسلافًا للأحماض الأمينية -وربما بعض الأحماض الأمينيّة عينها- ظهرت في بداية نشأة الأرض نتيجة تأثير مذنب أو نيزك.

أحد أمثلة النيازك الغنية بالمواد العضوية كان في 28 سبتمبر عام 1969، في مورشيسون، في ولاية فيكتوريا، في إستراليا. ويُعتقَد أن أصله مذنب، لاحتوائه على مستويات عالية من الماء تصل إلى 12٪. عُرفت أنواع كثير ومختلفة من الأحماض الأمينيّة في النيزك، بعضها موجود على كوكب الأرض. مع ذلك لم تدل بعض المكونات التي حُددَت على مصدر أرضي.

والأكثر تشويقًا هو التقارير المشيرة إلى أن الأحماض الأمينية في النيزك أظهرت كميةً كبيرةً من الأحماض الأمينية L. يمكن لمصدر خارج الأرض للحمض الأميني L أن يؤرخ لأصل الحياة في الأرض وبالتالي أن يفسر وجود الزيادة في الأحماض الأمينيةL في الأرض ما قبل نشأة الحياة.

اقرأ أيضًا:

سر انفصام الشخصية قد يكون محمولًا في حمض أميني

باحثون من جامعة ييل يحصلون على الحمض الأميني الحادي والعشرين

ترجمة: لُبيد الأغبري

تدقيق بدر الفراك

المصدر