العدلات نوع من الكريات البيضاء تساعد في علاج الأنسجة المتضررة والشفاء من العدوى. ترتفع معدلات العدلات في الدم بصفة طبيعية عند حدوث إصابات أو عدوى وغيرها من أنواع الإجهاد. يمكن لأعداد العدلات أن تنخفض في حالات الإصابة بعدوى شديدة أو مزمنة بالإضافة إلى تأثير بعض الأدوية أو العوامل الوراثية. تقي العدلات من العدوى عبر اعتراض الجزيئات الغازية والميكروبات وتعطيلها وهضمها، وتتواصل مع الخلايا الأخرى لمساعدتها في إصلاح الخلايا المتضررة وتحافظ على مناعة قوية في الجسم.

ينتج الجسم العدلات في نخاع العظم، إذ تشكل 55-70٪ من مجموع الكريات البيضاء في الأوعية الدموية. يملك الإنسان البالغ السليم 4500-11000 من العدلات في الميليمتر المكعب الواحد من الدم. عند الإصابة بعدوى أو مصدر آخر للالتهاب، تنبّه مواد كيميائية معينة العدلات التي تغادر بدورها نخاع العظم وترحل عبر الأوعية الدموية للوصول إلى الموقع المطلوب.

وبخلاف أنواع أخرى من الخلايا ومكونات الدم، تستطيع العدلات المرور عبر الوصلات بين الخلايا -التي تشكل الجدار المبطن للأوعية الدموية- والولوج مباشرة إلى داخل الأنسجة. في هذا المقال، سنلقي نظرة على أسباب ارتفاع معدلات العدلات وانخفاضها، وكيف يمكن للأطباء اختبار هذه المعدلات، بالإضافة إلى المعدلات العادية للعدلات عند مختلف المجموعات.

ما هي العدلات ووظيفتها

ما هي العدلات ووظيفتها

تتعدد أسباب ارتفاع وانخفاض معدلات العدلات:

معدلات مرتفعة

يُطلق على الحالة التي ترتفع فيها معدلات العدلات بصفة غير طبيعية neutrophilic leukocytosis أو neutrophilia؛ بما معناه كثرة الكريات البيض العدلة. ترتفع معدلات العدلات عادة عند وقوع إصابات جسدية وعند الإصابة بالعدوى، ولكن يمكن لأعداد العدلات أن ترتفع في حالات أخرى مثل:

● تعاطي بعض الأدوية مثل الكرتيكوستيرويد والأدوية التي تحتوي على الأدرينالين ومستثيرات المستقبلات.B2

● بعض أنواع السرطان

● الضغط النفسي والعاطفي

● الجراحة ومضاعفاتها

● التدخين

● الحمل

● حالات جينية مثل متلازمة داون.

● السمنة

● العدوى

● نقص في الفيتامينات.

● المرض

● الاستئصال الجراحي للطحال.

● بعض حالات الالتهاب مثل التهاب المفاصل الروماتيزمي والتهاب الكبد والتهاب الأوعية الدموية وداء الأمعاء الالتهابي.

معدلات منخفضة

يُطلق على الحالة التي تنخفض فيها معدلات العدلات بصفة غير طبيعية neutropenia؛ أي قلة العدلات. تنخفض معدلات العدلات عادة عندما يستخدمها الجسم بسرعة أكبر من سرعة إنتاجها في نخاع العظم أو عند وجود خلل في عملية إنتاجها.

يمكن لتضخم الطحال أيضًا أن يتسبب في انخفاض عدد العدلات لأنه من وظائف الطحال تدمير العدلات وبقية خلايا الدم.

يمكن لبعض الحالات المرضية وعمليات أخرى أن تسبب انخفاضًا في معدلات العدلات مثل:

● عدوى بكتيرية مزمنة أو حادة.

● اضطرابات تحسسية.

● تعاطي بعض أنواع الأدوية.

● اضطرابات متعلقة بالمناعة الذاتية.

بعض الحالات الخاصة والأدوية والعمليات التي تسبب اضطرابات في مستوى إنتاج العدلات:

● السرطان

● عدوى فيروسية مثل الإنفلونزا.

● عدوى بكتيرية مثل داء السل.

● التليف النقوي؛ وهو اضطراب يصيب نخاع العظم.

● نقص في الفيتامين B-12.

● العلاج بالأشعة الذي يؤثر في نخاع العظم.

● استعمال الفنيتوين (دواء مضاد للصرع ولاضطراب نظم القلب) والعقاقير السلفاوية (مضادات للبكتيريا).

● عقاقير المعالجة الكيميائية.

● السموم مثل البنزين ومضادات الحشرات.

● فقر الدم اللا تنسجي؛ وهي حالة مرضية يتوقف فيها نخاع العظم عن إنتاج خلايا دموية كافية.

● أمراض قلة العدلات الحادة الوراثية severe congenital neutropenia؛ وهي حالات لا تستطيع العدلات فيها أن تنضج.

● قلة العدلات الدورية cyclic neutropenia؛ والتي تتسبب في انخفاض وارتفاع أعداد الخلايا.

● قلة العدلات المزمنة الحميدة chronic benign neutropenia؛ والتي تنخفض فيها أعداد العدلات دون سبب ظاهر.

التحاليل

يستطيع الأطباء تحديد معدلات العدلات وتغيراتها عن طريق إجراء تحليل دموي يُعرف باسم (العد الدموي الشامل – complete blood count CBC )، إذ يمكن تحديد مستويات مختلف أنواع الكريات البيضاء عن طريق هذا الاختبار. يمكن للطبيب طلب إجراء هذا الاختبار عند ظهور أعراض متعلقة بالعدوى، والإصابات مثل الحمى والألم والإرهاق.

إذا أشارت النتائج الأولية للتحليل إلى نقص أو زيادة في عدد العدلات يطلب الطبيب عادة تحاليل إضافية لتأكيد النتائج. لتأكيد النتائج، يفحص الطبيب عندها المريض جسديًا ويتحرّى عن نمط عيش المريض وسوابقه المرضية والطبية. إذا لم يتضح سبب النسب غير الطبيعية للعدلات يطلب الطبيب عادة تحاليل أكثر دقة. يبحث عندها أخصائي المخبر عن أنواع أكثر تحديدًا من خلايا الدم مثل العدلات غير الناضجة والتي تلقب بـ (أرومة النقوية – myeloblasts). عند الإصابة بعدوى أو بمرض مزمن ينبثق هذا النوع من الخلايا من نخاع العظم ويُضخّ في الأوعية الدموية عوضًا عن مكان نضوجه الطبيعي وهو نخاع العظم.

في حال ارتفاع معدلات أرومة النقوية أو أنواع أخرى من خلايا الدم، يطلب الطبيب عادة أخذ عينة من نخاع العظم. يتطلب أخذ عينة من نخاع العظم إدخال إبرة طويلة داخل جزء من تجويف الحوض قرب المنطقة الخلفية للورك، يمكن لهذه العملية أن تتسبب بآلام شديدة للمريض لذلك يقوم بها الطبيب عادة في المستشفى مع تخدير موضعي على الأقل.

يتولى بعدها الخبراء فحص العينة لتحديد ما إذا كانت العدلات تتطور بصفة عادية أو لا، من ناحية العدد والشكل.

إذا بقيت أسباب المعدلات غير الطبيعية للعدلات غير واضحة يطلب الطبيب إجراء مزيد من الفحوصات لتحديد هذه الأسباب مثل:

• CT scans – التصوير المقطعي المحوسب.

• blood cultures – المزارع الدموية.

• تحليل عينة من البول.

• صورة للصدر بالأشعة السينية.

النتائج

عادة ما تدل تقلبات معدلات العدلات على تغيرات أكثر أهمية على مستوى الكريات البيضاء. تتغير كمية ونسبة الكريات البيضاء في الدم باختلاف المرحلة العمرية وحالات أخرى كالحمل. وعلى الرغم من أن كل شخص يملك أعدادًا مختلفة من الكريات البيضاء، فإن هذه الأعداد يمكن حصرها حسب الحالة:

● المولود الحديث: 13,000 – 38,000 في الملليمتر المكعب من الدم.

● الرضيع الذي يبلغ من العمر أسبوعين: 5,000 – 20,000 في الملليمتر المكعب من الدم.

● الكهل: 4,500 – 11,000 في الملليمتر المكعب من الدم.

● الأنثى الحامل (في الثلث الأخير): 5,800 – 13,200 في الملليمتر المكعب من الدم.

عندما ترتفع أعداد الكريات البيضاء فوق 11,000 في الملليمتر المكعب عند البالغين والنساء غير الحوامل تُسمى هذه الحالة (كثرة الكريات البيض – leukocytosis)، ويُطلق على الحالة التي ترتفع فيها أعداد العدلات فوق 7,000 في الملليمتر المكعب (كثرة الكريات البيض العدلة – Neutrophilic leukocytosis ).

يبلغ الحد الأدنى العادي من العدلات في الدم 1,500 في الملليمتر المكعب. عندما تكون أعداد العدلات منخفضة يُطلق على هذه الحالة اسم (قلة العدلات – (neutropeniaوكلما انخفضت أعداد العدلات أكثر أصبحت الحالة أكثر شدة:

● (قلة العدلات الخفيفة – Mild neutropenia): بين 1,000 و1,500 في الملليمتر المكعب.

● (قلة العدلات المعتدلة – (Moderate neutropenia: بين 500 و999 في الملليمتر المكعب.

● (قلة العدلات الشديدة – Severe neutropenia): بين 200 و499 في الملليمتر المكعب.

● (قلة العدلات الشديدة جدًا – (Very severe neutropenia: أقل من 200 في الملليمتمر المكعب.

لا تُعتبر التقلبات الصغيرة في مستويات وأعداد العدلات مصدرًا للقلق خصوصًا إذا كانت مؤقتة. وتدل المستويات المرتفعة للعدلات عادة على رد فعل الجسم تجاه العدوى أو الجروح أو الإجهاد. من المتعارف عليه أن بعض الأفراد بطبيعتهم يملكون أعدادًا منخفضة من الكريات البيضاء جراء عدد من الأسباب مثل الحالات الوراثية، وإذا ما كانت معدلات العدلات متغيرة بصفة ملحوظة دون سبب يُذكر يُفترض أن يطلب الطبيب إجراء التحاليل اللازمة لتحديد أسباب التقلبات في معدلات العدلات.

تستوجب الحالات التي ترتفع أو تنخفض فيها أعداد العدلات بشكل ملحوظ متابعة وعناية طبية، ويفضي الانخفاض الحاد في أعداد العدلات إلى نقص المناعة ورد فعل غير فعال تجاه العدوى. من المعتاد ملاحظة وجود أمراض أخرى خطيرة عند الحالات التي تنخفض فيها أعداد العدلات بشدة كالسرطان والالتهابات المزمنة، التي تمثل بدورها حالات طارئة تستوجب العلاج.

الخميرة الغذائية هي مصدر نباتي للفيتامين b12

كيفية خفض وزيادة معدلات العدلات

يبقى الحل الأمثل لمعالجة تقلبات معدلات العدلات أن يُعالَج السبب الرئيسي وراء ذلك.

تعالج المضادات الحيوية العدوى الناجمة عن البكتيريا، كذلك تعالج مضادات الفطريات العدوى الناتجة عن الفطريات، ويمكن معالجة بعض أنواع العدوى الناتجة عن الفيروسات بأدوية من شأنها التخفيف من نشاط الفيروسات، وتمثل دواعم العلاج مثل السوائل والراحة جزءًا لا يُستغنى عنه من خطة العلاج.

تستوجب الحالات التي تتغير فيها معدلات العدلات جراء الأدوية مراجعة للخطة العلاجية لتغيير الأدوية أو حتى التوقف عن استخدامها، ويجب على المصابين بالأمراض المزمنة التي تتسبب في إيقاف إنتاج العدلات أو نضوجها اللجوء إلى خطط علاجية تتطلب أخذ أدوية تساعد الجسم على زيادة نسب العدلات مثل:

● colony-stimulating factors – العوامل المنبهة للمستعمرات.

● Corticosteroids – الكرتيكوستيرويد.

● Anti-thymocyte globulin – الغلوبولين المضاد للخلايا المناعية.

● زراعة نخاع العظم والخلايا الجذعية.

عند الانخفاض الملحوظ في نسب العدلات يجب متابعة المريض جيدًا ووصف المضادات الحيوية له بالإضافة إلى إدخاله إلى المستشفى للوقاية من العدوى. تقي هذه الفترة من العناية المركزة المريضَ الذي يعاني من مناعة ضعيفة من العدوى وتأثير الكائنات المجهرية. تساعد فترة العناية أيضًا الجسم كي ينتج المزيد من الكريات البيضاء.

يمثل نقص الفيتامين B-12 أحد أكثر الأسباب شيوعًا لانخفاض أعداد العدلات، لذلك يُنصح بتناول الأغذية التي تحتوي على هذا الفيتامين لزيادة العدلات.

فيما يلي أمثلة من الأطعمة الغنية بالفيتامين B12:

● البيض

● الحليب ومشتقاته

● اللحوم

● السمك

● الدواجن

● حبوب الإفطار والخبز.

● المنتوجات المخمرة المغذية.

يُنصح أيضًا باتباع النصائح التالية تفاديًا لتقلبات معدلات العدلات:

● لا تجهد نفسك فوق طاقتك وتمارس أنشطة تفوق قدراتك الجسدية.

● قلّل من مصادر الضغط النفسي وحاول علاجه.

● راجع الطبيب عند ظهور أعراض العدوى مثل الحمى والإرهاق والأوجاع ثم التزم بخطة العلاج الموصوفة.

● اتبع حمية غذائية متوازنة وصحية.

● تناول البروتينات.

● عالج الأمراض المزمنة والتزم بخطة العلاج الموصوفة.

يجب التذكير كما سبق أن التغيرات الطفيفة في نسب العدلات لا تمثل مصدرًا للقلق ولا تستوجب العلاج عادة.

الخلاصة

من الضروري الإشارة إلى أهمية الدور الذي تلعبه مستويات العدلات في الدم وفي نخاع العظم من أجل المحافظة على نجاعة مناعة الجسم. إذا ما كانت معدلات العدلات متغيرة بصفة ملحوظة دون سبب يذكر فمن المعتاد أن يطلب الطبيب إجراء التحاليل اللازمة لتحديد أسباب التقلبات في معدلات العدلات.

عند الانخفاض الملحوظ في نسب العدلات يجب متابعة المريض جيدًا ووصف المضادات الحيوية له بالإضافة إلى إيوائه في المستشفى لوقايته من العدوى. وفي الختام، ننصحكم بضرورة إجراء فحوصات طبية بصفة دورية ومراجعة الطبيب عند وجود استفسارات.

اقرأ أيضًا:

ما هي الأعضاء التي يُمكن التبرُّع بها؟

ما هو الالتهاب ؟

يمكن للجراثيم والفيروسات أن تسبّب التهابًا رئويًا إلا أنّ أحدها أكثر ضررًا بالقلب

الجهاز المناعي: الأمراض والاضطرابات والوظيفة

ترجمة: غيث بنحسن
تدقيق: سلام طالب

المصدر