في الواقع إن مصطلح درون drone مأخوذ من عالم الخيال العلمي مباشرةً، وتُستخدم طائرات الدرون في التصوير السينمائي والمراقبة العسكرية والأنشطة الترفيهية، وتندرج التقنية تحت صنف مشترك بين علم الطيران والروبوتات وهندسة الميكاترونيك mechatronics، إذ يمكن أن تمتد هذه التقنية من طائرات الدرون العسكرية ذاتية القيادة كليًّا إلى الطائرات التي تعمل بأجهزة التحكم عن بُعد ويلهو بها الأطفال.

وتُسمى طائرات الدرون أيضًا الطائرات بدون طيار Unmanned Aerial Vehicles (UAV)، وتُستخدم أساسًا في الحالات التي تكون فيها الظروف الجوية جافةً أو غائمة أو خطرة على الطيارين البشريين. ومع ذلك ربما يكون مصطلح طائرة الدرون خادعًا، إذ يوجد منها الكثير من الأنواع. دعنا نلقي نظرةً على الأجزاء المختلفة التي تتكون منها طائرة الدرون الكلاسيكية.

ما هي تقنية طائرات الدرون؟ - ما هو الدرون - كيف تعمل الطائرات بدون طيار - الطائرات الصغيرة المسيرة عن بعد - طائرة صغيرة للاستخدام الشخصي

أجزاء طائرات الدرون

تكنولوجيا طائرات الدرون التي سنتناولها هي طائرة درون المستخدم العادي consumer-friendly drone التي قد يستخدمها أي شخص يملك مالًا إضافيًّا.

1- الإطار frame

أو الهيكل، وهو الجزء الأول والأهم في الطائرة. تُصنع الإطارات نموذجيًّا من البلاستيك أو ألياف الكربون، وتُصمَّم حسب طراز أذرع الطائرة (ثلاثية أو رباعية أو سداسية أو ثمانية)، وتحمل نهاية كل ذراع محركًا ومروحة، في حين يحمل مركز الطائرة أجهزة التحكم في الطيران، وذراع الثتبيت الإلكترونية للكاميرا (لجعل الكاميرا مستقلةً عن حركة الطائرة)، وبقية التجهيزات. يتركز أكثر الوزن في مركز الطائرة، للحفاظ على ميزة نقطة التوازن المركزية، فالوزن بالغ الأهمية لجميع أجزاء طائرة الدرون، وكلما كان الإطار أثقل، انخفض الارتفاع الذي تحققه الطائرة، ومع ذلك لا يجب أن يكون الإطار خفيفًا جدًّا، لتكون الطائرة قوية، ولهذا نستخدم ألياف الكربون التي تجمع بين المتانة والخفة.

2- المحركات motors

هي الجزء التالي في الأهمية. يوجد محرك مستقل لكل ذراع، وتعتمد وظائف المحرك على الطاقة المطلوبة، والوظيفة المطلوبة من المحرك، فإذا بُنيت طائرة بمحركات متعددة لتحمل حمولةً ثقيلة وتحقق أفضل زمن للطيران، عندها سيكون المحرك ذو عزم الدوران الأكبر مع دوران أقل فكرةً مثالية، لكن قد تتطلب أغراض أخرى نظامًا سريعًا وقويًّا مع قدرة على المناورة ومحركًا سريع الدوران. يرتبط قياس سرعة دوران المحرك (لفة/دقيقة rpms) بقيمة الكيلو فولت kV. تصل سرعة الطائرات الأسرع إلى 1400 كيلوفولت، في حين تتراوح طائرات الدرون الأبطأ مع عمر بطارية أطول في معدل 300-900 كيلو فولت، ويكون تمثيل هذه الأرقام صحيحًا فقط إذا تناسبت البطارية مع مراوح طائرة الدرون.

3- المراوح Propellers

تُعَد المراوح هي أجنحة طائرة الدرون، وتُصنَع من البلاستيك أو ألياف الكربون. وتُعَد ألياف الكربون الخيار الأفضل، لكنها أكثر كلفة. عند اختيار المراوح تأكد أن الإطار يناسب حجم المراوح التي اخترتها. يُشار في معظم الإطارات إلى أقصى حجم للمراوح التي يمكن أن يحتويها. إذا رغبت في الحصول على بنية أقوى، اختر المراوح الأصغر، والعكس للحمولة الأعلى، ورحلات الطيران الأطول.

تأتي المراوح عمومًا في أزواج، إحداهما دعامة دوارة في اتجاه عقارب الساعة، والأخرى عكس دوران عقارب الساعة. مصدر طاقة طائرة الدرون هو البطاريات، التي تأتي في مجموعة واسعة من الأوزان والسعات، ومن البديهي اختيار البطارية ذات السعة الأكبر لتحقيق زمن طيران أطول، لكن ليس هذا صحيحًا دائمًا، لأن زيادة سعة البطارية تعني زيادة الوزن، لذلك تصل زيادة السعة إلى حد معين تصبح بعده غير مفيدة.

هذه تفاصيل أدى تجاهلها إلى وقوع الكثير من المشاكل. إذا أردت بطاريةً من الطراز السداسي 6s، بسعة 10 آلاف أمبير/ ساعة، فتأكد أن محركاتك ووحدة التحكم الإلكترونية في السرعة من طراز6s أيضًا، من ثم يمكن لنظام التحكم في الطيران أن يدعمها.

4- وحدة التحكم الإلكترونية في السرعة ESCs

هي الجزء الأهم فيما يخص التحكم، وهي المسئولة عن تشغيل المحركات. تحدد وحدة التحكم في السرعة قيمة التيار الذي يصل بثبات إلى نظام المحرك، ولأن المحركات تدور بسرعات مختلفة، فهي بحاجة إلى جهاز تحكم لتحديد هذه السرعات.

إذا كانت جميع المحركات تدور بنفس السرعة، ستبقى الطائرة دائمًا محلقةً في الهواء، لكن بتغيير السرعات نتحكم في حركة الطائرة. في حالة طائرات الدرون، لا يتحقق التحكم في ميل الطائرة بالتحكم في ميل ذراع الدوران، بل بالتحكم في الفرق بين سرعة المحركات. ويُوصى باستخدام أربعة وحدات متماثلة للتحكم الإلكتروني بالسرعة.

يعمل المرسِل والمستقبِل على إنشاء اتصال بين طائرة الدرون والشخص المتحكم فيها، يتصل المرسل بوحدة التحكم في الطائرة، فيوصل المدخلات إليها، ثم يُخرج الأوامر منها إلى المحركات، ويُعَد اختيار أجهزة الإرسال مهمًّا للغاية، ويعتمد اختيار المرسل على عدد القنوات اللازمة للتشغيل.

الحد الأدنى للقنوات في طائرة الدرون متعددة المحركات هو 4 قنوات (للتشغيل، والميل، والانحراف، والسرعة)، ويُعَد وجود أكثر من 4 قنوات ميزة، إذ يمكن حينها استخدام قناة منفصلة للطيار الآلي، وأخرى لتشغيل الكاميرا، وثالثة لأجزاء الهبوط، إلخ.

آلية الطيران

بعد أن تعرفنا على الأجزاء الأساسية لطائرة الدرون متعددة المراوح، أصبح بوسعنا مناقشة كيف تستطيع هذه الأجزاء مجتمعةً الطيران. فلنستخدم طائرة درون رباعية المراوح quadcopter مثالًا. تستخدم الطائرة 4 مراوح، يمدها بالطاقة 4 محركات كل منها مثبت على ذراع منفصلة، وتدور كل مروحة مولدةً عزم الدوران torque الخاص بها.

ينص قانون نيوتن الثالث على أن لكل فعل رد فعل يساويه في الشدة ويعاكسه في الاتجاه، لذا سيتطلب دوران المروحة دوران الذراع الذي يحملها في الاتجاه المعاكس، وهو ما يسمى رد فعل عزم الدوران، وهذا هو سبب وجود مروحة الذيل في طائرات الهليكوبتر، لتعويض عزم دوران جسم الطائرة.

لكن في الطائرة رباعية المراوح، لا ضرورة لوجود مروحة الذيل، إذ يمكن مقاومة عزم دوران كل مروحة بعزم دوران مساوٍ ومعاكس من المروحة المقابلة، فتلغي كل مروحة عزم دوران المروحة المجاورة لها، وهذا يحقق الكفاءة في تحليق الطائرة رباعية المراوح، أما في حالة الهليكوبتر يولد التحليق بطاقة أكبر المزيد من عزم الدوران، ما يتطلب توليد مروحة الذيل لطاقة أكبر، ما يصعب على قائد الطائرة مهمة التحليق بسلاسة.

هذه مشكلة غير موجودة في طائرات الدرون متعددة المراوح، لأن زيادة الطاقة دائمًا متساوية ومتعاكسة في نظام المراوح. لكن ليس المطلوب من الطائرة التحليق فحسب بل الحركة إلى الأمام أيضًا، ويتحقق ذلك بتطبيق طاقة أقل على المراوح الأمامية، وطاقة أكبر على المراوح الخلفية، ويُطبَّق هذا المبدأ على جميع اتجاهات الدوران.

لكن كيف تتجه الطائرة يمينًا أو يسارًا؟ إذا أردنا الطائرة أن تنحرف نحو اليسار -مثلًا- فيعني هذا أننا نريد من رد فعل عزم الدوران أن يكون أكثر قوةً في جهة اليسار، وهو ما يسمى بحركة Yaw، أو الالتفاف وفق المحور الشاقولي، فتطبق الطائرة طاقةً أكبر على المراوح التي عزم دورانها في اتجاه اليسار (أي مراوح الدوران الموافقة لاتجاه عقارب الساعة). أما حركة الارتفاع والانخفاض فهي بسيطة للغاية، إذ يحقق زيادة الطاقة إلى نظام المراوح الارتفاع، أما خفض الطاقة فيحقق الهبوط.

يمكنك أيضًا أن تجعل طائرتك الدرون رباعية المراوح تطير بطرق متعددة، فيمكن أن تجعلها تُقلع مع حركة التفاف بطيئة، مع تطبيق ميل خفيف إلى أعلى. وتأخذ الخوارزميات والأكواد البرمجية في حاسوب الطيران هذه الاتجاهات بعين الاعتبار، وتُطبِّق الطاقة اللازمة على كل مروحة، ما يتيح للدرون رباعية المراوح تحقيق طيران مستقر وسلس. لذا، في المرة القادمة التي تستخدم فيها طائرتك الدرون، ستعرف تمامًا مقدار التخطيط والتكنولوجيا الدقيقة اللازمة لذلك.

اقرأ أيضًا:

خفاش روبوتي قد يشكل مستقبل الطائرات بدون طيار

قصة الأخوين رايت والطيران الأول

ترجمة: فارس بلول

تدقيق: عبد الرحمن عبد

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر