يُعد العلاج المناعي تطوّرًا هامًا في مجال طب الأورام، إذ يساعد الجسم على محاربة السرطان، وقد حسّن توقعات العلاج في السنوات الأخيرة، ولكن الأمر لا يخلو من وجود آثارٍ جانبية، فقد تسبب العلاجات المناعية في بعض الأحيان ردة فعلٍ عكسية مبالغًا بها من قبل الجهاز المناعي، وهذا ما يُعرف بـ متلازمة إفراز السيتوكين التي قد تؤدي إلى حالة التهابيةٍ وانسمامية في الجسم بأكمله، وفي حين أن بعض حالات متلازمة إفراز السيتوكين بسيطة سهلة العلاج، فإن البعض الآخر قد يكون قاتلاً.

يعتمد العلاج على شدة الحالة ويتضمن غالبًا الأدوية المثبطة للمناعة والتزويد بالأكسجين، فما هي أسباب متلازمة إفراز السيتوكين إذن؟ ما هي أعراضها؟ وكيف تُعالج؟ سيجيبنا هذا المقال.

متلازمة إفراز السيتوكين:

متلازمة إفراز السيتوكين هي مجموعة من الأعراض التي تتطور إمّا أثرًا جانبيًا لعلاجٍ مناعيّ أو استجابةً للإنتان، وقد حدثت هذا المتلازمة كاختلاطٍ للعديد من حالات الاستشفاء الوخيمة بسبب فيروس كورونا (COVID-19).

ما هي السيتوكينات؟

هي نوع من البروتينات المسؤولة عن توجيه الاستجابة المناعية بمختلف مراحلها، إذ تساعد على التحكم في عمل ونمو خلايا المناعة والدم، وقد تسبب المستويات العالية جدًا من السيتوكينات تفعيلًا معمّمًا ومبالغًا به في جهاز المناعة، ما يؤدي إلى حدوث التهاب ومجموعة واسعة من الأعراض.

العديد من حالات متلازمة إفراز السيتوكين خفيفة وتسبب أعراضًا مثل الحمى والغثيان، لكن قد تؤدي الحالات الشديدة منها إلى قصور الأعضاء المتعدد والموت.

تحدث متلازمة إفراز السيتوكين عندما يتسبب العلاج المناعي في إطلاق الكثير من السيتوكينات في جميع أنحاء الجسم، ويمكن أن تحدث أيضًا عندما يستجيب الجسم للإنتان بإنتاج الكثير من السيتوكين، إذ تقوم المستويات العالية من السيتوكينات في مجرى الدم بزيادة سرعة الجهاز المناعي وفاعليته، ما يؤدي إلى حدوث استجابة التهابية معممة.

تزيد أنواع معينة من العلاج المناعي خطرَ الإصابة بمتلازمة إفراز السيتوكين وأهمها:

  •  Blinatumomab: الأطفال الذين يتلقون العلاج به لديهم خطر أعلى للإصابة.
  •  Ttisagenlecleucel: الخطر أعلى لدى الأطفال أيضًا.
  •  Rituximab: الخطر أعلى لدى جميع الأعمار المعالجة بهذا الضد وحيد النسيلة.

إضافة إلى ذلك فإن بعض المجموعات التي تخضع للعلاج المناعي معرضة لخطر أكبر، وهذا يشمل:

  •  البالغين من العمر 65 عامًا أو أكثر.
  •  الموجودين في منشآت الرعاية التمريضية.
  •  المصابين بأي نمط من أنماط السكري.
  •  المصابين بأمراض القلب.
  •  الذين لديهم حالة صحية مستبطنة تؤثر على جهاز المناعة.
  •  الذين يعانون السمنة.

هل هناك مراحل مختلفة من متلازمة إفراز السيتوكين؟

يصنف الأطباء حالات المتلازمة إلى مراحل بناءً على شدة الأعراض، وتوجد أربع مراحل أو درجات، والمراحل الأعلى هي الأكثر خطورة، وتشمل العوامل التي تُستخدم في تحديد المرحلة:

  •  شدة الأعراض.
  •  ضغط الدم، النظم القلبي، معدل التنفس وغيرها من العلامات الحيوية.
  •  عدد التداخلات الطبية اللازمة.
  •  قدرة الشخص على التنفس العفوي.
  •  وجود سمية أو تلف في الأعضاء.

لا تعتمد كل المنشآت الطبية نفس المراحل بالضبط، وتقسم المراحل العامة على النحو التالي:

  •  المرحلة الأولى: تسبب هذه المرحلة أعراضًا خفيفة، وتستجيب للعلاج.
  •  المرحلة الثانية: تسبب هذه المرحلة أعراضًا معتدلةً وتتطلب العلاج، سمية الأعضاء موجودة وقد يكون الدعم بالأكسجين ضروريًا.
  •  المرحلة الثالثة: الأعراض شديدة في هذه المرحلة وتتطلب علاجًا قويًا، سمية الأعضاء موجودة والدعم بالأكسجين لا بد منه، ويكون ضغط الدم منخفضًا للغاية.
  •  المرحلة الرابعة: تسبب هذه المرحلة أعراضًا مهددة للحياة. قد يحتاج المصابون إلى التهوية الآلية وتكون سمية الأعضاء لديهم وخيمة.

ما أعراض متلازمة إفراز السيتوكين؟

تختلف أعراضها باختلاف المرحلة والأعضاء المصابة، وتتدرج من خفيفة إلى قاتلة، تشمل الأعراض العامة لمتلازمة إفراز السيتوكين ما يلي:

  •  حمى.
  •  قشعريرة.
  •  تعب.
  •  فقدان شهية.
  •  غثيان.
  •  إقياء.
  •  صداع.
  •  آلام عضلية.
  •  آلام مفصلية.
  •  طفح جلدي.

إذا تطورت متلازمة إفراز السيتوكين إلى مراحل لاحقة، قد يحدث ما يلي:

  •  هبوط التوتر الشرياني.
  •  تسرع معدل القلب.
  •  تورم الساقين والقدمين.
  •  تخليط ذهني.
  •  دوخة.
  •  صعوبة في التواصل.
  •  فقدان التنسيق والمهارات الحركية الدقيقة.
  •  اختلاجات.
  •  الهلوسة.
  •  السعال المزمن.
  •  ضيق التنفس.
  •  انخفاض مستوى الأكسجين في الدم.

هل يمكن منع هذه المتلازمة عن طريق تجنب العلاج المناعي؟

العلاج المناعي ليس السبب الوحيد لمتلازمة إفراز السيتوكين، فهو يزيد خطر حدوثها بشدة، لكن حتى الذين لم يتلقوا علاجًا مناعيًا مطلقًا يمكن أن يصابوا بها أيضًا.

لا يمكن منع هذه المتلازمة بنسبة 100٪؜، لكن تقليل جرعة أدوية العلاج المناعي قد يقلل من خطر الإصابة.

تجب دومًا استشارة الطبيب حول العلاج المناعي والمخاطر الفردية، إذ يمكنهم وصف الجرعة المحددة أو نوع معين من العلاج يحمل أقل المخاطر بالنسبة للفرد.

كيف تُعالج هذه المتلازمة؟

يختلف علاج متلازمة إفراز السيتوكين تبعًا للمراحل والأعراض، إذ يختلف المسار تمامًا في الحالات الخفيفة بمراحلها الباكرة عن الحالات الشديدة المتأخرة؛ وقد تلعب الحالة العامة للشخص والوضع الحالي لعلاج السرطان دورًا في كيفية العلاج أيضًا.

يشمل العلاج:

  •  المراقبة: يُراقب الأشخاص المعرضون لخطر الإصابة تحسبًا لوجود أي أعراض تشير إلى بدء الحالة، يتضمن هذا عادةً العلاج بالأدوية المثبطة للمناعة للوقاية من متلازمة إفراز السيتوكين وإجراء تحاليل لمراقبة ارتفاع مستويات السيتوكين.
  •  تدبير الأعراض: يتضمن العلاج أيضًا علاج الأعراض، يشمل هذا العقاقير المقوية للقلب، ضبط الضغط الشرياني، تدبير الألم ومنع نوب الاختلاج.
  •  الدعم بالأكسجين: الدعم بالأكسجين ضروري عادةً إلا في الحالات الخفيفة جدًا. في الحالات الشديدة قد تكون هناك حاجة إلى التهوية الآلية.
  •  نقل الدم: قد يساعد نقل الدم في تحسين الأعراض وزيادة مستويات الأكسجين في الدم.
  •  كبت الجهاز المناعي: تُعالج متلازمة إفراز السيتوكين الشديدة باستخدام الكورتيكوستيروئيدات والأدوية الأخرى المثبطة للمناعة مثل توسيليزوماب و سيلتوكسيماب، والتي تمنع إطلاق السيتوكين.

اقرأ أيضًا:

علاج جديد للسرطان يدرب الجهاز المناعي على قتل الأورام تاركًا الأنسجة السليمة

ما عاصفة السيتوكين؟ ولماذا تتدهور حالة مرضى كوفيد-19 بسببها؟

ترجمة: هيا منصور

تدقيق: بتول جنيد

المصدر