يُعد ألزهايمر أكثر أشكال الخرف شيوعًا، وهو يُؤثّر في الذاكرة والتفكير والسلوك، وقد يتفاقم تدريجيًا إلى أن يعرقل أداء الأنشطة اليومية والمهام الأساسية. مع أن داء ألزهايمر عادةً ما يُشخّص لدى كبار السن، فإنه قد يصيب أيضًا الأشخاص الأصغر، في العقد الرابع والخامس من العمر، وعند ظهوره قبل بلوغ سن الخامسة والستين، يصبح اسمه مرض ألزهايمر مبكر البدء أو ألزهايمر سن الشباب.

لا يُرصد مرض ألزهايمر مبكر البدء سوى لدى نسبة ضئيلة من المصابين، وغالبًا ما تبدأ إصابتهم به خلال العقد الرابع أو الخامس من عمرهم.

تتشابه معظم حالات ألزهايمر مبكر البدء في طبيعتها، مع ذلك توجد بعض الفروقات الدقيقة بين أنواعها مثل:

  •  ألزهايمر النمطي، وهو الشكل الأكثر شيوعًا بين المصابين بألزهايمر في سن مبكرة، ويتطور المرض فيه بوتيرة مشابهة لما يحدث لدى كبار السن.
  •  ألزهايمر الوراثي أو العائلي، يُعد هذا النوع من الأشكال النادرة للغاية، ويُعزى إلى طفرات جينية محددة توجد لدى عدد محدود من الأفراد حول العالم، وغالبًا ما تبدأ أعراضه بالظهور خلال العقد الرابع وحتى السادس من العمر.

ما العوامل الكامنة وراء ألزهايمر مبكر البدء؟

مع أن السبب الدقيق وراء نشوء داء ألزهايمر لا يزال غير معروف، فإن الباحثين يرجّحون وجود دور مدمر لبروتينين: يسمى الأول بروتين بيتا-أميلويد وهو يتراكم على شكل لويحات، أما الثاني فهو بروتين تاو الذي يشكل أليافًا متشابكة، مع أن هذه التراكمات تظهر طبيعيًا مع التقدّم في العمر، فإن المصابين بداء ألزهايمر يعانون مقدارًا يفوق المعدلات المعتادة. تبدأ هذه التراكيب بإلحاق الضرر بمناطق الدماغ المسؤولة عن الذاكرة ثم تمتد إلى مناطق أخرى، لكن لم يتوصل العلماء بعد إلى سبب تكوّن هذه الكميات الكبيرة من اللويحات والألياف المتشابكة أو كيفية انتشارها وإحداثها الضرر في الدماغ.

من الفئات الأكثر عرضةً إلى الإصابة بألزهايمر مبكر البدء؟

حتى الوقت الراهن، يُعد وجود تاريخ عائلي للمرض العامل الوحيد المعروف الذي يزيد احتمالية الإصابة به في سن مبكرة.

ما أعراض ألزهايمر مبكر البدء؟

عادة ما تتطابق أعراض الشكل المبكر من المرض مع الأعراض المعروفة لداء ألزهايمر.

تشمل الأعراض في المراحل المبكرة من المرض:

  •  تكرار نسيان معلومات أساسية، خصوصًا ما تعلمه المرء مؤخرًا أو تواريخ مهمة.
  •  السؤال عن المعلومة ذاتها مرارًا وتكرارًا.
  •  صعوبة في أداء المهام البسيطة مثل متابعة الفواتير أو تنفيذ وصفات مألوفة.
  •  فقدان الإحساس بالزمن أو التاريخ.
  •  الارتباك في إدراك الموقع أو طريقة الوصول إليه.
  •  مشكلات في الرؤية، مثل ضعف إدراك العمق
  •  التردد أو العجز عن إيجاد الكلمات المناسبة في أثناء الحديث.
  •  ضياع الأشياء وعدم القدرة على استرجاع الخطوات للوصول إليها.
  •  تراجع تدريجي في القدرة على اتخاذ قرارات سليمة.
  •  الانسحاب من التفاعل المهني والاجتماعي.
  •  تغيرات ملحوظة في المزاج أو السلوك العام.

أما الأعراض المتأخرة فتتضمن:

  •  تقلّبات حادة في المزاج وتغيرات غير معتادة في السلوك.
  •  ازدياد حدة الارتباك بشأن المكان والزمان والأحداث الحياتية.
  •  تزايد مشاعر الشك تجاه المحيطين أو مقدّمي الرعاية.
  •  صعوبات متفاقمة في الكلام أو البلع أو الحركة.
  •  فقدان ملحوظ للذاكرة.

كيف يمكن تشخيص ألزهايمر مبكر البدء؟

يعتمد تشخيص ألزهايمر المبكر حاليًا على رصد علامات التراجع العقلي المذكورة آنفًا، وتأكيد الإصابة بالمرض بواسطة سلسلة من الفحوصات.

لتشخيص ألزهايمر المبكر، يبدأ الطبيب بجمع معلومات شاملة عن التاريخ الصحي، ثم إجراء اختبارات إدراكية لتقييم الذاكرة والقدرات الذهنية الأخرى. حال أظهرت النتائج مؤشرات على تراجع الإدراك، يوصي الطبيب بالخضوع لاختبارات أكثر تعمقًا لدى اختصاصي في علم النفس العصبي. قد يطلب الأطباء أيضًا فحوصات للدم والبول والسائل النخاعي، فضلًا عن استخدام التصوير بالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي لتحديد مدى الضرر اللاحق بأنسجة الدماغ.

يأمل الباحثون أن تتيح الأبحاث الجارية حول الواسمات الحيوية تسريع تشخيص مرض ألزهايمر في المستقبل، إذ تمثل هذه الواسمات دليلًا يمكن الاعتماد عليه في رصد مسار تطور المرض، سواء كانت بروتينات أو مؤشرات كيميائية أخرى.

كيف يُعالج ألزهايمر المبكر؟

صحيح أنه لا يوجد علاج شافٍ لداء ألزهايمر المبكر في الوقت الراهن، إلا أن بعض التدخلات الطبية أثبتت فعاليتها في الحفاظ على الوظائف الذهنية، وضبط السلوك، وإبطاء تطور المرض لدى عدد من المصابين.

فضلًا عن ذلك، تُستخدم بعض الأدوية لدعم الأداء الذهني لدى المصابين بالمرض، مثل دونيبيزيل، ريفاستيغمين، غالانتامين، ميمانتين، وليكانماب.

رغم وجود تفاوت في استجابة المرضى لهذه الأدوية، فإنها ساعدت بعضهم على تخفيف الأعراض لفترات تراوحت بين عدة أشهر وسنوات.

مع ذلك، ثمة وسائل علاجية أخرى يُعتقد أنها تؤدي دورًا في إبطاء وتيرة المرض، مثل النشاط البدني، وعلاج أمراض القلب والسكري، ومضادات الأكسدة، والتدريب الذهني. لا تزال الأبحاث في هذا المجال مستمرة، ويومًا بعد يوم يكتشف الباحثون مزيدًا من التفاصيل حول طبيعة ألزهايمر.

هل تمكن الوقاية من ألزهايمر مبكر البدء؟

لم يحدد الخبراء بعد وسيلةً مؤكدة للوقاية من مرض ألزهايمر، بيد أن بعض الأدلة الحديثة تشير إلى أن التشخيص المبكر قد يُتيح المجال لفرص علاجية أكثر فعالية. لذا يُنصح بملاحظة العلامات التحذيرية المبكرة المذكورة سابقًا، ومراجعة الطبيب عند ظهورها. يستحسن أيضًا الحفاظ على النشاط البدني والعقلي، إلى جانب التفاعل الاجتماعي، إذ يُعتقد أن هذه العوامل قد تساهم في الحماية من المرض.

كيف يمكن التعايش مع داء ألزهايمر مبكر البدء؟

يمثل ألزهايمر المبكر تحديًا صعبًا على الصعيدين النفسي واليومي، إلا أن تبنّي نظرة إيجابية والاستمرار في ممارسة الأنشطة الذهنية والبدنية قدر الإمكان قد يساعدان على التكيف مع المرض.

ينبغي أيضًا الإقرار بأن المرء لا يجدر أن يظل وحيدًا في مواجهة المرض، إذ يمكن الاعتماد على دعم الأهل والأصدقاء، إلى جانب أن الانضمام إلى مجموعات الدعم إن وُجدت قد يقدم فائدةً نفسية وعملية.

حينما لا يزال مرض ألزهايمر المبكر في مراحله الأولى، يُعد التخطيط للمستقبل أمرًا ضروريًا، ويتضمن ذلك إدارة الشؤون المالية، والتنسيق مع أصحاب العمل بشأن المهام الحالية والمستقبلية، وفهم التغطية التأمينية الصحية، وترتيب الوثائق الهامة تحسبًا لأي تدهور في الحالة الصحية مستقبلًا.

رغم عدم وجود علاج شافٍ لمرض ألزهايمر بعد، إلا أن تحسين جودة الحياة رغم الظروف ما زال أمرًا ممكنًا عبر الحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية وممارسة عادات صحية مثل:

  •  اتباع نظام غذائي متوازن.
  •  ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  •  تقليل استهلاك الكحول.
  •  الاعتماد على وسائل الاسترخاء للتقليل من التوتر.

متى ينبغي التواصل مع الطبيب المتخصص في علاج الحالة؟

على غرار الحال مع أي مرض آخر، تُعد مراقبة الحالة الصحية أمرًا بالغ الأهمية، حال ظهور أي تغيّرات فجائية، قد يستدعي ذلك تدخلًا إضافيًا، سواء لدى المريض ذاته أو لدى من يتولى رعايته، وينبغي هنا التواصل مع الطبيب لمناقشة الخطوات التالية.

نقاط أساسية:

  •  مع أن داء ألزهايمر يُشخّص عادةً لدى كبار السن، فإن الشكل المبكر منه قد يظهر لدى من هم في العقد الرابع أو الخامس من عمرهم.
  •  يؤثر المرض في الذاكرة والوظائف الإدراكية والسلوك.
  •  لا يوجد علاج نهائي للمرض، إلا أن التشخيص والمعالجة المبكرة قد يساهمان في تحسين نوعية الحياة.
  •  يُعد الحفاظ على نظام غذائي صحي وممارسة التمارين بانتظام جزءًا من الاستراتيجية الوقائية من المرض.
  •  يُوصى بتجنب الكحول والمواد الأخرى التي قد تؤثر سلبًا في الذاكرة أو التفكير أو السلوك.

ما الخطوات التالية التي ينبغي اتخاذها؟

فيما يلي نصائح لتحقيق الاستفادة القصوى من زيارة الطبيب:

  • تحديد سبب الزيارة بوضوح، ومعرفة الهدف المراد تحقيقه فيها.
  • تدوين الأسئلة المرغوب في طرحها قبل الموعد.
  • إحضار شخص مرافق يمكنه المساعدة في توجيه الأسئلة وتذكّر التعليمات أو التوصيات.
  • تسجيل التشخيصات الجديدة، والأدوية أو العلاجات أو الفحوصات المُقترحة، إلى جانب أي إرشادات إضافية تُقدَّم خلال الزيارة.
  • فهم سبب وصف أي دواء أو علاج جديد، وكيفية تأثيره، إضافةً إلى معرفة آثاره الجانبية المحتملة.
  • الاستفسار عما إذا كانت هناك خيارات علاجية بديلة.
  • معرفة الغاية من أي فحص أو إجراء، وفهم مدلولات النتائج المحتملة.
  • فهم التبعات المتوقعة في حال الامتناع عن تناول العلاج أو إجراء الفحوصات.
  • تدوين موعد المتابعة التالي، مثل التاريخ والوقت والغرض من الزيارة.
  • معرفة وسائل التواصل مع مقدم الرعاية الصحية، خصوصًا خارج أوقات الدوام الرسمي أو خلال عطلات نهاية الأسبوع والإجازات.

اقرأ أيضًا:

أصغر مصاب بمرض ألزهايمر، مراهق يبلغ من العمر 19 عامًا في الصين!

استجابة النساء والرجال قد تختلف تجاه أدوية ألزهايمر الحديثة

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر