مرض جنون البقر يضرب حيث لم يكن متوقعًا له أن يضرب!


كان مرض «كروتزفيلد جاكوب» (vCJD) حتى الآن مرضًا مميتًا، ومُسبب بعدوى من مرض «اعتلال الدماغ الإسفنجي» أو ما يسمى: «جنون البقر»، ومنذ أن عرف حتى الآن؛ عبارة عن مرض يصيب الأشخاص ذوي بنية جينية محدّدة. أما الآن وللمرة الأولى فقد أكد العلماء حدوث إصابة لدى شخص ببنية جينية مغايرة عن البنية التي اعتاد المرض أن يصيبها؛ وهذه المُكتشفات تعني أننا قد أخطأنا في تشخيص موجة من الإصابات بهذا المرض.

في أواخر عام 2014 بدأت لدى رجل في 36 من العمر أعراض تغير حاد في الشخصية وفقدان في الذاكرة ومشاكل في المشي، أظهر مسح الدماغ بالتوافق مع الأعراض أن المريض مصاب بداء «كروتزفيلد جاكوب» والذي كان يعتبر مرضًا يصيب كبار السن وغير مرتبط باعتلال الدماغ الإسفنجي، ولكن لأن المريض كان صغيرًا في السن فُحص «البريون» (Prions) الخاص به مرتين بعد أن توفي في فبراير من عام 2016. وتبين بأنه مصاب بداء «كروتزفيلد جاكوب» المسبب من اعتلال الدماغ الإسفنجي.

وكانت المفاجئة في حمضه النووي (DNA). إن اعتلال الدماغ الإسفنجي هو مرض مسبب بواسطة بروتين شاذ يسمى «البريون». تنتشر البريونات في الدّم مع البروتينات الطبيعية، تتراكم هذه البريونات في الدماغ مسببة آفات عصبية؛ ومؤدية إلى الوفاة في نهاية الأمر.

إن البروتين الطبيعي يأتي بشكلين، إما أن يموضع الحمض الأميني «المتيونين» في الموقع 129 في السلسلة التي تكون البروتين، أو يموضع: «الفالين». ونرث نحن البشر الجين الممثل لهذا البروتين من كلا والدينا. وتوجد لدينا ثلاث احتمالات؛ إما أن نكوّن «المتيونين»، أو «الفالين»، أو كلا الحمضين الأمينيين.

إن 223 مريضًا الذين شُخّصوا بإصابتهم بداء «كروتزفيلد جاكوب» بما فيهم 177 شخصًا في المملكة المتحدة؛ قد كانوا من الأشخاص المكوِّنين للمتيونين. لكن الرجل ذو الستة وثلاثين عامًا كان لديه كلا الحمضين الأمينين، مما جعله أول حالة تُصاب منذ جائحة عام 2008.

من الممكن أن يرجع سبب ظهور هذه الحالة إلى كون الأشخاص الذين يملكون كل النوعين من البروتينات يحتاجون إلى وقت أكبر حتى تظهر لديهم أعراض داء «كروتزفيلد جاكوب».

فقط الشكل الحاوي على المتيونين يمكن أن ينشأ عن «جنون البقر» (اعتلال الدماغ الإسفنجي)؛ ولأن هؤلاء من الأشخاص الذي يحوي البروتين لديهم على «المتيونين» فيحتاج المرض لفترة أطول ليتراكم البروتين في أجسادهم.

مرض «كورو» (Kuru) هو أيضا من الأمراض الناتجة عن «البريون»، وهو أيضا يحتاج وقتًا أطول ليتطور عند الأشخاص الذين يوجد لديهم كلا النوعين من البروتينات.

ويقول غراهام جاكسون من جامعة لندن: «منذ عام ألفين أخذت حالات كروتزفيلد جاكوب بالانخفاض في المملكة المتحدة، لكن من المعتقد أن تحدث موجة أخرى من المرض لتصيب الاشخاص الذين يملكون كلا النوعين من البروتينات». في المملكة المتحدة 38 % من الأشخاص يملكون البروتين الحاوي على المتيونين، بينما 51 % يملكون كلا النوعين.

أجرى الباحثون في عام 2013 الحسابات وتبين لديهم أن واحدًا من أصل كل ألفي شخص في المملكة المتحدة سيحمل البريون، وذلك عن طريق عد الزوائد المستأصلة. ولكن الحالة المكتشفة لم تتواجد فيها البريونات في الزائدة، مما يعني أن المسح الذي شمل الحالات الحاوية على البروتينات بشكل مفرد قد أضاع الكثير من الحالات الحاوية على كلا البروتينين.

إن موجة الإصابات الجديدة قد تكون بدأت بالفعل. إن معدل تشخيص داء «كروتزفيلد جاكوب» قد تضاعف منذ أواسط التسعينات. يقول جاكسون: «حدث هذا بسبب التشخيص الجيد، لكن مع ذلك ما تزال الحالات في ارتفاع».

وكما ظهرت أعراض داء «كروتزفيلد جاكوب» بشكل كلاسيكي، فإن جاكسون يخشى أن الأشخاص الذين يملكون نوعين مختلفين من البروتين قد أخطئ في تشخيصهم، والكثير منهم دفن دون إجراء تشريح.

حدث التعرض لبريون «جنون البقر» بكميات كبيرة في المملكة المتحدة حتى عام 1989، ثم أخرج اللحم المشكوك بأمره من السلسلة الغذائية. وحتى الآن لايوجد مرضى بداء «كروتزفيلد جاكوب» ولودوا بعد عام 1989.

لحسن الحظ، يبدوا أن هذه البريونات تتطور لتشكيل المرض في حالات قليلة. وحتى لو أن واحدًا من أصل 2000 شخص يحملون البريون، فإن 6000 حالة من داء كروتزفيلد جاكوب كانت قد تطورت لدى الأشخاص ذوي البروتين الحاوي على المتيونين بحلول هذا الوقت.


ترجمة: كمال سلامي
تدقيق: إسماعيل الحسناوي
المصدر