أعلنت إدارة الفضاء الوطنية الصينية في 29 يونيو أن مسبار «تيان وين-1»، الذي وُجد على سطح المريخ لأكثر من سنة، تمكن من التقاط صور لكل الكوكب.

أثارت تسمية المسبار إعجاب المجتمع العام، إذ يعني الاسم بالصينية «الرحلة إلى الحقيقة السماوية». وتتألف المهمة من ستة أجزاء، لكل منها طريقة عمل وهدف. أهم جزئين في هذه المهمة المركبة المدارية والمركبة الجوالة زورونغ، التي يمكنها التنقل على سطح الكوكب الأحمر. أما باقي الأجزاء فهي تتضمن كاميرتين يمكن فصلهما، وكاميرا يمكن التحكم بها من بُعد، ومركبة إنزال.

التقطت المركبة المدارية هذه الصور خلال نحو 1344 رحلة مدارية حول المريخ، ما مكنها من تصوير الكوكب من كل الزوايا، وبالتوازي، اكتشفت المركبة الجوالة السطح مباشرةً، وقد أعلنت إدارة الفضاء أن المهمة تمت بنجاح.

أُطلقت مهمة تيان وين-1 في 23 يوليو 2020، في ظل تفاقم جائحة كورونا.

تتميز مهمة تيان وين-1 بالقدرة على الجمع –للمرة الأولى- بين مركبة سيارة على سطح المريخ، ومسبار مداري. وبذلك تصبح الصين صاحبة السبق في تحقيق ذلك الأمر.

شكل نجاح هذه المهمة منذ اللحظة الأولى إنجازًا عظيمًا في عالم الفضاء، وإنجازًا عالميًا لإدارة الفضاء الوطنية الصينية، إذ إن آخر مهمتين مشابهتين لمهمة تيان وين-1، كانتا مهمة فايكينغ-1 ومهمة فايكينغ-2، التي أشرفت وكالة ناسا على إطلاقهما.

سابقًا، حاول الاتحاد السوفييتي تحقيق إنجاز مماثل عامي 1971 و1973، بإرسال المهمتين المريخ-2 والمريخ-3.

فشلت مهمة المريخ-2 بوضوح بعد تعرض المسبار للدمار، وإخفاق مركبة السطح في إرسال أي بيانات. أما في حالة المريخ-3، فقد نجح المسبار بإرسال بيانات نحو 6 أشهر، أما مركبة السطح فقد أرسلت البيانات 20 ثانية فقط. لاحقًا، خلال مهمة مريخ-6، نجح المسبار في إرسال بيانات، أما مركبة السطح، فقد فشل هبوطها على المريخ.

لعل أهم ما أظهرته تيان وين-1 من بيانات كان ما ينتظره الباحثون: مجموعة من الصور التي تُظهر البراكين الدرعية الموجودة على المريخ، والفوهات الصدمية، والقطب الشمالي للكوكب الأحمر.

خلال التقاط الصور، جمعت مركبة زورونغ البيانات عن التفاصيل الجيولوجية التي يمتاز بها السطح، والمناخ والتربة.

جمع المسبار نحو 1040 غيغا بايت من البيانات التي حللها ودرسها الباحثون بهدف فهم المريخ فهمًا أفضل.

دخل المسبار مدار كوكب المريخ في 10 فبراير 2021، أما مركبة زورونغ، فقد هبطت على سطح الكوكب في منتصف مايو من العام ذاته. حطت المركبة في سهل يوتوبيا بلانشيا، في النصف الشمالي للكوكب، السهل ذاته الذي يحتوي مركبة المهمة فايكينغ-2 التي أُطلقت عام 1975.

في يونيو 2022، وجدت مركبة زورونغ معادن رطبة من رواسب تعود إلى أحدث فترة جيولوجية للكوكب الأحمر. يتوقع الباحثون أن هذه المعادن الرطبة قد تساعد على إثبات وجود مياه جوفية خلال تلك الفترات الجيولوجية للمريخ. من المعادن التي رصدتها المركبة: الزبرجد الزيتوني والبيروكسين والفلسبار. يتوقع الباحثون أن هذه المعادن قد تعرضت لتغيرات كيميائية مع دخول المياه إليها.

بحلول مايو 2022، أدخل الباحثون مركبة زورونغ في حالة السكون إثر انخفاض درجات الحرارة مع بداية الشتاء المريخي. حالة السكون التي أضافها الباحثون على تصميم المركبة تساهم في إطالة عمرها. وأكد الفريق أن المركبة ستواصل العمل بداية شهر ديسمبر.

تُعد الصين ثالث دولة تنجح في إرسال مركبة إلى سطح كوكب المريخ. في حين نجحت وكالة الفضاء الأوروبية والإمارات والهند في إرسال مسابير حول الكوكب فقط.

تهدف الصين إلى إكمال ثورتها الفضائية، وتؤكد التزامها استكشاف كوكب المريخ، وأكدت الإدارة الوطنية الفضائية الصينية أنها تهدف إلى إعادة عينات من سطح المريخ إلى الأرض لتُدرس مباشرةً بحلول عام 2031. في حين أعلنت ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية إعادة العينات المريخية بحلول عام 2033، لتكون الصين السباقة لهذا الإنجاز حاليًا.

تهدف الصين للتفوق على ناسا بإرسال أول إنسان إلى سطح المريخ مع بداية ثلاثينيات هذا القرن، في حين أعلنت ناسا نيتها إرسال أول إنسان خلال أربعينيات هذا القرن، ما يعني تفوق الصين بنحو عقد كامل، حال اكتمال المشروع كما خُطط له.

تواصل الصين دعم البحث الفضائي وتطوير قدراتها الفضائية، بوجود 3 رواد صينيين حاليًا في محطة الفضاء الصينية، إضافةً إلى وصول طاقم جديد منذ شهرين تقريًبا.

اقرأ أيضًا:

كوكب المريخ كان رطبًا مدة أطول مما نعتقد

الصين تغزو الفضاء، مهمات فضائية وتلسكوبات وقاعدة على سطح القمر

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: دوري شديد

المصدر