يشهد مسبار ناسا الشمسي باركر، إنجازًا استثنائيًا في مجال الفضاء، إذ تصل سرعته الخيالية إلى نحو 635,266 كيلومترًا في الساعة، ما يجعله أسرع جسم صنعه البشر على الإطلاق. هذا الإنجاز، الذي تحقق في 27 سبتمبر، يمثل نقطة تحول مهمة في مهمته إذ تدور المركبة دورتها السابعة عشر حول الشمس، مجمعة بيانات عن الرياح الشمسية والمجالات المغناطيسية القوية المحيطة بنجمنا الأقرب.

مع هذه السرعات، يمكن للمركبة أن تدور حول الأرض تقريبًا 15 مرة في الساعة، أو أن تقطع المسافة من نيويورك إلى لوس أنجلوس في أقل من 20 ثانية.

لا يُعد هذا رقمًا قياسيًا في السرعة فحسب، بل وفي الاقتراب أيضًا، إذ وصلت إلى مسافة 7.26 مليون كيلومتر فوق “البحر المشع” من البلازما الذي يُعد سطح الشمس.

ونظرًا لكون مسافة الشمس من الأرض تقدر بأقل من 149.6 مليون كيلومتر، فإن اقتراب مركبة باركر الشمسية يشبه الوقوف أمام نار في ليلة تخييم، قريبة بمقدار خطوات كافية لشم الدخان ولكنها بعيدة بما يكفي لتجنب الأضرار. هذه المسافة المدروسة بعناية فائقة تُظهر البراعة الهندسية والدقة التشغيلية للفريق الذي يُدير المهمة، إذ تسمح للمركبة بجمع بيانات غير مسبوقة عن الشمس مع الحفاظ على سلامتها من الشدة الهائلة للبيئة الشمسية.

لم تحقق المركبة هذا الإنجاز المذهل بالاعتماد على المحركات القوية فحسب، بل أيضًا باستخدام ما يمكن تسميته “الجولف الكوني”. للوصول إلى هذه النقطة، استخدمت ناسا صاروخًا قويًا لإطلاق المركبة ودفعها بالسرعة اللازمة لتحييد تأثير دوران الأرض وإيصالها إلى هدفها في النظام الشمسي. وعبر مسار دقيق يتضمن مدارات قرب كوكب الزهرة، استغلت المركبة جاذبية الكوكب لتخفيف سرعتها بما يكفي لتدور حول الشمس في مدار يتناقص تدريجيًا.

ومن المقرر أن يقوم مسبار باركر الشمسي ما مجموعه 24 دورةً حول الشمس، ومع تبقي سبع دورات فقط، من المتوقع أن نشهد كسر المزيد من الأرقام القياسية.

اقرأ أيضًا:

ناسا تخطط لاستخدام الذكاء الاصطناعي في دراسة الظواهر الجوية الغامضة

ناسا تتلقى إشارات من مسبارها المفقود فوياجر 2 على بعد مليارات الكيلومترات من الأرض

ترجمة: محمد حسام

تدقيق: باسل حميدي

المصدر