تُعرف ملحمة مهابهاراتا بأنها ملحمة هندية قديمة، إذ تدور أحداث القصة الرئيسية حول فرعين لعائلتين، وهما الباندافاس والكاورافاس، اللتان تنافستا على عرش هاستينابورا في حرب كوروكشترا.

تتشابك العديد من القصص الصغيرة في هذه الملحمة، التي تدور حول الموتى والأحياء، والخطابات الفلسفية. ألّف هذه الملحمة «كريشنا دوايبايان فياسا»، الذي كان هو نفسه إحدى شخصياتها. فحسب الروايات، إن كريشنا أملى أبيات الملحمة بينما دوَّنها غانيشا.

تُعد هذه الملحمة أطول قصيدة ملحمية كُتبت على الإطلاق، إذ تضم نحو 100,000 بيت شعري، ويُعتقد أنها ألِّفت في القرن الرابع عشر قبل الميلاد أو قبل ذلك.

تدور أحداث الملحمة في شبه القارة الهندية والمناطق المحيطة بها، وقد رواها أول مرة أحد تلامذة «فياسا» في أثناء تضحيته بثعبان لحفيد إحدى الشخصيات الرئيسية في القصة، مُضمنًا فيها البهاغافاد غيتا (الموجودة في الجزء السادس). وتُعد ملحمة مهابهاراتا أيضًا إحدى أهم النصوص في الأدب الهندي القديم وفي العالم بأسره.

مقدمة ملحمة مهابهاراتا:

كان شانتانو، ملك هاستينابور، متزوجًا من جانجا (إلهة الغفران، وتعد تجسيدًا لنهر الغانج)، التي أنجبت له ابنًا يُدعى ديفافرات.
نشأ بعد ذلك ديفافرات ليصبح أميرًا عظيمًا، وفي الوقت نفسه وقع الملك شانتانو في حب ساتيافاتي، ولكن والدها رفض السماح لها بالزواج من الملك ما لم يعده بأن أبناء ساتيافاتي هم من سيرثون العرش من بعده.

رفض شانتانو ذلك لعدم رغبته في نُكران حقوق ابنه ديفافرات، ولكن الأمير، عند معرفته بالأمر، توجه إلى منزل ساتيافاتي، وتعهد لها بالتخلي عن العرش والبقاء عازبًا طوال حياته. ثم أخذ بعد ذلك ساتيافاتي للقصر، لتتزوج من الملك. عُرف ديفرارت بعد ذلك باسم «بيهيشما»، وكان الملك شانتانو سعيدًا جدًا بقرار ابنه، فمنحه نعمة اختيار وقت وفاته.

ومع مضي الوقت، أنجب شانتانو وساتيافاتي ولدين، ثم توفي شانتانو بعد ذلك بوقت قصير. استلم بيهيشما وساتيافاتي إدارة شؤون المملكة، لأن ابني ساتيافاتي كانا ما يزالان قاصرين. وبحلول الوقت الذي بلغا فيه سن الرشد، توّج الابن الأصغر «فيشيترافيريا» ملكًا، لأن الابن الأكبر توفي في مناوشات مع بعض الكائنات السماوية .

اختطف بيهيشما ثلاث أميرات لإحدى الممالك المجاورة كي يزوّجهن للملك الجديد فيشيترافيريا. أعلنت أكبرهن أنها كانت تحب شخصًا آخرًا، لذلك تخلوا عنها، أما الأميرتين الباقيتين فقد تزوجتا فيشيترافيريا، ولكنه توفي بعد ذلك بوقت قصير دون أن يُنجب أي أطفال.

نشأة دريتارشترا، باندو وفيدور:

استدعت ساتيافاتي ابنها فياسا، الذي كان ابنها من حكيم عظيم يدعى باراشار قبل زواجها من شانتانو، ليتزوج الأميرتين وذلك خوفًا من أن ينقطع آخر خيوط أسرة الكورو. إذ يُعد، وفقًا للقوانين، الطفل المولود لأم غير متزوجة طفلًا لزوج الأم، إذ يمكن عد فياسا ابنًا لشانتانو وفقًا لهذا القانون، واستخدامه وسيلة للحفاظ على عشيرة كورو التي تحكم هاستينابور.

أنجبت الملكتان ابنًا لفياسا، كما اقتضت العادة في تقاليد النييوغا. إذ أنجبت الملكة الكبرى ابنًا أعمى يُدعى دريتارشترا، أما الملكة الأصغر سنًا فأنجبت ابنًا يتمتع بصحة جيدة، ولكنه كان شاحبًا جدًا، ويُدعى باندو، وكان لإحدى خادمات هاتين الملكتين أيضًا ابن من فياسا يُدعى فيدور.

قام بيهيشما بتربية الأبناء الثلاثة بعناية فائقة، إذ نشأ دريتارشترا ليكون الأقوى من بين جميع أمراء البلاد، وكان باندو ماهرًا جدًا في القتال والرماية، وأما فيدور فقد عرف جميع فروع المعرفة والسياسة وامتلك مؤهلات الحكم.

عندما بلغ الأبناء أشدهم، أصبح الوقت مناسبًا لملء عرش هاستينابور الفارغ. لم يُعين الابن الأكبر دريتارشترا ملكًا، لأن القوانين لا تسمح أن يستلم شخص معاق الحكم، وتُوّج باندو بدلًا عنه. ثم تفاوض بيهيشما لتزويج غانداري من دريتارشترا، وتزويج باندو من كونتي ومادري (أميرة مملكة مادرا).

وسّع باندو المملكة من طريق غزو المناطق المجاورة، وجلب معه غنائم كبيرة من الحرب. كانت أمور المملكة تسير بسلاسة كبيرة مما دفع باندو إلى ترك رعاية شؤون المملكة لأخيه الأكبر، والتنازل عن الحكم للعيش في الغابات مع زوجتيه لبعض الوقت.

نشأة عشيرتي الكورافاس والبندافاس:

بعد بضع سنوات، عادت كونتي إلى هاستينابور حاملة معها جثث كل من باندو ومادري وخمسة أولاد صغار. كان الأطفال الخمسة هم أبناء باندو الذين ولدوا لزوجتيه، من طريق طقس النييوغا، من الآلهة. إذ ولد الأكبر من الدارما، والثاني من فايو (إله الرياح والهواء)، والثالث من إندرا (إله السماء وملك الكائنات السماوية)، أما الأصغر، أخو إندرا التوأم، فقد ولد من آشوينز (توأم من الآلهة مرتبطان بالعلم وبزوغ الشمس).

في أثناء ذلك، أنجب الأخ الأكبر دريتارشترا وزوجته غانداري مئة ابن وابنة واحدة. أدى زعماء الكورو شعائر دفن باندو وزوجته مادري الأخيرة، ورُحّب بكونتي والأطفال في القصر.

كُلّف كريبا بتدريس الأمراء المئة وخمسة، ثم كُلف دورونا لاحقًا بذلك. جذبت مدرسة دورونا الكثير من الأولاد الآخرين في هاستينابور، وقد كان كارنا (من عشيرة سوتا) واحدًا منهم.

تطور العداء في هذه المرحلة بين أبناء دريتارشترا (الذين أطلق عليهم اسم الكورافاس، الذين ينتمون إلى أسلافهم من الكورو)، وأبناء باندو، الذين أطلق عليهم اسم الباندافاس نسبةً لوالدهم باندو.

حاول دوريودانا، وهو أكبر كورافا (لقب أبناء دريتارشترا المئة)، تسميم بيهيم (أحد أبناء البندافاس الثاني)، ولكنه محاولته باءت بالفشل. كما تحالف كارنا مع دوريودانا، وذلك بسبب تنافسه مع أرجونا (أحد أبناء البندافاس الثالث). ومع مرور الوقت تعلم الأمراء جميعهم كل ما في وسعهم من معلميهم، وقرر زعماء عشيرة الكورو إقامة عرض لمهارات الأمراء العامة.

أصبح المواطنون، بعد مشاهدتهم لهذا العرض، على دراية واضحة بالعداء بين فرعي العائلة المالكة، إذ خاض دوريودانا وبيهيم قتالًا بالصولجان، كان لابد من إيقافه قبل أن تصبح الأمور أسوأ. كما تحدى كارنا، الذي لم يكن مدعوًا للمعرض لعدم كونه أميرًا من كورو، أرجونا، وتعرض للإهانة بسبب أصله غير الملكي. كما توَّج دوريودانا كارنا ملكًا على إحدى الدول التابعة على الفور.

بدأت تثار أسئلة، في ذلك الوقت، حول احتلال دريتارشترا للعرش. إذ أنه كان من المفترض أن يحتفظ به فقط في غياب باندو، الذي كان هو الملك المتوج. أعلن دريتارشترا الباندافاس الأكبر، يوديشثير، وليًا للعهد ووريثًا، وذلك حفاظًا على السلام في العالم.

المنفى الأول:

كانت شعبية يوديشثير المتزايدة وكونه وليًا للعهد، أمرًا مزعجًا لدوريودانا، الذي عد نفسه الوريث الشرعي للعرش على اعتبار أن والده هو الملك الفعلي، فتآمر للتخلص من الباندافاس، وذلك بإقناع والده بنفي البندافاس وكونتي إلى بلدة قريبة بحجة المعرض الذي أُقيم هناك.

بنى وكيل عن دوريودهان القصر الذي كان من المقرر أن يقيم فيه الباندافاس من مواد قابلة للاشتعال، إذ كانت الخطة تقتضي حرق القصر فور استقرار الباندافاس وكونتي فيه. ومع ذلك نبّه العم الآخر فيدور الباندافاس للأمر، فكان لهم خطة مضادة جاهزة. إذ حفروا نفقًا للهروب تحت غرفهم. وفي إحدى الليالي، قدم الباندافاس وليمة ضخمة حضرها سكان المدينة جميعًا، وفي أثناء ذلك عُثر على امرأة من الغابة وأبنائها الخمسة في حالة جيدة سكارى وممتلئين لدرجة أنهم لم يعودوا قادرين على المشي باستقامة، ثم أُغمي عليهم في أرضية القاعة.

في تلك الليلة بالذات، أشعل الباندافاس النار في القصر ثم هربوا عبر النفق. عثر سكان المدينة، عندما تلاشت النيران، على عظام امرأة الغابة وأبنائها فظنوا أنها كونتي والباندافاس، واعتقد دوريودهان أن خطته قد نجحت وأن العالم قد أصبح خاليًا من البندافاس.

زواج أرجونا ودروبادي:

اختبأ الباندافاس وكونتي، وانتقلوا من مكان إلى آخر مدعين بأنهم عائلة براهميّة فقيرة. إذ كانوا يبيتون عند بعض القرويين لبضعة أسابيع، وكان الأمراء يخرجون يوميًا للتسول والحصول على الطعام، ثم يعودون مساءً ليسلموا غنائم اليوم إلى كونتي، التي كانت تُقسّم الطعام إلى نصفين: النصف الأول كان للرجل القوي بيهيم وأما النصف الآخر كان يتقاسمه الآخرون.

غادر الأمراء المنزل كالمعتاد وانطلقوا بحثًا عن الصدقات، إذ وصلوا إلى قاعة سوايامفار حيث كان الملك يتخلى عن أشيائه ببذخ شديد للمحتاجين. كانت الأميرة دراوبادي، المخلوقة من النار، معروفة بجمالها، إذ سافر الأمراء من كل البلاد لأميال، على أمل الفوز بيدها.

كان التحدي في سوايامفار صعبًا، إذ كان هناك عمود طويل على الأرض به قرص يدور في قمته، عُلّق على هذا القرص المتحرك سمكة، وفي أسفل العمود كان هناك جرة مياه ضحلة. كان على الشخص أن ينظر إلى انعكاس مياه الجرة في الأسفل، ثم يستخدم القوس مع خمسة سهام، ليخترق السمكة المعلقة فوقها. سُمح بخمس محاولات فقط فكان من الواضح أنه وحده رامي السهام الماهر جدًا، مثل أرجونا، يمكنه اجتياز الاختبار.

حاول الملوك والأمراء، الواحد تلو الآخر، أن يصيبوا السمكة ولكنهم فشلوا في ذلك. فبعضهم قد عجز عن رفع القوس، وبعضهم الآخر لم يستطع تثبيت السهم على الوتر. كان الكورافاس وكارنا حاضرين أيضًا، التقط كارنا القوس وثبته في لحظة، ولكنه مُنع من التصويب عندما أعلنت الأميرة دروبادي أنها لن تتزوج أي فرد ينتمي لعشيرة سوتا.

فشل أفراد العائلة المالكة في إصابة الهدف، فصعد أرجونا، الباندافا الثالث، إلى العمود والتقط القوس وثبت السهام الخمس كلها على القوس، ثم نظر إلى المياه، وأطلق السهام، فأصاب عين السمكة بالسهام الخمس جميعها في محاولة واحدة، وفاز بيد دروبادي.

أخذ الأخوة الباندافاس الأميرة دوروبادي إلى الكوخ الذين كانوا يقيمون فيه، حتى تراها كونتي، وعندما خرجت من الكوخ، شاهدت أجمل امرأة رأتها عيناها على الإطلاق، ووقفت ساكنة بينما غرقت كلماتها في عمق اللحظة الحاضرة.

اتّخِذ القرار بأن تكون دروبادي زوجةً مشتركة للباندافاس الخمسة جميعهم، حفاظًا على كلمة كونتي. تردد والد الأميرة وأخوها بشأن هذا الترتيب غير المعتاد، ولكن استطاع فياسا ودريتارشترا تغيير رأيهما والتحدث إليهما في أثناء لم الشمل العائلي.

مدينة إندرابراستا ولعبة النرد:

دعا قصر هاستينابور الباندافاس وعروسهم للعودة، بعد انتهاء مراسم الزفاف. عبّر دريتارشتراد عن سعادته، عندما عرف أن البندافاس كانوا على قيد الحياة بعد كل ما حدث. فقسم المملكة، ومنحهم مساحة ضخمة من الأراضي القاحلة للاستقرار والحكم، التي حوّلها الباندافاس فيما بعد إلى جنة. توّج يودشثير هناك، وقدم قربانا شارك فيه جميع ملوك الأرض، إما طواعيةً أو بالقوة، لقبول سلطانه. وهكذا، ازدهرت المملكة الجديدة إندرابراستا.

انزعج دوريودانا، من ازدهار مملكة إندرابراستا وازدياد نفوذ الباندافاس، فدعا يودشثير إلى لعبة نرد، ودعا عمه شاكوني ليلعب نيابةً عنه. كان شاكوني لاعبًا ماهرًا، إذ راهن يودشثير المرة تلو الأخرى، فخسر في كل مرة، كامل ثروته، ومملكته، وإخوته، ونفسه، ودوروبادي. جُرّت دوروبادي إلى قاعة النرد لإهانتها، عندها فقد بيهيم أعصابه، وتعهد بقتل الكورافاس جميعهم. تفاقمت الأمور أكثر فتدخل دريتارشترا عن غير قصد، وأعاد للباندافاس مملكتهم وحريتهم ودورابادي. أثار هذا غضب دوريودانا الذي تحدث مع والده، ودعا يودشثير إلى لعبة نرد أخرى. كان الشرط هذه المرة، أن يُنفى الخاسر مدة 12 عامًا، يليه عام يختفي فيه الخاسر عن الحياة، فإذا اكتشفه أحد خلال فترة الاختفاء، سيتعين عليه تكرار هذه الدورة مرةً أخرى. لعب يودشثير اللعبة، وخسر مرة أخرى.
المنفى الثاني:

ترك الباندافاس والدتهم المسنة هذه المرة في هاستينابور، وعاشوا في الغابات، يصطادون الطرائد، ويزورون البقاع المقدسة. طلب يودشثير من أرجونا، في الوقت نفسه، الذهاب للسماء بحثًا عن أسلحة سماوية، لأنه من الواضح أن مملكتهم لن تُعاد إليهم بسلام بعد المنفى، وأنه يتحتم عليهم القتال من أجلها. نفذ أرجونا طلب أخيه، فتعلم العديد من تقنيات الأسلحة السماوية من الآلهة، وتعلم أيضًا الرقص والغناء من الكائنات السماوية.

عاش الباندافاس مدة عام متخفيين في مملكة فيرات، وذلك بعد مرور 12 عامًا في المنفى. إذ تولى يودشثير العمل بوصفه مستشارًا للملك، وعمل بيهيم في المطابخ الملكية، أما أرجونا فقط خصى نفسه، وأصبح يعلم عذارى القصر الغناء والرقص، عمل التوأم في الإسطبلات الملكية، أما دورابادي فأصبحت خادمة للملكة.

انتهت فترة التخفي بعد ذلك دون أن يُكشف الباندافاس، على الرغم من جهود دوريودانا في الكشف عن هويتهم. كان ملك فيرات ممتنًا لهم، فعرض على ابنته الزواج من أرجونا، ولكنه رفض ذلك لأنه كان أستاذها في الرقص العام الماضي، ولصغر سن الأميرة. فتزوجت الأميرة ابن أرجونا «أبهيمانيو» بدلًا من ذلك.

اجتمع حلفاء الباندافاس، خلال حفل الزفاف، لوضع استراتيجية للحرب. وفي أثناء ذلك، أُرسل المبعوثون إلى هاستينابور للمطالبة باستعادة إندرابراستا، ولكن البعثات باءت بالفشل. رفض دوريودهان التخلي عن أي جزء من الأرض مهما كان ضئيلًا، ناهيك عن القرى الخمس التي اقترحتها بعثات السلام. فجمع الكورافاس حلفاءهم حولهم أيضًا، كما أنهم خدعوا أحد حلفاء الباندافاس الرئيسين، وهو خال توأم الباندافاس وفصلوه عنهم، فأصبح وقوع الحرب أمرًا حتميًا.

أحداث حرب كوروكشترا وتبعاتها:

رأى أرجونا أقاربه أمامه، قبل أن يُدقّ ناقوس الحرب، جده الأكبر بهييشم الذي رباه وعلمه، ومعلماه كريبا ودرونا، وأخوته الكورافاس، وللوهلة كاد يتراجع عن قراره. تنازل كريشنا، المحارب العظيم، عن القتال في هذه الحرب، واختار أن يقود عربة أرجونا.

استنجد أرجونا به قائلًا: «أعدني يا كريشنا. لا أستطيع قتال هؤلاء الناس، والدي، إخوتي، أساتذتي، أعمامي، أبنائي. ما الفائدة من ربح المملكة إذا كانت على حساب حياتهم؟». تبع هذه المناجاة خطاب فلسفي، الذي أصبح فيما بعد كتابًا منفصلًا، وهو «البهاغافاد غيتا»، شرح فيه كريشنا لأرجونا عدم ثبات الحياة، وضرورة قيام المرء بواجبه والتزامه بالطريق الصحيح. التقط أرجونا قوسه مرة أخرى، واستعد للقتال.

استمرت المعركة مدة 18 يومًا، وبلغ مجموع الجيشين 18 أكشاوهيني (يتألف الأكشاوهيني الواحد من 21,870 عربة، و21,870 فيلًا، و65,610 حصانًا و109,350 جندي مشاة)، 7 في صف الباندافاس و11 في صف الكورافاس. حصلت إصابات عند الجانبين، وعندما انتهى كل شيء، ربح الباندافاس الحرب، ولكنهم خسروا كل الأشخاص العزيزين عليهم تقريبًا. إذ توفي دوريودهان وأفراد عائلة الكورافاس، وجميع رجال عائلة دروبادي، ومن بينهم أبناؤهم من الباندافاس. كُشف أيضًا أن كارنا، الذي توفي في الحرب أيضًا، كان ابن كونتي أيضًا قبل زواجها من باندو، ومن ثم كان كارنا الباندافاس الأكبر والوريث الشرعي للعرش.

فقدت البلاد خلال الحرب التي استمرت 18 يومًا، ثلاثة أجيال من رجالها تقريبًا، إذ كان بهيشم يحتضر، ومعلمهم دورونا ميتًا، وجميع الأبناء المرتبطين بهم إما بالدم أو الزواج قد لقوا حتفهم أيضًا. فكانت الحرب الهندية الكبرى «مهابهاراتا»، حربًا لم نشهدها من قبل.

أصبح يوديشثير ملكًا على مملكتي هاستينابور وإندرابراستا، بعد انتهاء الحرب، وحكم الباندافاس مدة 36 عامًا. ثم تنازل الباندافاس عن العرش لنجل أبهيمانيو «باريكشيت»، وقرروا قضاء أيامهم الأخيرة في السماء. صعدت أرواحهم الواحدة تلو الأخرى إلى السماء، لإتمام رحلتهم الأخيرة.

خلف ابن الملك باريكشيت والده، وقدم وقتها قربانًا عظيمًا، إذ تلا التلميذ فايشامبايان (الذي كان أحد تلامذة فياسا)، القصة بأكملها لأول مرة.

إرث ملحمة مهابهاراتا:

أُعيد سرد القصة مرات لا حصر لها، ونُشرت على نطاق واسع. ولا تزال ملحمة المهابهاراتا معروفة في الهند حتى وقتنا الحاضر، كما أُعيدت صياغتها لتلائم الوقت المعاصر في العديد من الأفلام والمسرحيات، وسُمي الكثير من الأطفال بأسماء الشخصيات المذكورة في الملحمة.

يُعد كتاب «البهاغافاد غيتا» أحد أقدس الكتب الهندوسية داخل الهند وخارجها، إذ تحظى ملحمة المهابهاراتا بشعبية كبيرة في جنوب شرق آسيا، وفي الثقافات التي تأثرت بالهندوسية مثل إندونيسيا وماليزيا.

اقرأ أيضًا:

تاريخ مختصر لجهاز الكمبيوتر

كل ما تود معرفته عن الهكسوس

ترجمة: لُجين الحفار

تدقيق: نور عباس

مراجعة: حسين جرود

المصدر