في تجربة سريرية لم يسبق لها مثيل، استخدم الباحثون تقنية كريسبر CRISPR للتعديل الجيني لتعديل الحمض النووي للخلايا المناعية؛ بهدف معالجة السرطان، وتشير النتائج الأولية لهذه الدراسة إلى أن تقنية كريسبر آمنة للاستخدام في معالجة السرطان.

قال أستاذ علم الأورام بجامعة بنسلفانيا البروفيسور الدكتور إدوارد شتادماور لوكالة Associated Press الإخبارية: «هذا دليل على أننا نستطيع تعديل جينات هذه الخلايا بأمان تام».

وأضاف ستادماور في مقابلة مع الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية NPR: «هذه التقنية ليست جاهزةً للاستخدام في الوقت الراهن، لكننا واثقون من إمكانية استخدامها مستقبلًا».

وفقًا لبيان صادر عن جامعة بنسلفانيا، نجح الباحثون في علاج ثلاثة مرضى حتى الآن، اثنان منهم مصابان بسرطان الدم multiple myeloma والآخر مصاب بسرطان النسيج الضام sarcoma، إذ أزال الباحثون الخلايا وعدّلوها، ثم أعادوها إلى أجسام المرضى، ولم يسبب ذلك أي آثار جانبية خطيرة للمرضى.

بإجراء هذه التجربة السريرية الصغيرة استطاع الباحثون تحديد آلية تفاعل الجسم مع هذا العلاج وإمكانية ظهور أي عوامل جانبية خطيرة، ولا بد لنا أن نشير إلى كون هذه المرحلة من التجربة لا تحدد مدى فعالية العلاج، ولكننا سنجد جواب هذا السؤال في التجارب اللاحقة، أما الآن فيمكننا القول إن تقنية كريسبر لعلاج السرطان آمنة على الأقل لثلاثة أشخاص والتجارب القادمة ستؤكد ذلك.

قالت عالمة الكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا جينيفر دودنا التي اكتشف فريقها تقنية كريسبر وطوروها: «أنا متحمسة جدًا لمعرفة نتائج هذه الدراسة».

لمن يشعر بالفضول حيال تقنية كريسبر، إليك شرحًا أوسع لها: تعتمد تقنية كريسبر على قطع أجزاء صغيرة من الحمض النووي للخلية ولصقها في مواقع مختلفة أو إزالتها تمامًا. طُبقت هذه التقنية على خلايا الدم البيضاء التائية التي تهاجم الخلايا السرطانية، إذ تستخدم الخلايا السرطانية آليات معينة لتجنب رادارات الخلايا التائية، ولكن يأمل الباحثون أن ينجحوا باستخدام تقنية كريسبر لمساعدة الخلايا التائية في اكتشاف الأورام وإزالتها.

تذكرنا هذه التقنية قليلًا بعلاج آخر للسرطان يعرف باسم CAR T، الذي يزود خلايا الدم البيضاء بأجزاء مهمة تساعدها على الالتصاق على الأورام.

من الممكن أن تكون تقنية كريسبر آمنةً لعلاج السرطان - كيف يمكن تقنية كريسبر CRISPR للتعديل الجيني لتعديل الحمض النووي للخلايا المناعية

استخدم العلماء تقنية كريسبر لسحب ثلاثة جينات من الحمض النووي للخلايا التائية، احتوى أول جينين على تعليمات لبناء هياكل على سطح الخلية الورمية التي تمنع الخلايا التائية من الارتباط بها بشكل صحيح، أما الجين الثالث فقد قدم تعليمات لبروتين يسمى PD-1، وهو بروتين الإيقاف الذي تستخدمه الخلايا السرطانية لإيقاف هجمات الخلايا المناعية.

قال الدكتور كارل جون المؤلف المشارك في العلاج بجامعة بنسلفانيا في البيان: «نحن نستخدم كريسبر لتحسين فعالية العلاجات الجينية لا لتعديل الحمض النووي للمريض».

استخدم الباحثون فيروسًا معدلًا لوضع مستقبلات جديدة على الخلايا التائية قبل إرجاعها مرة أخرى إلى جسم المريض، ومن المفترض أن يساعد هذا المستقبل الجديد الخلايا التائية على تحديد مكان الأورام ومهاجمتها بطريقة أكفأ.

حتى هذا الحين نجحت الخلايا المعدّلة داخل أجسام المرضى وتضاعفت بالشكل المطلوب، لكننا لا نعلم ما إذا كانت ستشن هجومًا فتاكًا على السرطان، ولا نعلم متى سيحدث ذلك.

بعد شهرين تقريبًا من العلاج لم يستجب أحد المرضى واستمر السرطان عنده في التطور، فأصبح أسوأ من قبل خضوعه للعلاج، بينما استقر وضع المريض الآخر، أما المريضة الثالثة فقد تلقت العلاج منذ زمن قصير وما يزال الوقت مبكرًا لتقييم رد فعلها.

يهدف الباحثون إلى اختبار 15 مريضًا إضافيًا في التجربة لتقييم سلامة التقنية وفعاليتها في القضاء على السرطان، وسيقدمون نتائج السلامة في الشهر المقبل في اجتماع للجمعية الأمريكية لأمراض الدم American Society of Hematology في أورلاندو الواقعة في فلوريدا.

قال عالم المناعة في مركز Memorial Sloan Kettering Cancer Center في نيو ساوث ويلز الدكتور ميشيل سادلين: «نحن بحاجة للمزيد من المرضى للتأكد من أن استخدام تقنية كريسبر آمن تمامًا، والبيانات الحالية مشجعة بالتأكيد».

اقرأ أيضًا:

أول أطفال معدلين جينيًا بتقنية كريسبر معرضون للموت حسب هذه الدراسة

تم الحد من ديمومة سرطان الدماغ بتقنية التعديل الجيني كريسبر

ترجمة: رند عصام

تدقيق: غزل الكردي

مراجعة: تسنيم الطيبي

المصدر