إذا وُجدت الحياة يومًا في فوهة جزيرو Jezero Crater، فقد تستمر دلائلها إلى يومنا هذا. قد تكون هذه البقعة مكانًا غنيًّا جدًا لاصطياد الحياة من طريق مهمة ناسا القادمة. فوهة جزيرو هي حفرة يبلغ عرضها 45 كيلومترًا، ستبدأ المركبة المريخ 2020 (Mars 2020 rover) استكشافها في فبراير 2021، وتحتوي على رواسب معدنية تتمتع بخاصية الاحتفاظ بالأحافير الدقيقة microfossils، حسب ما وجدت دراستان جديدتان.

مهمة ناسا 2020 تتحرى أدلة الحياة على المريخ - فوهة جزيرو Jezero Crater - البحث عن الحياة خارج الأرض - دلائل وجود الحياة على المريخ

أحد هذه المعادن هو السيليكا الرطبة hydrated silica. بعد دراسة البيانات التي جمعها مطياف التصوير الاستكشافي للمريخ CRISM على متن المركبة المدارية التابعة لناسا، حدد فريق من الباحثين نتوءين غنيين بهذه المادة من نتوءات جازيرو، وفقًا لجيسي تارناس Jesse Tarnas المتخصص في علوم الكواكب في جامعة براون.

شاهد الفيديو

يقول تارناس: «نعرف من خبراتنا الأرضية إن هذه المعادن تتمتع بخصائص استثنائية في الحفاظ على الأحافير الدقيقة وغيرها من العلامات الحيوية، ما يجعل استكشاف هذه النتوءات هدفًا مثيرًا».

كانت جزيرو بحيرةً في الماضي القديم، مثل فوهة جيل Gale Crater البالغ عرضها 154 كيلومترًا، وتستكشفها مركبة ناسا Curiosity منذ أغسطس 2012. كشفت الصور المدارية أيضًا بقايا دلتا كبيرة في جزيرو، تمثل نهرًا يصب في البحيرة.

تُعَد الدلتا هدفًا جيدًا للبحث عن علامات الحياة، إذ تتركز الرواسب القادمة من مجرى النهر، وهو أحد العوامل التي ساهمت في اختيار هذه البقعة تحديدًا لهبوط المركبة المريخ 2020.

وجد تارناس وفريقه إن أحد نتوءات السيليكا الرطبة المكتشفة حديثًا يقع على ارتفاع منخفض من حافة دلتا جزيرو. إذا كانت المعادن قد تشكلت حيث تكمن الآن -وهذا ليس مضمونًا، إذ قد تكون حُملَت عبر النهر من بعيد- فقد تمثل الطبقة الدنيا من الدلتا.

يقول المؤلف المشارك جاك موستارد Jack Mustard، أستاذ علوم الأرض والبيئة والكواكب في براون: «إن المادة التي تشكل الطبقة السفلى من الدلتا هي في بعض الأحيان الأكثر حفاظًا على العلامات الحيوية، لذا فإذا تمكنا من العثور على تلك الطبقة السفلية، بما تحتويه من سيليكا، فهي مكافأة مزدوجة».

شاهد الفيديو

في دراسة أخرى، استخدم فريق من الباحثين بيانات مطياف التصوير الاستكشافي لتحديد حلقة البانيو bathtub ring من الكربونات في جزيرو. على الأرض، تستخدم الكائنات الحية الكربونات لبناء هياكل قوية تبقى مليارات السنين في الأحافير، مثل الأصداف المكونة من كربونات الكالسيوم.

قالت بريوني هورجان Briony Horgan المتخصصة في علوم الكواكب بجامعة بوردو: «لقد رصد مطياف التصوير الاستكشافي للمريخ مركبات الكربون منذ سنوات، لكننا لاحظنا مؤخرًا مدى تركزها في موقع البحيرة. توجد رواسب الكربونات في العديد من الأنحاء، ولكن حلقة البانيو ستكون أحد أكثر الأماكن إثارةً في استكشافها».

إن فريق المريخ 2020 متحمس لفكرة ترسب الكربونات عند تسرب الماء إلى فوهة جزيرو، مع إن زمن تشكل هذه الترسبات غير معروف.

وصرح العالم بالمشروع كين ويليفورد Ken Williford من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا NASA’s Jet Propulsion Laboratory: «إن كيمياء الكربونات في البحيرة القديمة طريقة رائعة للحفاظ على سجلات الحياة والمناخ، ونحن متحمسون لاكتشاف كيفية تشكل هذه الكربونات».

يرى الباحثون إن الكربونات ذاتها لا تحمل بصمة حيوية بالضرورة، إذ توجد عدة أنواع مختلفة منها، وأكثرها لا علاقة له بالحياة، لكن معادن الكربونات تتشكل من تفاعل ثاني أكسيد الكربون والماء السائل، لهذا قد تساعد دراسة هذه المواد ووفرتها في الكشف عن كيفية تحول المريخ من عالم دافئ رطب نسبيًّا إلى الصحراء الباردة التي هو عليها اليوم.

من المقرر إطلاق المهمة المنتظرة في يوليو 2020 وأن تصل إلى فوهة جزيرو في فبراير 2021. ستصل مركبة أخرى إلى المريخ في نفس الوقت تقريبًا، وهي الروبوت الأوروبي-روسي روساليند فرانكلين Rosalind Franklin، لكن لم يُعلن بعد الموعد المحدد لإطلاقه.

اقرأ أيضًا:

ناسا تحدد المناطق المحتوية على الجليد تحت سطح المريخ

عالم سابق في ناسا يناقض تصريحات الوكالة ومقتنع باكتشافنا لحياة على المريخ

ترجمة: مصطفى العدوي

تدقيق: نغم رابي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر