إذا أنهيت سباقًا طويلًا وشعرت بالرغبة في ركض بضعة أميال إضافية، فهذا يدل على اختبارك نشوة العداء.

يساعد هذا الشعور بالنشوة الرياضيين على الاسترخاء والهدوء، وتحمل الألم الناجم عن التدريب الطويل مؤقتًا على الأقل، لكن لا يشعر كل شخص يركض أو يتمرن بهذا الإحساس الرائع.

تابع القراءة لتعرف سبب حدوث نشوة العداء وصعوبة حدوثها كما تأمل.

ما هي نشوة العداء؟

هي شعور بالاسترخاء العميق والفرح الشديد بعد التدريب المكثف والمطوّل، وانخفاض مستوى القلق والألم بعد الركض مباشرةً.

لكن هذه الحالة لا تحدث دائمًا عند الركض أو ممارسة التمارين المكثفة.

توجد صعوبة في قياس حالة النشوة لأنها تجربة شخصية، واحتمال حدوثها نادر، إضافةً إلى أنك قد تحتاج للركض عدة أميال في كل مرة للوصول إلى نشوة العداء، وليس من السهل قطع هذه المسافة وهي تعد غير ممكنة للعديد من الناس.

لذا إذا أكملت تدريب هرولة مطول ولم تشعر برغبة في إعادة السباق مجددًا، فلست الوحيد، لكن ممارسة هذا التدريب جيد لصحتك على أي حال.

كيف يستجيب الجسم والدماغ للتدريب

إضافةً إلى نشوة العداء توجد منافع جسدية عديدة للركض أو التدريب لا تتعلق فقط بالمنافع القلبية الوعائية، وتحدث نتيجةً للمواد الكيميائية التي تطلق عند الركض، فالركض والتمارين الهوائية تُولد كميةً كبيرةً من هرمون الإندروفين (المواد الكيميائية المسببة للشعور بالسعادة والمتعة) في الدم، وهي تعمل بالإضافة إلى ذلك بمثابة مخفف طبيعي للألم وتساعد على تحمل فترات طويلة من التدريب.

اعتقد العلماء لعقود أن الإندروفينات مسؤولة عن نشوة العداء وتمتلك فوائد عظيمة لصحة الجسم، لكن اكتشف الباحثون مؤخرًا أن تأثير الإندروفينات في ذلك بسيط، فقد أشار بحث جديد إلى نوع آخر من الجزيئات التي تُعد سببًا في حدوث نشوة العداء وتُعرف بالكانابينويدات الداخلية، وتأثر هذه الكانابينويدات على نظام الكانابينويد الداخلي، نفس النظام الذي يعمل عليه التيتراهيدروكانابينول (THC) -المركب الفعال في نبات القنب-.

ومثل الإندروفينات تحرر التمارين الرياضية الكانابينويدات الداخلية في مجرى الدم،فيعود الشعور بالنشوة أو الاسترخاء العميق بعد الركض لهذه الجزيئات.

الإندروفينات وعلاقتها بنشوة العداء

هي نواقل كيميائية عصبية تتحرر طبيعيًا في الجسم، ويصنعها الجهاز العصبي المركزي والغدة النخامية، وتؤثر على نفس الجزء من الدماغ الذي تؤثر عليه المركبات الأفيونية مثل المورفين، ولهذا تسمى بكيميائيات السعادة.

تتحرر أثناء التدريب أو عند الألم أو الضغط، واستجابةً لتناول الطعام أو ممارسة الجنس.

تعد الإندروفينات جزيئات مجهرية لا ترى بالعين المجردة، لكنها ضخمة مقارنة بالجزيئات الكيميائية الأخرى في الجسم، ويمنعها حجمها من عبور الحاجز الدماغي الدموي، الذي يعد عائقًا يُبقي الدماغ آمنًا من جزيئات وعوامل ممرضة معينة. وتعد الإندروفينات واحدةً من هذه الجزيئات التي لا تستطيع الوصول للدماغ، وهذا يعني أنها ليست مسؤولة حقًا عن نشوة العداء، أي المسؤول عنها أمر آخر.

الكانابينويدات الداخلية

تُعد هذه الجزيئات صغيرةًً كفايةً لتستطيع عبور الحاجز الدماغي الدموي، وتؤثر على مستقبلاتها في نظام الكانابينويد الداخلي الذي يعد نفس مكان تأثير المركب الفعال في نبات القنب (THC).

لوحظ وجود أحد أنواع الكانابينويدات الداخلية بكميات كبيرة في دماء العدائين بعد انتهائهم من الركض ويعرف بأنانداميد، ويقترح بعض الباحثين أن هذا المركب يزيد نشوة العداء، وينتج عنه تأثيرات نفسية قصيرة الأمد مثل:

  •  التخفيف من القلق.
  •  النشوة.
  •  الشعور بالاسترخاء.

تعد الأبحاث المتعلقة بكيفية استجابة الدماغ والجسم للكانابينويدات الداخلية بعد التدريب محدودةً، وفي الحقيقة، أُجريت الدراسة البارزة المتعلقة بذلك عام 2015 على الفئران، وليس واضحًا إذا ما كانت نفس النتيجة تحدث عند البشر، وما تزال الأبحاث حولها جارية.

فوائد الركض الأخرى

لا تعد نشوة العداء ضمانًا لكل شخص ينتعل حذاءه وينطلق للركض، لكن توجد فوائد محتملة للركض أكثر من ذلك مثل:

  •  تخفيف القلق.
  •  تخفيف الشعور بالاكتئاب.
  •  تحسين الذاكرة والتركيز.
  •  زيادة المرونة وتسهيل الحركة.
  •  تقوية الجهاز المناعي.
  •  تحسين الاستجابة للأنسولين.
  •  فقدان الوزن أو الحفاظ عليه.

الملخص

تعد نشوة العداء شعورًا قصير الأمد بالنشوة والسعادة يحدث بعد التدريب أو الركض، لكن ليس كل شخص يركض أو يتدرب سيجرّب تلك الحالة، وأولئك الذين يجربونها، يتدربون لاختبار ذلك الشعور مرةً أخرى.

يتمتع الأشخاص الذين تحصل عندهم نشوة العداء بشعور أقل بالقلق والألم وشعور أكبر بالاسترخاء والسعادة بعد التدريب.

ينتج الجسم عددًا من المواد الكيميائية عند الركض، وقد بدأ الباحثون بفهم الطرق العديدة التي يستجيب فيها الجسم للتدريب، ومنها الشعور بنشوة العداء.

ما يزال غير واضح لماذا يختبر بعض الأشخاص نشوة العداء دون غيرهم، وكيف يمكن الوصول إليها، لكن على الرغم من عدم حدوثها يبقى التدريب مثل الركض خيارًا صحيًا لمعظم الناس، وهذا سبب وجيه لفعله.

اقرأ أيضًا:

قد يساعد الركض على تقوية الذاكرة

كيف يمكن للتمرين إعادة برمجة الدماغ ؟

ترجمة: هادي سلمان قاجو

تدقيق: عبد المنعم الحسين

مراجعة: آية فحماوي

المصدر