النمو الاقتصادي هو الزيادة في إنتاج السلع والخدمات الاقتصادية في مرحلة زمنية معينة مقارنة بأخرى. يُقاس هذا النمو الكلي بواسطة الناتج القومي الإجمالي (GNP) أو إجمالي الناتج المحلي (GDP)، وقد تستخدم بعض المقاييس البديلة أحيانًا. قد يرتبط هذا النمو عادةً بزيادة الربح الإجمالي الذي يؤدي إلى زيادة الدخل وزيادة قدرة المستهلكين الشرائية.

للنمو الاقتصادي نظريات مختلفة نتعرف عليها فيما يلي:

1. نظرية النمو الكلاسيكية

تفترض هذه النظرية أن النمو الاقتصادي يتناقص مع تزايد عدد السكان ومحدودية الموارد. إذ يأتي هذا الافتراض نتيجة فكرة راسخة لدى علماء الاقتصاد الكلاسيكيين الذين يظنون أن أي زيادة في حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، ستقود حتمًا إلى انفجار سكاني يقود إلى الحد من موارد الأمة وخفض الناتج الحقيقي وبالنتيجة، تباطؤ النمو الاقتصادي.

النموذج الهيكلي

في الرسم البياني يتمثل الناتج الإجمالي على محور y والعمالة على محور x، ويحدد المنحنى OW مستوى إجمالي أجور الكفاف. فإذا كان عدد السكان (مستوى العمالة) هو ON، والناتج الإجمالي OP، فعندها معدل الأجر الفرد ممثلاً بالمقدار NR. بالنتيجة، فإن الفائض أو الربح هو RG.

يسمح هذا الفائض ببدء عملية تكوين رأس المال ما يرفع الطلب على العمالة ويقود إلى ارتفاع الأجور فيما يتحرك المنحنى نحو GH. فإذا افترضنا ثبات عدد السكان عند ON، وتجاوز الأجور حد الكفاف بمعنى أن NG>NR، يرتفع عندها عدد السكان أو القوة العاملة مع تحرك المنحنى نحو OM. هذه الزيادة في السكان هي ما يسمح بتوليد الفائض.

تستمر العملية على هذا المنوال إلى أن يصل الاقتصاد، كما يُصور السهم، إلى النقطة E التي تمثل حالةً مستقرةً يتعادل عندها الناتج الإجمالي مع الأجور ولا يعود تحقيق الفائض ممكنًا.

لكن، وبحسب علماء الاقتصاد الكلاسيكيين، يعمل التقدم التقني على إزاحة دالة الإنتاج إلى الأعلى كما يُصورها المنحنى TP2. وتؤكد نظرية النمو الكلاسيكية أيضًا على إمكانية إرجاء حدوث الكساد الاقتصادي رغم استحالة تجنبه في نهاية المطاف.

مواضع القصور في نظرية النمو الكلاسيكية:

  •  تجاهل دور التقنية: تتجاهل النظرية الكلاسيكية الدور الذي يمكن للتطور التقني أن يؤديه في تسهيل إدارة الاقتصاد. إذ يمكن للنهضة التقنية التقليل من تضاؤل العوائد.
  •  تحديد إجمالي الأجور بصورة غير دقيقة: تفترض النظرية الكلاسيكية تطابق إجمالي الأجور مع مستوى أجور الكفاف. لا يكون هذا الافتراض دائمًا صحيحًا، فقد تنخفض الأجور تحت حد الكفاف أو تتجاوز ذلك الحد تبعًا للتغيرات في البنية الصناعية والتطورات الاقتصادية الكبرى. بل أكثر من ذلك، لا تأخذ النظرية الكلاسيكية الدور الذي تؤديه نقابات العمال في تحديد الأجور بعين الاعتبار.

2. نموذج النمو الكلاسيكية الجديدة

يوضح هذا النموذج كيف ينتج النمو المطرد من اشتراك ثلاثة عوامل هي العمل ورأس المال والتقنية، ويمثل نموذج نمو Solow-Swan أبسط صيغ نموذج النمو الكلاسيكي الجديد وأكثرها شعبية.

تفترض النظرية أن حالة التوازن الاقتصادي، على المدى القصير، تحدث نتيجة التنوع في كميات العمالة ورأس المال الذي يؤدي دورًا حيويًا في عملية الإنتاج. وتدفع بأن التغير التقني يؤثر كثيرًا في أداء الاقتصاد بصورة عامة. ومع تحديد النظرية الكلاسيكية الجديدة لثلاثة عوامل ضرورية لنمو الاقتصاد، فإنها تركز على افتراض أن التوازن المؤقت أو على المدى القصير مختلف عن التوازن على المدى البعيد ولا يتطلب أيًا من العوامل الثلاثة السابقة.

دالة الإنتاج في نموذج النمو الكلاسيكي الجديد:

تدعي النظرية الكلاسيكية الجديدة أن تراكم رأس المال والطريقة التي يُوظف بها رأس المال، عوامل مهمة في تحديد النمو الاقتصادي.

وتمضي النظرية قدمًا لتدعي أن العلاقة بين العمالة ورأس المال في اقتصاد ما هي ما يحدد الناتج الإجمالي لهذا الاقتصاد. أخيرًا، تنص النظرية على أن التقنية تعزز إنتاجية العمل، وترفع بالتالي من إجمالي الناتج عبر زيادة فعالية العمالة. لذا تستخدم دالة إنتاج النموذج الكلاسيكي الجديد في قياس النمو الاقتصادي وحالة التوازن في الاقتصاد. وتأخذ الدالة الصيغة التالية:

Y = AF (K, L)

حيث:

Y = الدخل أو الناتج الإجمالي المحلي في الاقتصاد.

K = رأس المال.

L = كمية العمالة غير الماهرة في الاقتصاد.

A = المستوى التقني المُحدد.

وبسبب العلاقة النشطة بين عاملي العمالة والتقنية، غالبًا ما تُصاغ دالة الإنتاج بالمعادلة:

Y = F (K, AL)

التي تظهر كيف أن التقنية تعزز العمالة واعتماد إنتاجية العمال على المستوى التقني.

افتراضات نموذج النمو الكلاسيكي الجديد:

  •  رأس المال معرض لتضاؤل العائد: أحد افتراضات هذا النموذج المهمة في حالة كان الاقتصاد مغلقًا.
  •  الأثر في إجمالي الناتج: مع افتراض ثبات العمالة، دائمًا ما يكون أثر آخر وحدة رأس مال مُجمّعة في إجمالي الناتج أقل من الوحدة التي سبقتها.
  •  حالة الاقتصاد المستقرة: على المدى القصير، يتباطأ النمو مع تضاؤل عوائد رأس المال ويتحول الاقتصاد إلى ما يسمى «الحالة المستقرة» أو بعبارة أخرى، «حالة ثابتة».

استنتاجات نموذج النمو الكلاسيكي الجديد الأساسية:

  •  تبعية الناتج للنمو: يوضح نموذج النمو الكلاسيكي الجديد كيف أن الناتج الإجمالي دالة للنمو الاقتصادي، ومدخلات هذه الدالة هي رأس المال والعمالة والتقدم التقني.
  •  معدل نمو الناتج عندما يكون الاقتصاد متوازنًا في الحالة المستقرة: يكون معدل النمو في هذه الحالة مساويًا لمعدل نمو السكان أو القوة العاملة، ولا يتأثر مطلقًا بمعدل الادخار.
  •  ارتفاع معدل دخل الفرد في اقتصاد الحالة المستقرة: لا يؤثر معدل الادخار في نمو الناتج في اقتصاد الحالة المستقرة، إلا أنه يسبب ارتفاع معدل دخل الفرد وبالتالي الدخل العام أيضًا، ذلك نتيجة ارتفاع معدل حصة الفرد من رأس المال.
  •  معدل النمو على المدى البعيد: يتحدد معدل النمو طويل المدى في اقتصاد ما بعامل وحيد فقط هو التقدم أو التراجع التقني في ذلك الاقتصاد.

3. نظرية النمو الداخلي

تتعارض نظرية النمو الداخلي مع النموذج الكلاسيكي الجديد لتقول إن النمو الاقتصادي يتحصل من قوى داخلية وليس عبر قوى خارجية مثل التقدم التقني.

تطبيقات نظرية النمو الداخلي الرئيسية في السياسات الاقتصادية:

  •  قدرة السياسات الحكومية على رفع معدل النمو الاقتصادي في حال وُجهت إلى تقوية المنافسة في السوق والمساعدة على تحفيز الابتكار في المنتجات والعمليات.
  •  هناك ارتفاع متزايد في العوائد القياسية returns to scale من الاستثمار الرأسمالي في «الصناعات المعرفية» مثل التعليم والصحة والاتصالات.
  •  استثمار القطاع الخاص في البحث والتطوير، مصدر حيوي للتطور التقني في الاقتصاد.

اقرأ أيضًا:

القروض التجارية: معلومات وتفاصيل

بوتستراب: التمويل الذاتي التمهيدي

ترجمة: مالك عوكان

تدقيق: حسام التهامي

المصدر