تَخيّل أنّك تُخبر والدتك البالغةَ من العمر 55 عامًا بأنّك سوف تتزوج، وتتفاجئ حينها أنّها مشوّشةٌ وغير قادرةٍ على مساعدتك في تجهيزات الزفاف بشكلٍ مُنظَّم. أو تخيّل أنّك تضع أطفالك في الحافلة التي تُقلّهم إلى مدرستهم وتتفاجئ حينها بأنّ السائق البالغ من العمر 57 عامًا قد نسى الطريق.

هذه بالفعل قصصٌ حقيقية يواجهها الأطباء أثناء عملهم الإكلينيكي مع المرضى الذين يعانون من بداية مرض ألزهايمر في عمرٍ مُبكِر.

يُمكننا تصنيف ذلك على أنّه الجانب الآخر من الخَرَف، حيث لا يوجد شعر أبيض أو تجاعيد. ويُعد هذا الأمر شائعًا بشكلٍ نسبي. تقريبًا 5% من مرضى ألزهايمر هم دون الـ 65 عامًا.

وبالرغم من أنّ السبب الأساسي لمرض ألزهايمر المُبكّر (الذي يصيب  الإنسان قبل بلوغه 65 عامًا)، ومرض ألزهايمر المتأخِّر (الذي يصيب الإنسان بعد بلوغه 65 عامًا)، هو نفسه في الحالتين -التراكم الغير طبيعي لبروتينات تُسمّى البروتين النشواني (amyloid) وبروتين تاو (tau) في الدماغ- فإنّ هناك فروقًا واضحةً بين تأثير كُلٍ منهما.

فعلى سبيل المثال، يُعاني المرضى الذين هم أقل من 65 عامًا من صعوباتٍ في اللغة، والمعالجة البصرية وكذلك في التنظيم والتخطيط. ويكون لديهم شكاوى أقل بخصوص الذاكرة الكلاسيكية. وهناك أيضًا أدلّة متزايدة تثبت أن مرض ألزهايمر المبكر يتقدم بشكل أسرع.

يُعد الطريق لتشخيص مرض ألزهايمر أو الأمراض الأخرى المُسبِّبَة للخرف عادةً طويلًا ومليئًا بالصعوبات والتشخيصات الخاطئة.

ويُعتبر التشخيص الصحيح ضروريًا لكل مريض ويكون ذا أهمية خاصة لدى المرضى صغار السن. فهم عادةً يكونون ما زالوا يعملون ومعرضين لفقدان وظائفهم. ومن المحتمل أنهم يمتلكون أطفالًا صغارًا. وعندما يقوم أحدهم بإخبار الناس بأنّ الأمور ليست على ما يُرام، يُقال له بأنّه يعاني من ضغوطٍ أو يمر بأزمة منتصف العمر.

عادةً، يلاحظ المرضى صغار السن حدوث تغيير في قدرتهم على الإدراك والمعرفة في المراحل المبكرة. يلاحظون أيضًا إيجاد صعوبة في الأمور التنظيمية وإعداد الخطط. من الممكن التعرّض لنسيان طريقة القيام بمهماتٍ معقّدةٍ أو نسيان المواعيد. يظهر هذا الخلل المعرفي بشكلٍ أوضح عندما يُطلب من المريض إتمام مهماتٍ معينةٍ في العمل، أو ترتيب وإحضار الإمدادات العائلية.

عندما يذهب مريضٌ صغير السن إلى طبيبه ليخبره بمثل هذه التغيّرات التي تحدث في قدرته على الإدراك والوعي، يكون التشخيص المبدئي لدى الطبيب هو الاكتئاب وليس الخرف.

يعاني هؤلاء المرضى من العديد من التفسيرات الخاطئة لحالتهم حتى يتم الوصول للتشخيص الصحيح، مما يؤدي لحدوث الكثير من الخلافات بين المريض وعائلته، وأصدقائه، وزملاء عمله.

الطلاق قبل التشخيص

في بداية الأمر، يُفسّر الشريك التغيّرات الشخصية التي تطرأ على المريض على أنّها انعدام مسؤولية منه أو أزمة منتصف العمر أو غير ذلك. من الممكن حدوث الكثير من التغيّرات في طبيعة العلاقة بين الشريكيّن، وليس بقليل الحدوث أن ينفصلا قبل التشخيص الصحيح للمرض.

ويصعب كذلك على الأطفال فهم التغيّرات التي تطرأ على شخصية الوالدين.

تقديم الخدمات لمرضى ألزهايمر المبكّر يُعد أمرًا مثيرًا للاهتمام. هناك القليل من البرامج المجتمعية التي تقوم بخدمة ومساعدة مرضى الخرف الذين هم دون الخامسة والستين.

يقل أيضًا الدعم المُقدَّم لمقدمي الرعاية الصحية لهؤلاء المرضى، وكذلك لعائلاتهم. نحن بحاجةٍ كبيرة للبرامج المتخصصة وتسهيلات الرعاية الصحية طويلة المدى التي تناسب الذين هم دون الخامسة والستين.

وبالرغم من عدم وجود علاج لمرضى ألزهايمر، هناك العديد من التجارب السريرية التي تستهدف البروتينات غير الطبيعية التي تتراكم أثناء المرض.

يوجد كذلك بعض الأدوية التي تهدف إلى تقليل  أعراض المرض مثل مثبطات الأستيل كولينستيراز (acetylcholinesterase inhibitors)

التي تساعد الذاكرة. (تقوم بتثبيط إنزيم الأستيل كولينستيراز الذي يقوم بتحليل النواقل العصبية الأستيل كولين إلى كولين وحمض الأستيك).

نرشّح أيضًا أسلوب معيشةٍ صحيّ يتضمن إجراء تدريباتٍ رياضية في الهواء الطلق فالأدلّة توضح أنّ هذا قد يبطّئ من التنكّس العصبيّ. نريد أن تظل الناس في حالة نشاطٍ عقلي، والاستمرار في التعلّم لمساعدة عقولهم على الاستمرار في وظيفتهم في ادخار المعلومات.

بالرغم من معاناة مرضى ألزهايمر المبكّر من فقدانهم القدرة على القيام ببعض الأنشطة، هناك العديد من الأنشطة التي من الممكن المشاركة فيها.

“استغل الجزء بدلًا من فقدان الكل”، هذا هو الشعار الذي يجب أنّ نتبعه في حياتنا عندما يتعلق الأمر بالعقل والمحافظة على وظائفه.

لا يُعد مرض ألزهايمر المبكّر السبب الوحيد للخرف الذي يصيب الصغار. إذ يُصاب الصغار أيضًا بالخرف الجبهي الصدغي. (frontotemporal dementia)

وبالرغم من وجود اختلافاتٍ بين المرضين، فإنّ التحديات الكثيرة التي تواجه المرضى هي نفسها.

نحتاج أبحاثًا مستمرة لتحسين فهمنا لهذا المرض. وأثناء بحثنا عن علاج، نحتاج أنّ نقدّر الاحتياجات الخاصة لهؤلاء الناس. نحتاج أيضًا أن نوجّه أبحاثنا وخدماتنا لخدمة هؤلاء المرضى وأسرهم بشكلٍ أفضل.


  • ترجمة: مايكل ممدوح
  • تدقيق: حسام التهامي
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر