قد يصبح يومًا ما من الصائب التساؤل إذا ما استمر الذكاء الاصطناعي بالتطور: هل الآلة واعية؟

يتحقق اختبار تورينغ الذي ابتكره الرياضي وعالم الحاسوب المشهور آلان تورينغ من قدرة الحاسوب على إقناع البشر بأنه كائن بشري عادي مثلهم.

مع ازدياد تطور نماذج اللغة الطبيعية وروبوتات الدردشة الذكية، أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر نجاحًا في إقناعنا أنه بشري، ولكن هذا لا يعني أن هذه الآلات واعية أو أنها تفهم المحادثات التي تجريها، فكل ما تقوم به جوهريًّا هو استقبال معطيات وتطبيق خوارزمية عليها، ثم ارسال نتائج ترضي الإنسان الذي يستقبلها بنسبة أكبر وتبدو أكثر ترابطًا له.

المهارة في أداء المهام لا تُعادل الوعي، بما فيها مهام التواصل التي نعدها محصورة بالبشر.

كيف نعرف إذا أصبح الذكاء الاصطناعي واعيًا؟

أظهر فريق من علماء الأعصاب والحاسوب والفلاسفة في ورقة بحثية جديدة لم تخضع للتقييم العلمي بعد، مجموعة من المؤشرات التي قد تدل على وعي الذكاء الاصطناعي، وبحث الفريق في عدد من نظريات الوعي البشرية، مثل نظرية مساحة العمل العالمية (Global Workspace Theory) وعلاقتها بالذكاء الاصطناعي.

كتب الفريق في بحثهم: «تقوم نظرية مساحة العمل العالمية على فكرة استخدام البشر والحيوانات الأخرى لعدد كبير من الأنظمة المتخصصة، تسمى الوحدات، لإجراء المهام الإدراكية المختلفة. تستطيع هذه الأنظمة المتخصصة إجراء المهام بفاعلية واستقلال وبالتوازي، ولكن تربطها معًا بعض الخصائص الدماغية لإنشاء نظام موحد حتى تشارك المعلومات فيما بينها».

ليست نظرية مساحة العمل العالمية بالمعنى التقني الدقيق نظرية عن الوعي، إذ تُجرى نظريًّا هذه العمليات من دون وسيط، ولكن يبين الفريق أن تلبية الذكاء الاصطناعي لشروط النظرية، بما فيها شرط إتاحة الوحدات جميعها لمساحة العمل، قد يكون دليلًا لصالح وعي الذكاء الاصطناعي.

بحث الفريق في نظريات أخرى أيضًا، كنظرية التراتب (higher-order theory) التي تدعي اقتضاء الوعي بإدراك الأفكار والوظائف، هذا الإدراك الذي ينبع من مراكز إدراك أعلى رتبة في الدماغ.

إذا أظهر الذّكاء الاصطناعي تنفيذه لجوانب معينة من هذه النظرية، مثل القدرة على استقبال معطيات معينة والتركيز على معلومات محددة فيها، سيكون هذا دليلًا آخرًا على وعيه.

يؤكد الفريق أن بحثهم بعيد كل البعد عن كونه نهائيًا في هذا الموضوع وقاطعًا، ويهدف الأعضاء إلى تشجيع المزيد من البحوث حول الوعي وتطبيقاته على الذكاء الاصطناعي في حال طورنا في يوم من الأيام ذكاءً اصطناعيًا واعيًا، سواء كان بالمصادفة أو حتى عن عمد.

يختتم الباحثون عملهم بقولهم: «واحدة من الحجج التي تدعم احتمالية تطويرنا لذكاء اصطناعي واعٍ هي ارتباط الوعي بالمقدرات الأعقد لدى الحيوانات، لذلك قد نبني أنظمة ذكاء اصطناعي واعية في سعينا إلى تحسين مقدرات الذكاء الاصطناعي، ويسعى اليوم بعض باحثي الذكاء الاصطناعي المؤثرين إلى زيادة مقدرات الذّكاء الاصطناعي ببناء أنظمة يُحتمل بنسبة كبيرة أن تكون واعية».

اقرأ أيضًا:

كيف سنعرف إذا أصبح الذّكاء الاصطناعي واعيًا؟

هل سيصبح الذّكاء الاصطناعي يومًا ما واعيًا ومدركًا لذاته؟

ترجمة: أحمد نور الله

تدقيق: بشير حمّادة

المصدر