هل تشكل أغلفة الطعام خطرًا على صحتك؟


تشير دراسة جديدة منشورة في دورية العلوم البيئية و التكنولوجيا إلى إمكانية قيام الأمريكيين باستهلاك الأطعمة السريعة المغلفة بأوراق معالجة بمواد كيميائية مشبعة بالفلور (PFCs)
و هي نفس المواد الكيميائية المستخدمة في المنتجات المقاومة للبقع، مواد مكافحة الحرائق، و أدوات المطبخ المقاومة لالتصاق الأطعمة .

حيث قام العلماء باختبار أكثر من 400 عينة من مواد التغليف , مثل مغلفات الهمبرغر، السندويش، أكياس المعجنات، أكواب المشروبات، و علب البطاطس المقلية، ووجدوا أدلة تشير لوجود مواد مفلورة تدعى عديدات الألكيل المفلورة (PFASs).

و من ضمن العينات التي تم اختبارها، تم العثور على هذه المواد الكيميائية في 56% من مغلفات الخبز و الحلويات، 38% من مغلفات السندويش و الهمبرغر، و 20 % في الورق المقوى .
و قد وجدت الدراسات السابقة أن عديدات الألكيل المفلورة هذه قادرة على الانتقال للأطعمة و تلويثها، و التجمع في جسم الإنسان عند استهلاك هذه الأطعمة .

و يقول غراهام بيسلي، بروفسور في الفيزياء النووية التجريبية في قسم العلوم من جامعة نوتردام، و الذي قام باختبار العينات : « إن هذه المواد الكيميائية ثابتة حقًا، فهي تدخل إلى مجرى الدم و تظل هناك و تتجمع . و هنالك العديد من الأمراض التي يمكن أن تُربط بها و لذلك نحن حقًا لا نريد لهذه الفئة من المواد الكيميائية أن تنتشر » .

و قد استخدم بيسلي طريقة جديدة متخصصة قام بتطويرها بنفسه و تدعى التحليل الطيفي لأشعة غاما المنبعثة من الجسيمات .

particle-induced gamma-ray emission (PIGE) spectroscopy و ذلك لتحليل كمية الفلور الكليّة لكل قطعة من مواد التغليف و هذه الطريقة فعالة و مجدية اقتصاديًا لقياس وجود مواد كيميائية مثل الفلور في العينات الصلبة .

لقد ربطت الدراسات السابقة عديدات الألكيل المفلورة في كل من سرطانات الكلية و الخصية، أمراض الدرق، وزن الوليد المنخفض، و السمية المناعية عند الأطفال، إضافة لمشاكل صحية أخرى . حيث أن هذه المواد الكيميائية تملك نصف عمر طويل خاص بها فهي تأخذ العديد من السنوات قبل مغادرة 50% منها فقط لجسم الإنسان . و يقول بيسلي أن هذه المواد الكيميائية لا تتحلل حيويًا، و لا تتحلل بشكل طبيعي، فهي ثابتة في الطبيعة لوقت طويل .

إن هذه النتائج مقلقة و ذلك عند الأخذ بعين الاعتبار دور الأطعمة السريعة في حمية الأمريكيين الغذائية . حيث أعلن المركز الوطني للإحصاء الحيوي أن ثلث الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية يتناولون الوجبات السريعة يوميًا .

و لقد تم أخذ العينات من 27 سلسلة مطاعم سريعة مثل:

McDonald’s, Burger King, Chipotle, Starbucks, Jimmy Johns, Panera and Chick-Fil-A و ذلك من كل من بوسطن، سان فرانسيسكو، سياتل، واشنطن، و غراند رابيدز في ميشيغن . و لم تتضمن هذه العينات حاويات الأطعمة التي تؤخذ خارج المطعم مثل علب الطعام الصيني و علب البيتزا .

و بناء على نتائج الدراسة، قام الباحثون بالتواصل مع كل واحدة من سلاسل مطاعم الأكل السريع و التي تم أخذ العينات منها و ذلك لرؤية ما إذا كانوا على علم بأن مواد التغليف لديهم كانت تحتوي على مواد كيميائية مفلورة . و جاء الرد من سلسلتين فقط، و قد قالتا بأن مواد التغليف لديهم كانت خالية من الفلور PFASs إضافة إلى أن السلسلة الأخرى وصلت لحد القول بأنها تلقت تأكيدًا من ممولها بذلك .

و لكن الدراسة وجدت أن السلسلتين السابقتين كانت نتائجهما إيجابية لكمية هامة من هذه المواد الكيميائية المفلورة، و هذا ما دعا الباحثين للاعتقاد بأن بعض السلاسل يمكن أن تكون غير واعية بما تحويه مواد تغليفها .

و يقول بيسلي أن هذا يمثل نداء صحوة لهذه الشركات و لزبائنها أيضًا .

إن المعنيين في هذه الدراسة يأملون أن هذه النتائج سوف تشجع مطاعم الأكل السريع لاختيار بدائل غير سامة مثل الأغلفة البلاستيكية، أوراق الألمنيوم و الأوراق الشمعية .

و قد تولى بيسلي بحثه هذا كبروفسور في كلية هوب و منذ انضمامه لجامعة نوترام وهو يقوم بقيادة التجهيزات لمنشأة في مختبر العلوم النووية في الجامعة و ذلك لممارسة اختبارات التحليل الطيفي
PIGEبشكل روتيني على منتجات استهلاكية و عينات بيئية في المستقبل . و تتضمن قائمة المساعدين في الدراسة كل من الباحثين و العلماء في مؤسسة ( سايلنت سبرينغ – Silent Spring ) مكتب كاليفورنيا لضبط المواد السامة، مؤسسة سياسة العلوم الخضراء، مجموعة العمل البيئية، مؤسسة حماية البيئة في الولايات المتحدة الأمريكية و مؤسسة (اوك ريدج- Oak Ridge) للعلوم و التعليم، إضافة لجامعة كاليفورنيا في بيركلي و كليّة (هوب-hope).


المترجم : عماد دهان
تدقيق: أسمى شعبان
المصدر