ربما لن يكون الأمر كذلك، ولكن توجد أسباب تدعونا إلى التفاؤل باحتمالات مستقبلنا القريب. وجد العلماء في العقود الثلاثة الماضية أكثر من 4000 كوكب. وسوف تستمر الاكتشافات في المضي قدمًا، وتشير الملاحظات إلى أن كل نجم في مجرة درب التبانة يستضيف كمعدل أكثر من كوكب. نظرًا لتقارب القدرات الأرضية والفضائية، وللبحث عن الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وغيرها من الأدوات، هل نحن على وشك تحديد ما يمكن تحقيقه للحياة في جميع أنحاء العالم، أو ربما حتى التأكيد على وجود حياة فضائية ذكية ؟

هل سيكون عام 2020 هو عام الحصاد السماوي، إذ توجد أهداف ذات أهمية لتقديم مؤشرات تقنية، وهي مؤشرات على التكنولوجيا التي طورتها الحضارات المتقدمة؟

سأل موقع سبيس دوت كوم Space.com أفضل خبراء مؤسسة البحث عن حياة فضائية ذكية حول ما قد يشير العام القادم فيما يتعلق باكتشاف المزيد من النجوم.

اكتساب السرعة

قال سيث شوستاك (Seth Shostak)، وهو فلكي كبير في مؤسسة البحث عن حياة فضائية ذكية SETI في ماونتن فيو بكاليفورنيا: «حسنًا، رغم كونه الاحتفال واسع النطاق بالذكرى المئوية لانتخاب وارين جي هاردينغ، فإن عام 2020 لن يكتسب شهرةً على الأرجح كأول عام نكتشف فيه وجود ذكاء فضائي».

وأضاف شوستاك أن البحث عن كائنات ذكية في أماكن أخرى تحدث في أغلب الأحيان من خلال فحص أنظمة النجوم القريبة لإشارات الراديو ضيقة النطاق أو ومضات قصيرة من ضوء الليزر. وقد ينجح ذلك في أي وقت، حسبما ذكرت سبيس دوت كوم.

قال شوستاك: «لكن يجب أن يتذكر المرء أن هذا النوع من البحث يكتسب السرعة بشكل كبير، وأن الحقيقة التقنية الخاصة تسمح بتقدير تقريبي للتوقيت الذي قد يمكن فيه لمؤسسة البحث عن الذكاء الصناعي أن تؤتي ثمارها.

إذا أخذنا رأي فرانك دريك (بسبب عدم وجود تقدير أفضل) بأن يكون هناك 10,000 جمعية إذاعية في مجرة درب التبانة، فمن الواضح أنه يجب علينا فحص مليون إلى 10 ملايين نظام نجمي على الأقل للحصول على فرصة معقولة للعثور على أحدها. وسيتحقق هذا الهدف خلال العقدين القادمين، ولكن بالتأكيد ليس خلال عام 2020».

عمليات بحث محسّنة

لا تزال هناك أسباب تجعل صيادي الفضائيين الأذكياء متحمسين ومتفائلين في العام المقبل. وقال شوستاك أن العديد من المشروعات القائمة ستتوسع وربما تتحسن في عام 2020. على سبيل المثال، ستحصل مؤسسة البحث عن حياة فضائية ذكية SETI على أجهزة استقبال جديدة لمصفوفة تلسكوب ألين في شمال كاليفورنيا، وستقوم كل من مؤسسة SETI وجامعة كاليفورنيا في بيركلي بإجراء عمليات بحث جديدة عن مؤشرات تقنية ليزرية محتملة.

قال شوستاك: «دائمًا يوجد ما هو غير متوقع. ففي عام 1996 حدثت أكبر قصة علمية لهذا العام بادعاء أن ميكروبات المريخ المتحجرة قد وجدت في نيزك. ولم ير أحد ذلك. لذا، لا بد من أن نتفاجأ دائمًا».

التوقعات السابقة

قال مايكل مايكود (Michael Michaud)، مؤلف كتاب الاتصال بالحضارات الفضائية: آمالنا ومخاوفنا من مواجهة الفضائيين (كوبرنيكوس عام 2007): «أنا متشكك حول اختيار سنة محددة للاكتشاف الأول، لقد كانت التكهنات السابقة بالنجاح مخطئة».

وصرح مايكود «لاحظت أنا وآخرون أن التحسين المستمر لتكنولوجيات واستراتيجيات البحث لدينا يمكن أن يعزز احتمالات النجاح»، مشيرًا إلى أن التركيز الرئيسي لمؤسسة البحث عن حياة فضائية ذكية SETI لا يزال على الإشارات اللاسلكية. ويضيف: «ومع ذلك، لا نزال لا نغطي جميع الترددات في السماء طوال الوقت.

كما فشلت أنواع أخرى من عمليات البحث، مثل البحث عن إشارات الليزر أو مجال دايسون- Dyson، وهو عبارة عن مشاريع هندسية عملاقة في الفضاء. وعادةً ما تكون هذه الحملات محدودة التمويل ولا تدوم طويلًا في كثير من الأحيان».

وقال مايكود: «يستطيع علماء الفلك في بعض الحالات البحث عن دليل كيميائي على الحياة في الأجواء الكوكبية. ومن المتصور أن نجد أشكالًا بسيطة من الحياة قبل أن نجد إشارات من حضارة تكنولوجية».

الرأي السائد

إذا أكد علماء الفلك في يوم ما اكتشاف مؤسسة البحث عن حياة فضائية ذكية (SETI)، فكيف ينبغي عليهم الإعلان عن هذا الاكتشاف؟ إنه سؤال قديم تمت الإجابة عليه بعدة طرق.

وقال مايكود: «إن الرأي السائد بين علماء الفلك الإذاعيين هو أن الأنباء ستتسرب بسرعة. وإذا كان ذلك صحيحًا فلن يكون لدى السلطات العلمية والحكومية الكثير من الوقت لتطوير استراتيجية الشؤون العامة.

لا يزال ممكنًا أن تكون قدرات المراقبة المتطورة للذكاء أول من يكشف عن أدلة قوية. وقد يعتقد المرء أنه سيكون لدى الحكومة خطة للتعامل مع مثل هذا الحدث».

لكن مايكود قال إن خبرته الخاصة تشير إلى أن مثل هذه الخطط من غير المحتمل أن توضع وسوف تُنسى بينما يتنحى المسؤولون عن مناصبهم. وقد مثل سابقًا وزارة الخارجية الأمريكية في المناقشات بين الوكالات حول سياسة الفضاء الوطنية.

مشروع طويل الأمد

قال المدير التنفيذي للمبادرات المبتكرة بيت ووردن (Pete Worden): «مع أنني متحمس لإعادة تنشيط عمل المؤشرات التكنولوجية، وخاصة لزيادة النظر عبر الكثير من الطيف الكهرومغناطيسي، أعتقد أن هذا سيكون مشروعًا طويل الأمد. إلا أنني أقدر احتمالًا صغيرًا جدًا بالنجاح في أي سنة محددة، لكن تعد هذه الفرص الآن أفضل بكثير مما كانت عليه قبل عقد من الزمان».

هل سيكون 2020 العام الذي نعثر فيه على حياة فضائية ذكية ؟ - البحث عن أشكال الحياة الذكية خارج الأرض - أين تعيش الكائنات الفضائية

إن المبادرات المبتكرة تعالج المسألة الكبرى المتعلقة بالحياة في الكون، وهي مسألة جديرة بالملاحظة حول ما إذا كان كوكب الأرض وحده أم لا. إن المبادرات المبتكرة هي مجموعة متعددة الأوجه تعيد تنشيط البحث عن حياة فضائية ذكية.

وقال ووردن: «إن المبادرات المبتكرة ملتزمة بالكشف الكامل والفوري عن جميع النتائج. سنعتمد على المحققين الرئيسيين لمشاريعنا وعلى مؤسساتهم المنزلية لإعداد ونشر تقارير علمية وإعلانات عامة».

التحضير للاكتشاف

رغم العمل المستمر من خلال الاستماع، والقمر الصناعي الخاص بالدراسات الاستقصائية عبر الكواكب الخارجية العابرة (TESS) التابع لوكالة ناسا، والأبحاث الخاصة باكتشاف المؤشرات الحيوية والمؤشرات التقنية الواعدة، إلا أنه لا يوجد سبب للتفكير بأن عام 2020 سيكون عام الاكتشاف، على حد قول ستيفن ديك. وهو باحث وكاتب معروف في علم الأحياء الفلكية في كتاب علم الأحياء الفلكية والاكتشاف والتأثير المجتمعي الحائز على جوائز (نشرته مطبعة جامعة كامبريدج، عام 2018).

وقال ديك: «في رأيي، تجتمع كل هذه الأشياء لزيادة فرص العثور على ذكاء فضائي خلال العقد القادم. سأحذر رغم ذلك أن أي اكتشاف سيكون عمليةً موسعةً تتكون من الاكتشاف والتفسير قبل التوصل إلى أي فهم. هذا واضح من تاريخ الاكتشاف حتى عندما اعتقدنا بوجود أدلة».

ومثل شوستاك، استشهد ديك بأرصاد المريخ ALH 84001، التي ولدت في عام 1996 جدالًا ومناقشات مفادها أن الحياة المجهرية القديمة كانت موجودةً على الكوكب الأحمر.

وأضاف ديك: «هناك أمر واحد مؤكد هو أننا سنتعامل بشكل أفضل مع قضايا التأثير المجتمعي إذا توصلنا إلى مثل هذا الاكتشاف. إن العديد من العلوم الاجتماعية والإنسانية تشارك في علم الأحياء الفلكي، والتي تعود بالنفع عليها. بعبارة أخرى، نحن نستعد للاكتشاف، وأنا أرى أن البحث يتقدم بشكل متزايد في العام المقبل ولكن مع تزايد احتمال اكتشاف الحياة في المستقبل القريب».

سباق الخيل ثلاثي الاتجاه

وقال دوجلاس فاكوش، رئيس قسم المعلومات للذكاء الفضائي غير الربحي في سان فرانسيسكو: «هناك الكثير من الحالة الفعلية التي يمكن أن توجد فيها حياة».

يقول فوكاش: «إننا الآن على وشك معرفة ما إذا كانت هناك حياة في مكان آخر في الكون، وهناك ثلاث طرق يمكننا أن نجدها. فكر في الأمر كسباق خيول ثلاثي الاتجاهات للعثور على الفضائيين».

ولكن هل يعبر أي من الخيول خط النهاية في عام 2020؟

قال فاكوش لموقع سبيس دوت كوم: «إن كل هذا يتوقف على انتشار الحياة الفضائية، وعدد الأهداف التي يمكننا فحصها باستخدام التقنيات المتاحة – سواء كانت هذه الأدوات موجودةً في المراصد الأرضية أو في التلسكوبات الفضائية أو في مركبة فضائية تسافر إلى كواكب وأقمار أخرى في نظامنا الشمسي».

تقنيات جديدة

هل يجد العلماء حياةً فضائيةً ذكيةً في العام القادم؟

قال فاكوش: «يعتمد كل شيء على مدى وفرة وجود كائنات فضائية ذكية. إذا كان واحد من بين 1000 من أنظمة النجوم هو موطن لحضارة متقدمة تحاول الاتصال، فإننا متخلفون عن الجدول الزمني في إجراء الاتصال الأول، ويمكن أن تأتي أخبار أننا لسنا وحدنا في هذا الكون في عام 2020».

وهناك توقعات بأن تكون الحياة الميكروبية، مثل بكتيريا الأرض، أكثر انتشارًا في الفضاء من الحياة الذكية.

لكن البكتيريا لا يمكنها إرسال إشارات لاسلكية إلينا. وقال فاكوش: «نحن بحاجة لتطوير تقنيات جديدة لاستكشافها عن بعد. سنزيد من فرص اكتشاف علامات الحياة مع إطلاق الجيل التالي من التلسكوبات الفضائية، من خلال التغيرات التي تطرأ على أجواء الكواكب التي تدور حول النجوم الأخرى، مما يمنحنا ملايين الأهداف في بحثنا عن حياة بسيطة في الكون».

وفي نهاية عام 2020، سنكون على بعد أشهر قليلة من إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا والذي طال انتظاره، حسبما قال فاكوش، والذي سيكون قادرًا على دراسة أجواء الكواكب الخارجية بحثًا عن علامات الحياة المحتملة.

ولكن الأمر قد يستغرق وقتًا أطول بكثير، إلى أن يحين موعد إطلاق المسح واسع النطاق للأشعة تحت الحمراء المستشعرة من بعيد في الغلاف الجوي لوكالة الفضاء الأوروبية، أو كما يرمز له ARIEL في عام 2028، قبل أن نجد دليلًا قاطعًا على وجود ميكروبات خارج الأرض من خلال تغيرات في أجواء الكواكب الخارجية، على حد قول فاكوش.

العيش مع عدم اليقين

يوجد عدد من المركبات الفضائية في مرحلة العرض التي يمكن أن تكتشف الحياة الفضائية داخل نظامنا الشمسي، ولكن لا تحبس أنفاسك لاكتشاف ذلك بحلول عام 2020. على حد قول فاكوش :«ولكن إذا ما رأينا يومًا ما حياةً جرثوميةً في مكان آخر في نظامنا الشمسي ذات أصل مستقل عن الحياة الأرضية، فإننا سنعرف أن الكون كله مليء بالحياة».

بطبيعة الحال، لا يستطيع الإنسان أن يتحكم فيما إذا كانت الحياة في مكان آخر من الكون أو لا.

وقال فاكوش: «إما أن يكون أو لا يكون. قد لا نتمكن من اتخاذ قرار بشأن ما إذا كنا سنعثر عليها في عام 2020، ولكن لدينا قدرة هائلة على تحديد ما إذا كنا سنعثر عليها في نهاية المطاف، إذا كان من الممكن اكتشافها».

واختتم فاكوش بقوله: «أن تكون إنسانًا يجب أن تعيش في حالة من عدم اليقين. وإذا طالبنا بضمانات قبل أن نبدأ البحث، فإننا نضمن أن لا نجد أي شيء. ولكن إذا كنا على استعداد للالتزام بالبحث في العام القادم وبعد ذلك بوقت طويل حتى دون أن نعرف أننا سننجح، فمن المؤكد أننا سنكتشف أن هناك حضارةً واحدةً على الأقل في الكون لديها العاطفة والتصميم على فهم مكانها في الكون، وهذه الحضارة هي نحن».

اقرأ أيضًا:

كيف يمكن لتغير لون كوكب الأرض أن يساعدنا على اكتشاف حياة فضائية؟

هل يمكن أن نجد حياةً فضائيةً في «النجوم الفاشلة»؟

أيها الباحثون عن حياة فضائية ذكية ، توقفوا عن استخدام معادلة دريك

ترجمة: رؤى درخباني

تدقيق: محمد وائل القسنطيني

مراجعة: صهيب الأغبري

المصدر