سألني الكثير من الأهل حديثًا هل عودة أطفالهم إلى ممارسة الرياضات الخريفية آمنة أم لا؟ نعلم أن فيروس كوفيد-19 ما زال ينتشر، لكن أطفالنا أمضوا أشهرًا في العزل الاجتماعي، درسوا خلالها في مدارسهم بواسطة الإنترنت. فهل يُمكننا على الأقل السماح لهم بالعودة إلى ممارسة رياضاتهم المفضلة؟

سؤالٌ صعب، فنحن نعلم أن فيروس كوفيد مُعْدٍ للغاية، وقد أعادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها التحذير من الفيروس مُشيرةً إلى إمكانية انتقاله عبر جزيئات الهواء، ما يعني إمكانية بقاء الجزيئات المُحمَّلة بالفيروس التي تخرج من أنوفنا أو أفواهنا في الهواء بضع ساعات. إضافةً إلى أن بعض البلدان أكثر عرضةً لخطر العدوى مقارنةً بسواها.

قضى أولادنا 6 أشهر صعبة، ونعلم أن الجائحة لن تنتهي قريبًا، وأن إصدار اللقاح سيستغرق بعض الوقت، وتوجد تساؤلات كثيرة حول المدة التي سيستغرقها إلى أنْ يُصبح مُتاحًا الجميع، وهذا يعني أنه ما زال أمامنا شهورًا إضافية من الاحتياطات، إن لم تكن سنة كاملة.

ازداد الاهتمام بالمشكلات النفسية في الآونة الأخيرة، فالتوتر بسبب الجائحة والاضطرابات الأخرى في البلاد، إضافةً إلى الخسائر المادية والعزل الاجتماعي، كلها عوامل تضع العائلات تحت الضغط وتنشر القلق والاكتئاب بين العديد من الأشخاص. بيَّنت إحصائية أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن 40 % من الراشدين مصابون بالقلق أو الاكتئاب، وهذا يبلغ نحو 3-4 أضعاف معدل السنة السابقة.

هل ممارسة الرياضة آمنة خلال جائحة كوفيد-19 - هل من الآمن ممارسة الرياضيات في ظل وجود فيروس كورونا - الإصابة بكوفيد-19 - عدوى الفيروس

كان من المحتمل تشخيص ثلث الأطفال بحلول عامهم الثامن عشر بالقلق، ما يعني أننا لم نكن في موقف جيد فيما يتعلق بالصحة النفسية حتى قبل بداية الجائحة.

يُساعدنا البقاء حول الآخرين حتى مع الالتزام بالتباعد الاجتماعي على الشعور بالتحسن طبيعيًا، من طريق عمل الجهاز العصبي اللا ودي -الباراسيمباثاوي- الذي يوازن حالة الجسم المعروفة بـ «الكر والفر» التي تحدث استجابةً لعوامل التوتر، ولا شك أن الظروف المُحيطة قد أرهقت استجابات الجسم في هذه الفترة. ويُعد التمرين علاجًا أيضًا، فهو يطلق الإندورفينات التي تعمل محسناتٍ مزاجية.

إذن، ماذا نفعل؟

أظن أن بإمكاننا تحقيق نوع من التوازن، وتعلم كيف «نتعايش» مع فيروس كوفيد، بالتحلي بالأفكار الصائبة والحذر في الأنشطة التي نختارها لأطفالنا.

تتبع بعض الرياضات قواعد التباعد الاجتماعي تلقائيًا، مثل الركض في الريف أو التنس، أما الرياضات التي تُمارس في الصالات المغلقة مثل كرة السلة فهي غير محبذة.

ما يلي بعض النصائح التي أتبعها عندما أفكر في اختيار الرياضة المناسبة لأطفالي:

  •  هل تحقق الرياضة التباعد الاجتماعي؟ أكثر النشاطات أمانًا هي الرياضات التي يكون فيها المشاركون متباعدين بمسافات كبيرة، مثل العدو أو الغولف أو حتى السباحة.
  •  كم يطول زمن التلامس مع الآخرين في الرياضات الجماعية؟ يرفع الزمن إن زاد على بضع دقائق من خطر العدوى. قد تكون رياضة تُلعب في الخارج مع أوقات تجمع قليلة مثل كرة القدم مقبولة، مع مراعاة التباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة خارج الملعب، ومع انخفاض معدل الإصابات بكوفيد-19 في المجتمع المحيط.
  •  هل يتشارك اللاعبون المعدات؟ يُعزز تشارك المعدات خطر العدوى. مثلًا، إن سال أنف طفل أو سعل وأصاب الخوذة أو لباس الفريق الخاص به، فليس استخدام شخص آخر لها أمرًا صحيحًا على الإطلاق.
  •  هل تتطلب المشاركة مع الفريق السفر إلى مجتمعات أُخرى؟ تتناسب احتمالية التعرض لكوفيد مع عدد الحالات المنتشرة في المجتمع ومع نسبة الأفراد الذين يشخَّصُون بنتيجة إيجابية من الفحص. سيكون أطفالك في خطر أكبر عند السفر إلى مجتمع فيه نسبة إصابات مرتفعة، وإن كان مجتمعًا صغير العدد. حاول تجنب الرياضات التي تتطلب السفر قدر الإمكان.
  •  هل تُلعب الرياضة في مكان مفتوح أم في صالات؟ أي شيء يجري في صالات أخطر، خصوصًا مع تزايد معدل التنفس عند الأطفال بسبب التعب. قد ينتقل الفيروس عبر رذاذ الهواء -جزيئات صغيرة جدًا تخرج من الأنف والفم- وقد تطول فترة وجوده في الهواء، خصوصًا مع غياب التهوية الجيدة في الأماكن المغلقة.
  •  هل يتبع الأطفال وأهلهم والمسؤولون عن مراقبتهم قواعد السلامة الصحية المتعلقة بكوفيد-19؟ إن هذا مهم للغاية، إن كان الأفراد يتجمعون بأعداد كبيرة أو يفترضون أن ارتداء الأقنعة ليس مهمًا فستتزايد احتمالية انتقال العدوى من الأطفال وإليهم.

تذكر أيضًا أنك قد تواجه موقفًا قد تضطر فيه أنت وعائلتك إلى الانسحاب من رياضة ما. لقد خالط ابن صديقي خلال لعب كرة السلة في مكان مفتوح طفلًا صدرت نتيجة اختباره إيجابية بفيروس كورونا. ومع أن فرص التقاط الفيروس أقل لأن الرياضة في مكان مفتوح، وجب عليهم حجر أنفسهم مدة 14 يومًا. ولحسن الحظ جاءت نتيجة التحليل سلبية. فتحضر لمثل هذا النوع من المواقف.

في النهاية، إن كان أطفالك قادرين على المشاركة في الرياضة وكان مُعدل العدوى بكوفيد-19 في مجتمعك منخفضًا وكان الجميع مُلتزمًا بقواعد الأمان، عندئذ تكون العودة إلى النشاطات أمرًا إيجابيًا.

على الأطفال الخروج من المنزل والحركة وبناء العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، وعلينا بوصفنا الأهل أن نفعل ذلك أيضًا.

اقرأ أيضًا:

لقاحات كوفيد-19 في مسار سريع للحصول على الموافقة.. كيف سنعلم أنها آمنة؟

تأثير جائحة كوفيد-19 على التعليم الجامعي

ترجمة: علي علوش

تدقيق: روان أبوزيد

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر