كيف كان ليوناردو دافنشي قادرًا على تصوير ووصف مشاهد ثلاثية الأبعاد بدقة عالية؟

طبقًا لورقة نُشِرت مؤخرًا في مجله JAMA لطب وجراحة العيون، فإن ليوناردو دافنشي كان يختلف عن بقية الرسامين مثل رامبرانت، ديغاس، بيكاسو، وجيوفاني فرانشيسكو باربييري في أنه لديه عينًا مميزة تمكّنه من رؤية المشاهد والمساحات بنظرة مختلفة.

الحَوَل هو اضطراب الرؤية ثنائي العينين، ما يعني أن عينيك لا تستطيعان الحفاظ على التوافق السليم بشكل أساسي، أو ما يعني أنهما غير قادرتين على العمل سويًّا.

هذا يعني أنه مع وجود عين ثابتة على وضع معين، توجد عين أخرى تتحرّك بطريقة غير منتظمة، ما يعني أن الشخص لديه أكثر من مصدر للرؤية.

ولتعويض ذلك يقوم المخ بتجاهل أي معلومات قادمة من العين التي تتحرّك بطريقة عشوائية.

وللأسف، فإن حوالي 4% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية لديهم هذا الحَوَل الذي يمكن أن يُعالَج عن طريق النظّارات، تمرينات العين، أو التدخّل الجراحي، ولكن الموضوع يصير صعبًا إذا كان الشخص رسّامًا، وذلك بسبب عدم قدرة العين على العمل بالتزامن لكي تقوم بخلق مظهر كامل للعالم في خيال هذا الشخص.

هذا يمثّل معضلة ومشكلة من وجهة نظر فنّية، ولكن هذا يعني أن الشخص يجب أن يخلق أدلّة أخرى مثل تغيير المنظور، والتظليل للحصول على هذا المظهر. ولكن بشكل أساسي فإن هؤلاء الأشخاص يتعرّفون على المساحة المحيطة بهم بشكل مختلف عن الأشخاص الذين ليس لديهم أي إعاقة، وهو أمر مفيد للغاية عندما تحاول إنشاء عرض ثلاثي الأبعاد لكائن ثنائي الأبعاد.

هذا قد يكون مجرّد سبب لأن نسبة الرسامين الذين لديهم الحول أكبر من الرسامين الطبيعيين.

يعتقد بعض علماء البيولوجيا العصبية أن جدار العين لدى رامبرانت كان به حَوَل وحشي، وهذه الخاصية لعبت معه دورًا مهمًّا في التمييز بين استخدام الضوء والظلام.

حاليًا يعتقد الباحثون في مدينة لندن أنهم يملكون دليلًا لكي يقترحوا أن ليوناردو دافنشي كانت لديه نفس الحالة.

كانت إحدى المشاكل التي واجهت الباحثين هي كره ليوناردو دافنشي للصور التي كان يقوم برسمها، لذلك جمعوا العديد من الصور وبعد ذلك تم تركيب الدوائر والحواجب على التلاميذ، والقصور القزحية، وفتحات الجفن على كل صورة لقياس محاذاة نسبيتها المتوسّطة.

يملك الأشخاص ذوو النظر الجيّد درجة محاذاة موجبة، لكن انخفضت تقديرات اللوحات الست فكانت -13.2 درجة في ديفيد، -8.6 درجة في سالفاتور موندي، -9.1 درجة في يوحنا المعمدان، و -12.5 درجة في الشباب المحارب، -5.9 درجة في الرجل الفيتروفي، و-8.3 درجة في صورة الذات المسنّة.

ومن هذه الإحصائية اقترحوا أن ليوناردو دافنشي ربما عانى عسرًا متقطعًا لجدار العين مع ميل حوالي -10.3 درجة عند الاسترخاء وتقويم العظام عند الانتباه، ما يسمح له بالتبديل بين الرؤية الأحادية والرؤية العادية.

هناك قيود على الدراسة، وأكثرها وضوحًا هو أن الصور -باستثناء الصورة الذاتية- ليست بالضرورة لليوناردو نفسه.

حتى أن صورة الرجل المسن أثارت جدلًا مشتعلًا حول هوّية هذا الشخص، كأنه رسّام يبلغ من العمر 63 سنة.

بالإضافة إلى ذلك، لم يقس الفريق الرسومات التي رسمها ليوناردو لأشخاص آخرين لمعرفة ما إذا كان قد رسم مثل هذا بشكل عام أو ما إذا كان أكثر انعكاسًا لنفسه.

  • ترجمة: جمال محمد جمال
  • تدقيق: علي فرغلي
  • تحرير: كارينا معوض
  • المصدر