في دراسةٍ أُجريت مؤخرًا، أكد بعض العلماء أن الاحتباس الحراري بآثاره المُختلفة على كوكبنا، يأخذ فترات راحة، ما قد يعطينا فرصةً لتخفيض مستوى انبعاثات الكربون التي تسببه.

قد يسبب الازدياد المستمر للاحتباس الحراري تخطي عتبة الحرارة المطلوبة للحياة، ما سيؤدي تباعًا إلى العديد من التغيرات على سطح الأرض.

وأكد العلماء أن نجاح مؤتمر باريس، المُتمثل بتخفيض الاحتباس كي لا يتعدى 1.5 درجة مئوية يُعتبر خطوة مُمتازة ومُبشرة، لكنه ليس سببًا للتراخي عن الأزمة.

إن المساحات المتجمدة في غرينلاند وغرب قارة أنتاركتيكا، التي تُعتبر حجر أساسٍ لوجود البلدان المجاورة، ستؤدي إلى إغراق هذه البلدان وتدمير كافة خطوطها الساحلية في حال ذوبانها.

والجديرُ بالذكر أن الغازات الدفيئة المُنبعثة من التربة الصقيعية في سيبيريا قد تؤدي إلى ذهاب الجهود المبذولة في سبيل تقليص انبعاثات الكربون سدى.

تعتبر المساحات المتجمدة القطبية والتيارات النفاثة، إضافةً إلى غابات الأمازون والنظام الإيكولوجي التابع للشعاب المرجانية، خط الدفاع الأخير الذي سيسبب في حال انهياره تغييرات جذرية في طبيعة كوكبنا وأنظمته. ويصب العُلماء اهتمامهم الحالي على التوقيت والارتفاع الحراري الحاصل، ولكن يبقى السؤال عن إمكانية تحمل كوكبنا هذا الارتفاع المُتزايد قبل الانهيار.

قد نتمكن من إصلاح وعكس التغير المناخي قبل فوات الأوان - هل نملك فرصة لتخفيض مستوى انبعاثات الكربون التي يسببها الاحتباس الحراري

فترات الراحة:

إن الحرارة المطلوبة للتأثير على المساحات المُتجمدة تصل إلى ما دون درجتين مئويتين. ومن اتجاهٍ آخر، يتطلب التأثير على التُربة الصقيعية ما يصل إلى 4 درجات مئوية تقريبًا.

لكن دراسةً جديدة أُجريت بواسطة باول ريتشي وبيتر كوكس من كلية الهندسة والرياضيات والفيزياء الطبيعية في جامعة إكستير تطرح سؤالًا مختلفًا: هل يمكن إيقاف الاحتباس عند تخطي عتبة الحرارة القصوى وخفض درجات الحرارة عبر سحب ثاني أكسيد الكربون من الجو، أو وضع واقٍ من أشعة الشمس في الستراتوسفير؟

وصرح مؤسس الدراسة بيتر كوكس لشبكة AFP: «أظهرت تحاليلنا إمكانية تجاوز نقطة الحرارة القصوى لفترة قصيرة فقط، دون أن يؤدي ذلك إلى كارثة أو تغير مناخي».

ركز كوكس وزملاؤه في أثناء الدراسة التي أُجريت، على أربعة أسس للنظام المناخي: المساحات الجليدية، وغابات الأمازون، والرياح الموسمية، إضافةً إلى التيارات التي تنقل المياه الباردة والساخنة حول العالم، وتبين من النتائج الأولية أن التيارات المائية والمساحات الجليدية تحتاج إلى مئات السنين للوصول إلى الحرارة المطلوبة للتأثير عليها.

التغير المناخي القاسي:

يقترح العديد من العلماء إمكانية إيقاف التأثير على أُسس النظام المناخي، في حال تخطي الحرارة المطلوبة. ويتم ذلك بخفض حرارة الكوكب.

يستطرد كوكس قائلًا أن بطء الوصول إلى الحرارة المطلوبة عند بعض أسس النظام المناخي، يساعد على منحنا فرصة لعكس الاحتباس وإيقافه قبل تأثُر الكوكب بنتائجه.

لكن هذا لا ينطبق على غابات الأمازون والرياح الموسمية، التي تتأثر بالتغير الحراري خلال بضع سنوات كما أكد الباحثون. والجدير بالذكر أن غابات الأمازون تخسر جزءًا كبيرًا من أشجارها سنويًا، بسبب ازدياد القطع والحرق العشوائي ما يؤدي تباعًا إلى تأثُرها بالاحتباس بسرعةٍ أكبر.

ويؤكد بروفيسور الأرصاد الجوية ويليام كولينز في جامعة ريدنج أن نتائج الدراسة أكدت أن تعرض الكوكب لفترات طويلة من الحرارة الزائدة عن الحد المطلوب، سيؤدي إلى نتائج لا يمكن إصلاحها على صعيد أُسس النظام المناخي، كالغابات الأمازونية التي قد تتعرض للاضمحلال.

أيد العلماء من حول العالم نتائج الدراسة، لكنهم حذروا من التراخي في وقف التلوث والاحتباس، بسبب ما اكتُشف.

وصرح غرانت ألين، باحث وبروفيسور فيزياء الغلاف الجوي في جامعة مانشستر: «ساعدتنا الدراسة على معرفة المزيد عن الاحتباس وآثاره على كوكبنا، والتوقيت الذي يصبح فيه هذا التغير المناخي، غير قابلٍ للإصلاح، لكن هذا لا يعني أن الأزمات المناخية المُقبلة التي تأخذ وقتًا أطول، باتت لا تُشكل خطرًا».

اقرأ أيضًا:

العلماء يحذرون: ارتفاع درجات الحرارة قد يسبب انبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون

الاحتباس الحراري له تأثيرات مختلفة في درجات الحرارة الليلية عن درجات النهار

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: باسل حميدي

المصدر