هل توجد حياة على المريخ؟

ليست لدينا أيُّ فكرة، لا نعرف ما إذا كانت الحياة موجودة على سطح هذا الكوكب الغني بالأكسجين والمغمور بالماء.

يولّد الاكتشاف الجديد لبحيرةٍ ضخمة من المياه الجوفية على الكوكب الأحمر الكثير من التساؤلات عما إذا كان هذا هو المكان الذي سنكتشف فيه أخيرًا وجود مخلوقاتٍ ميكروبية.

هل يمكن لهذه البحيرة (وهي ليست الوحيدة غالبًا) أن تمتلئ بحياة ميكروبية؟

الجواب المختصر هو بالطبع أننا لا نعرف، ومع ذلك، يمكننا القيام ببعض التكهّنات للنظر في الاحتمالات الواردة.

يمكن أن تكون غير قابلة للحياة لأسباب جيولوجية أو بيئية لم نقم بدراستها أو التطرق إليها من قبل.

في نفس الوقت، يمكن أن يشبه الماء هناك إلى حدٍّ كبير الماءَ الذي نكتشفه في بيئات مشابهة على الأرض، وكما يعرف الجميع، حيث يوجد الماء توجد الحياة، حتى لو كانت تلك المياه مالحة أو مشعة أو جليدية أو شبه مغليّة.

من الواضح أننا لم نكتشف الحياة في أي مكان آخر غير الأرض، ما يعني أننا لا نملك إلا نموذجًا واحدًا محدودًا حول كيفية عمل الحياة وتطورها وتكيّفها.

وبما أن علم الأحياء الدقيقة أصبح أكثر تقدمًا، وأصبح علماؤه أكثر جرأة، فقد استطعنا العثور على الحياة المتعلقة بالبكتيريا والمملكة العتائقية (مملكة جرثومية) والفيروسات في كل مكان على الأرض.

لقد وجدنا مخلوقاتٍ مجهريةً تتشبث بجوانب الفتحات البحرية العميقة ذات درجات الحرارة العالية، وقد دُفنت داخل القشرة الأرضية بمناطق لا تتعرض لأشعة الشمس، وقد وجدناها أيضًا في صخور المناجم العميقة، تأخذ الطاقة من الكبريت الذي يسقط من الصخور التي تتعرض للإشعاع.

نجد الطحالب تتطاير مع تيارات الرياح عاليًا في الغلاف الجويّ، التي ترتفع في بعض الأحيان بسبب الانفجارات البركانية.

وقد وجدنا أشكال الحياة محفوظة في رسومٍ ضمن بلورات الجبس العملاقة في كهوف في أعماق الأرض، ووجدنا الفيروسات بكثرة خاصة داخل المحيطات.

وأهم ما توصلنا إليه هو أننا وجدنا أن البحيرات أسفل الطبقات الجليدية تحتفظ بالسيولة بفضل مستوى الملوحة العالي أو الضغط الموجود هناك، الأماكن الأكثر قسوة على وجه الأرض مليئة بالحياة الميكروبية.

وحتى المستويات الأعلى للحياة مثل الأسماك والقشريات يمكن أن تعيش أكثر مع قليلٍ من غاز الميثان في شبكات الكهوف المغمورة بالماء في الأرض.

توجد الحياة في كل مكان، إلا أنها لا تنجح في الاستمرار ضمن أي شيء حار للغاية، مثل الحُمم التي تدمر درجاتها العالية جميع المواد الجينية.

هناك حوالي تريليون نوع للحياة في العالم، والكثير منها يُعتبر من الكائنات القوية، وهي تلك الكائنات التي تنجو وتزدهر في البيئات التي نعتبرها غير مناسبة للحياة.

لا عجب أننا نتوقع إمكانية وجود حياة في عوالم أخرى، كالمياه الباردة للمريخ أو الأعماق الأكثر دفئًا في أوروبا (أحد أقمار المشتري)، وإنسيلادوس (أحد أقمار زحل)، وحتى في سماء كوكب الزهرة الغامضة.

الحياة مرنةٌ بشكلٍ لا يصدق، وهي دائمًا ما تشقّ طريقها، فإذا تمكنت من الاستمرار داخل المريخ، وتمكنت من القفز فوق العقبات التطورية على الأرض، فبالتأكيد يمكنك العثور على أحياء هناك، تشير البيانات إلى أنها منطقةٌ باردة جدًا ومالحة، الأمر الذي يجعل الحياة فيها أكثر تعقيدًا، لكنها لا تزال تحوي ماء سائلًا محميًا من الإشعاعات الضارة.

مرة أخرى، نحن لا نعرف، لا يوجد دليلٌ على أي شيء هناك في الوقت الحاضر، وبما أننا مشككون يجب علينا افتراض عدم وجود شيء.

ولكن كما قال الدكتور بين ليبرتون، عالم الأحياء الدقيقة في مختبر ماكس4 في لوند – السويد، غير المشارك في البحث: «الماء شرط أساسي للحياة كما نعرف، ونحن الآن لا نرى دليلًا على وجود الماء هناك فحسب، بل هو موجود بالفعل!».

ويضيف: «إن المياه أمر حيوي لدعم الحياة، ولكن ربما الأكثر أهمية الآن أنه لدينا فكرة جيدة عما نبحث عنه، وأين نبحث».

نجد أن الكائنات الحية القوية على الأرض تعيش في ظروف أشد قسوة من تلك الموجودة في هذه البحيرة الجديدة، فهل يمكن أن يتغير شيء ما في الماء داخل الكوكب الأحمر؟


  • ترجمة: حبيب بدران
  • تدقيق وتحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر