ما معنى الهومو إريكتوس؟

هومو هي الكلمة اللاتينية التي تعني إنسان أو رجل، وتدل على اسم المجموعة الذي يدل على هذا النوع. أما إريكتوس فهي الاسم العلمي لهذا النوع، وقد اختير الاسم ليدل على قدرة هذا النوع على الوقوف والمشي منتصبًا.

  •  تاريخ الاكتشاف: 1891.
  •  أماكن العيش: شمال وشرق وجنوب إفريقيا، غرب آسيا (ديمانشي، وجمهورية جورجيا)، شرق آسيا (الصين وإندونيسيا)
  •  زمان العيش: من 1.89 مليون سنة تقريبًا إلى 110000 سنة مضت.
  •  الطول: من 145 إلى 185 سم.
  •  الوزن: من 40 إلى 68 كغ.

وبتلخيص سريع يمكن القول أن الهومو إريكتوس كان يعيش في شمال وشرق وجنوب إفريقيا وغرب آسيا (ديمانشي، وجمهورية جورجيا) وشرق آسيا (الصين وإندونيسيا) في مدة تتراوح من 1.89 مليون سنة تقريبًا إلى 110000 سنة مضت، واكتشفت أول مستحاثة عام 1891، وكان الطول يتراوح من 145 إلى 185 سم والوزن من 40 إلى 68 كغ.

نظرة عامة

تُعد الأحفوريات الباكرة للإنسان المنتصب الإفريقي هومو إرغاستر أقدم أحفوريات تعود لإنسان قديم يملك نِسب الإنسان الحالي الجسدية، فيملك قدمين متطاولتين نسبيًا وذراعين قصيرتين مقارنة بحجم الجذع. تُعد هذه المعالم أدلة على التكيف مع الحياة على اليابسة، وتدل على فقدان التأقلم مع تسلق الأشجار مع إمكانية المشي أو الجري مسافات طويلة. وتتصف هذه الأحفوريات أيضًا بامتلاكها حيزًا دماغيًا أكبر مقارنة بحجم الوجه.

أُطلق اسم (صبي توركانا) على الفرد الأكثر اكتمالًا من بين أحفوريات هذه الفصيلة، وهو هيكل عظمي محفوظ بحالة جيدة -عدا كل اليد تقريبًا وعظام القدم- ويعود تاريخه إلى 1.6 مليون سنة. وتدل الدراسة المجهرية للأسنان أنه قد نما بمعدل مماثل لمعدل نمو القردة العليا.

توجد دلائل أحفورية على اهتمام الهومو إريكتوس بالأفراد الكبار في السن والضعفاء، ويرتبط وجود الأحفوريات التي تعود للإنسان المنتصب غالبًا مع استخدام الفأس المحمول في اليد، وهو أول الابتكارات في مجال تقنيات الأدوات المصنوعة من الحجر.

تشمل الاكتشافات الأحفورية في جافا -التي بدأت في ثمانينات القرن التاسع عشر- وفي الصين -المرتبطة بإنسان بكين التي بدأت عشرينيات القرن الماضي- الأمثلة الاعتيادية لهذا النوع. ويعد هذا النوع -أو الأنواع التي تخطت بانتشارها أفريقيا عمومًا- من الفصائل ذات التنوع الكبير، فقد انتشرت على اتساع قارتين، وليس مؤكدًا وصولها لأوروبا، وقد عاشت أطول زمن مقارنةً بفصائل الإنسان القديم، إذ استمرت حياتها نحو تسعة أضعاف استمرار فصيلتنا الإنسان العاقل.

معالم الهومو إريكتوس الفيزيائية المميزة

امتلك الهومو إريكتوس هيكلًا عظميًا قويًا مشابهًا للهيكل الخاص بالبشر الحاليين، ولكن جماجمه كانت مختلفة عن جماجمنا.

حجم الجسم وشكله:

كان الجسد -المعروف عند العينات الصينية فقط- أقصر وأكثر قوة من البشر الحاليين.

الدماغ:

  •  أكبر حجمًا من الأنواع السابقة وبلغ 1050 سم مكعب وسطيًا.
  •  تركيبه مشابه لتركيب الدماغ الحالي.

الجمجمة:

  •  كان الوجه أكبر مع جبهة منخفضة ومائلة وخط حجاجي ضخم وأنف كبير ومسطح.
  •  كانت الجمجمة كبيرة وطويلة وتمتعت بزوايا حادة في الخلف على عكس تضاريس جماجم البشر الحاليين.
  •  كانت عظام الجمجمة سميكة للغاية وشكلت جسرًا مركزيًا صغيرًا عُرف بالعارضة الوسطى التي امتدت على طول قبة الجمجمة.

الفك والأسنان:

  •  كان الفك كبير الحجم وسميكًا دون ذقن مدببة.
  •  كان للأضراس جذور كبيرة ولكنها كانت تتقلص لتصبح أقرب في حجمها للوقت الحالي.

الأطراف:

كانت مشابهة للبشر الحاليين ولكن عظامها كانت أكثر سماكة، ما يُنبئ عن نمط حياة صعب جسديًا.

البيئة:

ساهم التغير المناخي الذي مرت به الصين حين استُوطِنت زوكوديان في التوسع نحو المواطن المفتوحة التي تحوي المراعي العشبية والسهوب، وذلك بسبب ما حمله من درجات حرارة منخفضة وجفاف، وقد وجدت في هذه البيئات حيوانات المرعى الكبيرة التي لربما اصطادها الهومو إريكتوس.

كيفية بقائهم على قيد الحياة

تطلبت الأجسام الطويلة والأدمغة الكبيرة لدى أفراد فصيلة الهومو إريكتوس الكثير من الطاقة لتعمل في الأحوال العادية. وسمح تناول اللحوم وأنواع البروتين الأخرى التي يمكن هضمها بسرعة بامتصاص المواد الغذائية في مسار هضمي أقصر، ما وفّر الطاقة بسرعة. وتوجد افتراضات بأن العسل ودرنات النباتات الموجودة في التربة شكلت مصادر غذائية مهمة للإنسان المنتصب.

وما إن وجدنا سجلات أحفورية لأوائل الهومو إريكتوس -1.9 مليون سنة مضت تقريبًا- لاحظنا أدلة أثرية لأوائل الابتكارات الكبيرة في مجال صناعة الأدوات الحجرية -1.76 مليون سنة مضت تقريبًا-، وتتألف الأدوات الحجرية المصنوعة هذه -والمسماة بالأشولينية- من أدوات تقطيع كبيرة مثل الفؤوس اليدوية والسيوف، وقد يكون الاعتماد على مجموعة واسعة من الأدوات قد ساعد الإنسان المنتصب على النجاة خلال أوقات التغير المناخي.

حصلت أولى علائم إضرام النار في المخيمات في الفترة الزمنية الخاصة بالهومو إريكتوس، فنحن نملك الأدلة على استخدام هذه النيران للطبخ وتناول الطعام وربما مشاركته، ويرجح أنها كانت من الأماكن التي تُقام فيها العلاقات الاجتماعية، واستُخدمت أيضًا للتدفئة وإبعاد الحيوانات المفترسة.

تاريخ الاكتشاف

وجد الجراح الهولندي أوجين ديبوا أول فرد من فصيلة الإنسان المنتصب (ترينيل 2) في إندونيسيا عام 1891، وفي 1894 سمى هذه الفصيلة بالإنسان القرد المنتصب أو (بيثيكانثروبوس إريكتوس) وتغيرت كلمة بيثيكانثروبوس (الإنسان القرد) إلى هومو (الإنسان)، وقد كانت هذه الفصيلة حينها ذات الأدمغة الأكثر بدائية وأقل حجمًا من بين جميع فصائل الإنسان القديم، إذ لم تكن أي أحفوريات عائدة للإنسان القديم قد اكتُشفت في أفريقيا بعد.

بينت مستحاثات هذا النوع بشرًا قصار القامة وممتلئي الجسم مع شكل جمجمة مميز وعظمين حجاجيين عريضين، ومن أهم العينات من فصيلة الهومو إريكتوس:

  •  سانغيران 17: اكتُشفت جمجمة ذكر عمرها 1.2 مليون سنة في سانغيران في إندونيسيا، وهي الأفضل خفظًا من جزيرة جافا.
  •  زوكوديان 3: اكتُشفت قبة جمجمة تعود إلى مراهق في 1929 في زوكوديان في الصين، إذ وُجدت أصلًا قطع محطمة، وعندما جُمعت سوية تبين أن دماغ هذا الفرد الشاب قد بلغ من الحجم 915 سم مكعب.
  •  رجل جافا أو (ترينيل 2): في 1891 اكتشف أوجين ديبوا قبة جمجمة في ترينيل في إندونيسيا، سميت هذه المستحاثة برجل جافا بسبب اكتشافها في جزيرة جافا في إندونيسيا، وتعد هذه المستحاثة المثال الممثل لفصيلة الإنسان المنتصب.
  •  سانغيران 2: قبة جمجمة عمرها مليون سنة اكتُشفت في 1937 في سانغيران في إندونيسيا.
  •  رجل سولو أو (ناندونغ): قبة جمجمة اكتُشفت عام 1932 في ناندونغ في إندونيسيا، ويُقدر عمرها بين 35000 إلى 500000 سنة، ولم يحدد تمامًا بسبب عدم معرفة موقعها الأصلي تمامًا. وتتشارك بعض التشابهات مع الهومو إريكتوس المُكتشف في سانغيران، وتعد من الهومو إريكتوس المتأخر.
  •  موجوكيرتو أو (بيرنينغ 1): جمجمة طفل اكتُشفت عام 1936 في موجوكيرتو في إندونيسيا، وبين تحديد العمر الراديومتري أن عمرها قد يكون 1.8 مليون سنة، ما يعزز قدم الإنسان المنتصب في آسيا. ولكن هذا التقدير موضع خلاف لأن عينات الرواسب قد جُمعت بعد 60 عامًا من اكتشاف الجمجمة، وقد يكون كل منهما من مستوى مختلف من الأرض.
  •  زوكوديان 5: جزء من جمجمة اكتُشفت في زوكوديان في الصين، وقد جُمّعت من عدة قطع اكتُشفت في 1934 ثم 1936 ثم 1966.
  •  سانغيران 4: اكتُشف عظم فك علوي عمره 1.5 مليون سنة في سانغيران في إندونيسيا. كانت الأسنان القاطعة أكبر حجمًا من الموجودة لدى الإنسان الحديث، وهي من أقدم العينات في سانغيران.
  •  سانغيران 1: اكتُشف جزء من فك سفلي عمره 1.5 مليون سنة عام 1936 في سانغيران في إندونيسيا، وهي أول مستحاثة بشرية اكتُشفت في سانغيران.

توزع الهومو إريكتوس

إن الهومو إريكتوس من الأصناف المعروفة جيدًا من بين أسلافنا، فقد استُخرجت 40 عينة من جافا وكثير غيرها من مواقع في الصين.

يعد موقع سانغيران في جزيرة جافا في إندونيسيا من أكثر مواقع الهومو إريكتوس أهمية، فقد وُجدت بقايا أكثر من 80 فردًا في مواقع مختلفة فيها، وقد سُكِنت قبل 1.6 مليون سنة.

لقد حمل موقع زوكوديان الذي يقع 40 كليومترًا جنوب بكين في الصين أكبر عدد من مستحاثات الهومو إريكتوس التي وجدت في موقع واحد، فقد وُجدت بقايا 50 فردًا، وفي الكهف أيضًا 100000 أداة حجرية تقريبًا، كان معظمها من الكوارتز وحجر الرمل التي استخدمت لصنع الأجزاء القاطعة والصفائح. وقد سُكِنت هذه المنطقة بين 200000 إلى 750000 سنة مضت، ولكن الأدلة تقترح أن هذا التوطن كان متقطعًا وليس دائمًا، وقد استخدمت الضباع وغيرها من الحيوانات موقع الكهف.

وجدت الاستكشافات البدئية التي أجريت من 1926 إلى 1937 خمسة قباب لجماجم وقطعًا أخرى من الجمجمة، إلى جانب 11 فكًا وأكثر من 140 سنًا. وقد ضاعت كل هذه المستحاثات تقريبًا عندما غزت اليابان الصين في الحرب العالمية الثانية، ولكن لحسن الحظ صُنعت نسخ مطابقة لهذه المستحاثات. وقد استُخرجت مستحاثات أخرى من زوكوديان تعود إلى الإنسان المنتصب بعد الحرب العالمية الثانية، وقد استمرت منذ حينها الاستخراجات من أماكن أخرى من الصين مثل هيكسيان ولانتيان ونانجينغ.

شجرة النسب التطورية والعلاقة بالأنواع الأخرى

يوجد خلاف حول تمثيل مجموعتي عينات الهومو إيريكتوس الآسيويتين لذات النوع البشري أم لا، فقبل 1950 أُطلِق اسم (بيثيكانثروبوس إريكتوس) على المستحاثات من جافا، بينما اسم (سينانثروبوس بيكينينسيس) على الصينية، أما بعد 1950 فقد وضعت جميعها تحت اسم هومو إريكتوس. وحتى لو عادت مجموعتا المستحاثات إلى نفس النوع البشري، فإن الطرح الحالي يقترح عدم وجود اتصال بينهما، وأن المجموعات الصينية جاءت بعد المجموعات الإندونيسية ومن مصدر آخر.

لكن عمومًا، يُعد الهومو إيريكتوس فرعًا جانبيًا من شجرة عائلتنا التطورية، بينما يعد الإنسان المنتصب الإفريقي (هومو إيرغاستر) سلفًا مباشرًا لنا الذي يميزه بعض العلماء عن الإنسان المنتصب الآسيوي (هومو إريكتوس سينسو ستريكتو)، بينما يدمجه آخرون سوية باسم (هومو إريكتوس سينسو لاتو). وفي الحالتين يتفق العلماء عمومًا على انحدار هذه الفصيلة من فصيلة أقدم من الإنسان مثل الإنسان الماهر (هومو هابيليس)، التي تمثل إحدى أكثر التشتتات في تاريخ تطور الإنسان. ومن المرجح أن فصائل محددة من (هومو إريكتوس ستريكتو لاتو) أدت إلى نشوء الأنواع الإنسانية الأحدث التي تلتها، مثل إنسان هايدلبيرغ (هومو هايدلبيرغينسيس) وفي النهاية صنفنا نحن (هومو سابينس).

وفي بداية نطاقه الزمني منذ 1.9 مليون سنة تقريبًا، تشاطر هومو إريكتوس الوجود مع عدة أنواع للإنسان القديم مثل إنسان بحيرة رودولف (هومو رودولفينسيس) والإنسان الماهر (هومو هابيليس) وإنسان بويزي الموازي أو (بارانثروبوس بويزي)، وقد وُجدت أحيانًا في نفس المواقع الأحفورية. وقد تشاطر الإنسان المنتصب في نهاية فترة وجوده (منذ 143000 سنة مضت) الوجود مع الإنسان العاقل وإنسان فلوريس.

أسئلة

لا نعرف كل شيء عن أسلافنا ولكننا نستمر في تعلم المزيد، إذ يستمر علماء المستحاثات في الخوض في هذا الميدان ويمسحون أراضٍ جديدة باستخدام تقنيات استشعار باطن الأرض، وبهذا فإنهم يردمون الثغرات الموجودة في فهم تطور الإنسان بالتدريج. وفيما يلي بعض الأسئلة التي لم يُجب عنها عن الهومو إريكتوس (الإنسان المنتصب) وقد يُجاب عنها في الدراسات المستقبلية:

  1.  هل كان الإنسان المنتصب السلف المباشر لفصيلتنا نحن (الإنسان العاقل)؟
  2.  تقترح البيانات أن زيادة حجم الجسم وزيادة الاعتماد على الأغذية الحيوانية وزيادة نطاق التواجد شبكة من العوامل التي سهلت بدء انتشار الإنسان المنتصب المبكر من أفريقيا، فهل هذه العوامل متفاوتة بالأهمية؟
  3.  هل كانت جميع أحفوريات الإنسان المنتصب التي تعود إلى فترة زمنية أقدم في شرق أفريقيا وجورجيا متفاوتة تبعًا للأقاليم في الشكل والحجم؟ أم كان يوجد بالفعل عدة فصائل من الإنسان القديم متمثلة تحت اسم الإنسان المنتصب؟
  4.  إلى أي حد أجاد الإنسان المنتصب استعمال النار؟ وما هو المدى الذي استُخدمت فيه؟ وما علاقة هذا بالتغير الطارئ على الحمية الغذائية عند هذا النوع؟
  5.  هل نما الإنسان المنتصب بشكل ومعدل مشابهين للإنسان أم للقرد؟ وهل كان الإنسان المنتصب أول أنواع الإنسان القديم التي اختبرت طفرة المراهقة في النمو؟

اقرأ أيضًا:

ما هي نظرية التطور لداروين وماذا تقول؟

حفرية حية قد تقلب أسس نظرية التطور رأسًا على عقب

ترجمة: علي علوش

تدقيق: محمد حسان عجك

المصادر: 1 2