توصلت دراسة جديدة إلى دواءٍ يؤثر على الجهاز المناعي فيساعد في إطالة عمر المرضى المصابين بسرطان الرئة المتقدم عند إعطائه إلى جانب العلاج الكيميائي القياسي. ولكن ما هي آلية عمل هذا الدواء بالضبط في مساعدة مكافحة السرطان؟

وجدت الدراسة التي شملت أكثر من 600 شخص أن المرضى الذين يعانون من نمط سرطان الرئة الشائع و الذين تلقوا ما يسمى بالدواء المناعي بالمشاركة مع العلاج الكيميائي كانوا أقل عرضة للوفاة بنسبة 51٪ خلال فترة 10.5 أشهر مقارنة بالمرضى الذين تلقوا العلاج الوهمي بمشاركة العلاج الكيميائي (مجموعة الضبط).

كان بالإضافة إلى ذلك متوسط ​​فترة بقاء المرضى على قيد الحياة بدون تقدم أو بمعنى آخر الوقت الذي أمضاه المرضى دون تفاقم المرض، حوالي تسعة أشهر عند المجموعة المناعية بالمقارنة مع مجموعة الضبط التي أمضت خمسة أشهر.

عُرضت الدراسة المنشورة في 16 أبريل على الجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان في اجتماعها في شيكاغو، ونالت اهتمام الخبراء الذين أشاروا أن النتائج قد تغير الطريقة التي يتم بها علاج بعض مرضى سرطان الرئة.

ما هي آلية عمل الدواء

يساعد الدواء الجديد الذي أطلق عليه اسم pembrolizumab ويحمل العلامة التجارية Keytruda، الجهاز المناعي في الكشف عن الخلايا السرطانية ومحاربتها، وفقًا لما ذكرته شركة Merck المصنعة للدواء. يجعل الدواء تحديدًا الخلايا السرطانية صعبة التخفي عن مرأى الجهاز المناعي.

تكشف عادةً الخلايا المناعية المعروفة باسم الخلايا التائية عن التهديدات في الجسم مثل الأمراض المعدية، أو حتى السرطان. قد تتمكن بالرغم من ذلك الخلايا السرطانية أن تختبئ من جهاز المناعة إذا امتلكت بروتين على سطحها يسمى PD ‑ L1. يوجه هذا البروتين الخلايا التائية للتوقف عن مهاجمة الخلايا السرطانية، وفقًا لما ذكرته شركة Merck. وتكمن الطريقة التي يعمل بها البروتين PD ‑ L1 بالارتباط ببروتين آخر على سطح الخلايا التائية يدعى PD-1، والذي يعمل كنمط من “الإطفاء” يؤدي منه إلى تعطيل الخلايا التائية.

يقول الدكتور إدوين ياو وهو أستاذ مساعد في علم الأورام ضمن مركز روزويل بارك الشامل للسرطان ببوفالو في نيويورك والذي لم يشارك في الدراسة: «يحصر Pembrolizumab التآثر بين PD-1 و PD-L1، مما يسمح لخلايا المناعة تدمير الخلية السرطانية». وأضاف: «يمكننا من خلال جعل هذه الخلايا الورمية حساسة للجهاز المناعي أن نلاحظ تقلص الورم، لا بل نلاحظ أيضًا استجابة مستمرة ناجمة عن قدرة الجهاز المناعي الاستمرار في تحري وجود هذه الخلايا الورمية».

لاحظ ياو غير ذلك أن pembrolizumab يظهر فعالية أكبر عند مشاركته مع العلاج الكيميائي، في الوقت الذي لم يبدي فعالية حقيقية عند إعطائه لوحده إلا عند قلة قليلة من المرضى.

يقول ياو لدورية Live Science:

«يبدو أن مشاركة pembrolizumab مع العلاج الكيميائي يؤدي إلى زيادة عدد المرضى المستفيدين من العلاج المناعي ما يفسر نتائج دراسة KEYNOTE-189 المثيرة».

قد تغير هذه النتائج بالغالب العلاج القياسي للمرضى الذين يعانون من هذا النوع من سرطان الرئة، والمعروف باسم  سرطان الرئة النقائلي غير الحرشفي غير صغير الخلايا.

يعد سرطان الرئة غير صغير الخلايا، أو NSCLC، النوعَ الأكثر شيوعًا من سرطان الرئة. يعبر مصطلح نقائلي (metastatic) عن السرطان الذي قد تجاوز موقعه الأصلي امتدادًا، و يعني مصطلح غير حرشفي (nonsquamous) عدم نشوء السرطان من الخلايا الحرشفية في الرئتين. تعد معظم أنماط سرطان الرئة غير صغيرة الخلايا، غير حرشفية أيضًا.

وتشير النتائج الجديدة إلى أنه سيتم مشاركة العلاج المناعي إلى جانب العلاج الكيميائي عند المرضى الذين يعانون من هذا النوع من السرطان في وقت مبكر من الخطة العلاجية، بدلًا من إفراد إحدى النمطين الكيميائي أو المناعي في الخطة العلاجية.

يمتلك الدواء بالرغم مما سبق جملة من الآثار الجانبية، إذ يعاني حوالي 5% من المرضى في المجموعة المناعية من مشاكل حادة في الكلى، مقارنة مع 0.5% من المرضى في المجموعة الضابطة. وقال ياو: «يجب أن يؤخذ هذا المعدل العالي من السمية الكلوية بعين الاعتبار إلى جانب ضرورة ضبطه».

يقول ياو أنه لا تزال هناك أسئلة أخرى، تتضمن ما إذا كان المرضى الذين لديهم مستويات عالية من التعبير عن بروتين  PD-L1 على سطح خلايا الورم لديهم، والذين استجابوا للعلاج المناعي سيحصدون أي فوائد إضافية من العلاج الكيميائي. وأضاف: «إننا ننتظر بفارغ الصبر استكمال متابعة هذه الدراسة على مدى أبعد».

نشرت هذه الدراسة على موقع دورية New England الطبية في 16 نيسان  تحت إشراف الدكتورة لينا غاندي مديرة برنامج علاج الأورام الصدرية في مركز بيرلموتير لأمراض السرطان في جامعة نيويورك.


  • ترجمة: مريم عيسى.
  • تدقيق: رؤى درخباني.
  • تحرير: زيد أبو الرب.

المصدر