يُعد الكوليسترول مكونًا أساسيًا في أغشية الخلايا الحيوانية، ويُصنع أيضًا في جميع تلك الخلايا. رغم سمعته السيئة، فإنه من أهم المكونات الأساسية للحياة.

لكن تزداد مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية إذا وُجد بكميات كبيرة في الدم.

يتراكم الكوليسترول مع مواد أخرى مثل الشحوم والكالسيوم في اللويحات في جدران الشرايين. مع الوقت، يؤدي هذا التراكم إلى تضيق الأوعية الدموية، ما يُسبب الكثير من المضاعفات، مثل السكتات الدماغية والنوبات القلبية.

وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بين عامي 2015 و2016، كان لدى 12٪ من الأشخاص بعمر 20 سنة أو أكبر في الولايات المتحدة نسبة كوليسترول عالية.

بالنظر إلى هذا التنوع، فليس من الغريب أن المعلومات الخاطئة عن الكوليسترول منتشرة. لذلك، لمساعدتنا على فهم الحقيقة، طلبنا مساعدة 3 خبراء:

  •  الدكتور إيدو باز، اختصاصي القلب ونائب الرئيس الطبي في كي هيلث.
  •  الدكتور روبرت جرينفيلد، اختصاصي القلب والدهون وطبيب باطني في معهد ميموريال كير للقلب والأوعية الدموية.
  •  الدكتورة ألكسندرا لاجوي، اختصاصية قلب غير جراحية في مركز بروفيدنس سانت جون الصحي في سانتا مونيكا، كاليفورنيا.

1. كل الكوليسترول سيئ!

يُعد الكوليسترول مكونًا أساسيًا في أغشية الخلايا، وإضافةً إلى دوره البنائي في الأغشية، فله دور مهم في تكوين الهرمونات الستيرويدية، وفيتامين د، والأحماض الصفراوية.

مع أن النسب العالية من الكوليسترول عوامل خطر تسبب الأمراض، لا يمكننا العيش من دونه. يفسر الدكتور جرينفيلد: «الكوليسترول ليس سيئًا، بل هو عنصر محايد بريء، نتعامل معه بطريقة خاطئة في نمط حياتنا الحديثة».

بجانب عمل الكوليسترول في الجسم، تحدد طريقة انتقاله هل هو مضر بالصحة أم لا؟

ينتقل الكوليسترول عبر الجسم بواسطة البروتينات الشحمية -جزيئات تتألف من الشحوم والبروتينات- وتنتقل بطريقتين:

تنقل البروتينات الشحمية منخفضة الكثافة الكوليسترول من الكبد إلى الخلايا، حيث يُستخدم لعدة عمليات، عادةً يطلق على البروتينات الشحمية منخفضة الكثافة اسم الكوليسترول الضار، لأن النسب العالية منه في الدم قد تؤدي إلى الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.

يطلق على البروتينات الشحمية عالية الكثافة اسم الكوليسترول الجيد، إذ تنقل تلك البروتينات الكوليسترول إلى الكبد، حيث يُطرح من الجسم، ما يؤدي إلى تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

2. امتلاك وزن صحي يعني أن مستويات الكوليسترول صحية

قال جرينفيلد: «لا شك قد يكون لديك مستويات عالية من الكوليسترول. إن توازن الكوليسترول في الجسم لا يتعلق بما تأكله فقط، بل تؤدي الجينات دورًا مهمًا. مثلًا، ربما يولد الشخص مع خلل جيني يُسمى فرط كوليسترول الدم العائلي. 1 من كل 200 شخص لديه هذا الخلل. للوزن دور مهم في عملية الاستقلاب، كذلك الفرق بين كمية السعرات الحرارية المستهلكة والمطروحة».

قال الدكتور باز: « تؤثر عوامل أخرى في نسبة الكوليسترول، وإن كان الوزن صحيًا، مثل: النظام الغذائي، ومعدل التمارين الرياضية، والتدخين واستهلاك الكحول».

أضافت الدكتورة لاجوي: «كما أن بعض الناس الذين يمتلكون وزنًا صحيًا قد يكون لديهم نسب كوليسترول عالية، فإن نسب الكوليسترول لدى من لديهم وزن زائد قد لا تكون عالية بالضرورة، إذ تتأثر بالجينات وعمل الدرق والأدوية والتمارين الرياضية والنوم والأنظمة الغذائية. تتعلق بعض العوامل بمستويات الكوليسترول العالية التي لا يمكن التحكم فيها، مثل العمر والجينات».

3. تظهر الأعراض إذا كانت نسب الكوليسترول عالية

هذه خرافة أخرى، قال الدكتور باز: «إن نسب الكوليسترول العالية لا تسبب أعراضًا في معظم الحالات. لهذا يجب القيام بفحوص دم دورية لتحري نسب الكوليسترول. يتحدد عمر بدء التحري ومعدله اعتمادًا على عوامل الخطر المتعلقة بالشخص».

قال الدكتور جرينفيلد: «الأعراض التي يسببها الكوليسترول تظهر متأخرةً، إذ يتلف القلب وتنسد الأوعية الدموية نتيجة التراكم المفرط للكوليسترول. يسبب هذا ألمًا في الصدر -الذبحة الصدرية- ونوبة قلبية، وحتى الموت المفاجئ».

قالت لاجوي: «تؤدي نسب الكوليسترول العالية إلى تراكم اللويحات في الشرايين دون أن يدري الشخص، حتى تبلغ مراحل شديدة الخطورة تؤدي إلى حدوث سكتات دماغية أو نوبات قلبية».

4. تناول كميات كبيرة من الكوليسترول يرفع نسبته في الجسم

الأمر أعقد من ذلك. أوضحت الدكتورة لاجوي: «لا ترتبط مستويات الكوليسترول بالضرورة مباشرةً بكميات الكوليسترول التي يستهلكها الشخص، يؤدي تناول السكريات أو الكربوهيدرات البسيطة إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول، وإن لم يكن الشخص يتناول الكوليسترول بكميات كبيرة. من يمارسون النشاط البدني أقل عرضةً لارتفاع مستويات الكوليسترول، مقارنةً بمن لا يتمرنون».

وفقًا للدكتور جرينفيلد: «من المرجح أن يزداد الكوليسترول إذا تناولنا المزيد منه. لا يمكنك الذهاب إلى المتجر لشراء علبة كوليسترول، لكنك تشتري اللحوم الحمراء والبيض والجبن، تحتوي اللحوم الحمراء على الشحوم المشبعة والكوليسترول. الكوليسترول منتج حيواني، والمنتجات التي تحوي شحومًا مشبعة لا ترفع الكوليسترول فحسب، بل خصوصًا النوع الضار منه، الذي يتراكم في جدران الشرايين».

5. توجد مستويات كوليسترول محددة مناسبة للجميع

قال الدكتور باز: «هذا غير صحيح، يعتمد المستوى المستهدف من الكوليسترول لدى الشخص على تاريخه المرضي، مثل الإصابة بنوبات قلبية أو سكتات دماغية، ويعتمد أيضًا على مخاطر الإصابة بتلك الأمراض لاحقًا، استنادًا إلى العديد من العوامل مثل السن وارتفاع ضغط الدم».

وافقه الدكتور جرينفيلد مشيرًا إلى إرشادات الكوليسترول التي نشرتها الجمعيات المختصة: «المستوى المناسب للكوليسترول الضار لدى من ليس لديهم أي مشكلات قلبية وعائية أقل من 100 مليغرام/ديسيلتر، أما من لديهم أمراض قلبية وعائية، أو تاريخ من النوبات القلبية أو السكتات الدماغية، أو أي أمراض وعائية أخرى، فيجب ألا يتجاوز الكوليسترول الضار لديهم 70 مليغرام/ديسيلتر».

6. يجب على الرجال فقط القلق من مستويات الكوليسترول العالية

تلك خرافة. يقول الدكتور باز: «بين عامي 2015 و2018، كان لدى 11.3٪ من البالغين الأمريكيين نسب كوليسترول عالية، بمقارنة نسب الرجال والنساء، كانت النسبة 10.5٪ للرجال و12.1% للنساء».

قال الدكتور جرينفيلد: «تتساوى عوامل أمراض القلب لدى الجنسين، عندما تبدأ نسب الإستروجين بالانخفاض لدى النساء، تبدأ فرص إصابتهن بأمراض القلب تزداد لتصبح مساوية للرجال. في الواقع، النوبات القلبية أكثر لدى النساء، إذ تعيش النساء أطول، فيصبن بأمراض القلب في سن متقدمة، لذا فإن نتائج النوبات القلبية لدى النساء أسوأ بكثير. ويفوق احتمال وفاة امرأة بنوبة قلبية احتمال وفاتها بسرطان الثدي».

7. لا وسيلة للتحكم في نسب الكوليسترول:

لحسن الحظ هذا غير صحيح. قال الدكتور باز: «بجانب تناول الأدوية لتخفيض نسبة الكوليسترول، يمكن تحسين نسبته أيضًا بالمحافظة على وزن صحي، وتناول الأطعمة الصحية، والتمارين الرياضية، وتجنب التدخين والإفراط في استهلاك الكحول».

أضاف الدكتور جرينفيلد: «يمكن القيام بالكثير لمواجهة الارتفاع غير الطبيعي لمستوى الكوليسترول. تُعد التمارين الرياضية والنظام الغذائي الصحي الخطوات الأهم لمواجهة ارتفاع نسب الكوليسترول، ويمكن استخدام الستاتينات، وهي طريقة فعالة وصحية لتخفيض نسبة الكوليسترول، استُخدمت منذ عام 1987 حتى وقتنا الحالي، وتطورت لتكون أكثر فعالية وأمانًا، مع آثار جانبية أقل».

يستمر العلماء بتطوير المزيد من العلاجات، أظهرت حقن (مثبطات PCSK-9) تخفيضًا شديدًا لنسب الكوليسترول، وهي آمنة وتسبب القليل من الآثار الجانبية.

8. أستخدم الستاتينات، لذا بوسعي تناول ما أريد

أوضح الدكتور جرينفيلد: «ليت الأمر كان بهذه السهولة. إذا تناول الشخص ما يريد فسوف يزداد استهلاكه للسعرات الحرارية، ما يؤدي إلى زيادة الوزن. وعندما يكتسب الكثير من الوزن، خاصةً حول منطقة البطن، قد يصاب بحالة تُسمى المتلازمة الاستقلابية، وهي حالة سابقة للسكري. لا تخفض الستاتينات الوزن، بل تخفض نسب الكوليسترول الضار. على الشخص الاهتمام بجسده ومراقبة ما يأكل، حتى مع تناول العلاج بانتظام».

9. الأشخاص بعمر أقل من 40 ليسوا بحاجة إلى مراقبة نسب الكوليسترول لديهم:

قال الدكتور باز: «مع عدم وجود اتفاق على العمر المناسب لبدء إجراء الفحوص، ينصح معظم الخبراء ببدء الفحص بعمر 20 عامًا».

أضاف جرينفيلد: «كلما كانت مدة مرور الدم المليء بالكوليسترول داخل الأوعية الدموية أطول، تزداد فرص الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية لاحقًا. يفضل أن يكون الفحص الأول في فترة المراهقة، وحال وجود عوامل وراثية واضحة، يجب القيام بالفحص مبكرًا. أما المصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي متماثل الزيجوت، فيجب القيام بفحص نسب الكوليسترول لهم بعمر السنتين».

اقرأ أيضًا:

ترخيص حقنة تعمل بتقنية مبتكرة في علاج ارتفاع الكوليسترول

الكوليسترول وتشكل اللويحات العصيدية الشريانية

ترجمة: بشر إسماعيل

تدقيق: روان أحمد أبوزيد

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر