قد تسبب لويحات الكوليسترول الأمراض القلبية، فهي تبدأ في جدران الشرايين وتنمو بمرور السنين، وبنموها تعرقل تدفق الدم عبر الشرايين، وأسوأ من ذلك أنها قد تتمزق فجأة، وقد تسبب الخثرة الدموية (الجلطة) المتشكلة حينها أزمةً قلبية أو سكتةً دماغية.

يُعَد انسداد الشرايين الناتج عن تشكل اللويحات العصيدية والخثرات الدموية السبب الأول للوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد يساعد تقليل الكوليسترول وعوامل الخطر الأخرى على منع تشكّل لويحات الكوليسترول، وقد يعكس تراكم بعض اللويحات أحيانًا.

لويحات الكولسيترول والتصلب العصيدي

تتشكل لويحات الكوليسترول في عملية تُسمى التصلب العصيدي أو تصلب الشرايين، يُعَد البروتين الدهني منخفض الكثافة LDL -المعروف باسم الكوليسترول الضار- المادة الأولية التي تشكل لويحات الكوليسترول، ويسبب التصلب العصيدي نمو لويحات الكوليسترول تدريجيًّا، ببطء وفي صمت دون أي إحساس بالألم، وتكون النتيجة هي انسداد الشرايين ما يعيق تدفق الدم.

الكوليسترول وتشكل اللويحات العصيدية الشريانية - قد تسبب لويحات الكوليسترول الأمراض القلبية - الخثرة الدموية (الجلطة) - التصلب العصيدي

تُعَد لويحات الكوليسترول الناتجة عن التصلب العصيدي السبب الأول للأزمات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض الشرايين المحيطية، وهذه الحالات مجتمعة هي من أهم مسببات الأمراض القلبية الوعائية، وهي السبب الرئيسي للوفاة في أمريكا إذ تسبب أكثر من 900 ألف حالة وفاة سنويًّا.

فهم آلية تشكل لويحات الكوليسترول

تبدأ لويحات الكوليسترول بالتشكل في جدران الأوعية الدموية، ويمكن إيجاد دلائل للتصلب العصيدي في الشرايين قبل تشكل اللويحات بزمن طويل، إذ قد نجد آثارًا دهنية للكوليسترول في جدران الشرايين لدى بعض اليافعين، وهذه الآثار هي مؤشرات مبكرة للويحات الكوليسترول، ولا يمكن كشفها بسهولة بالتحاليل، إذ وجدها الباحثون عند تشريح جثث الضحايا اليافعين للحوادث وأعمال العنف.

يتطور التصلب العصيدي بمرور السنين، ويحدث ذلك في عملية معقدة من تشكل لويحات الكوليسترول، وتتضمن هذه العملية ما يلي:

  •  تضرر بطانة الأوعية الدموية: تُسمى الطبقة الداخلية الملساء للأوعية الدموية بالبطانة، وقد تتضرر هذه البطانة بسبب مستويات الكوليسترول العالية، أو التدخين، أو ارتفاع ضغط الدم، أو مرض السكري، ما يسمح بدخول الكوليسترول إلى جدران الأوعية الدموية.
  •  اختراق الكوليسترول: يخترق الكوليسترول الضار -LDL الموجود بالدم- البطانة المتضررة، ويتراكم في جدار الشريان.
  •  تشكل اللويحات: تنساب الكريات البيضاء إلى البطانة لهضم الكوليسترول الضار، ومع مرور السنوات يتحول المزيج الضار للكريات البيضاء والكوليسترول إلى لويحات الكوليسترول في جدار الشريان.

كيف تعمل لويحات الكوليسترول؟

تسلك لويحات الكوليسترول بعد تشكلها عدة أنماط من السلوك:

  •  قد تبقى داخل جدار الوعاء الدموي، وقد يتوقف نموها أو تنمو داخل الجدار بعيدًا عن مجرى الدم.
  •  قد تنمو اللويحات نموًّا بطيئًا منضبطًا إلى داخل مجرى الدم، وقد تُظهر هذه اللويحات أعراضًا وأحيانًا لا تُظهر أي أعراض حتى في الشرايين المسدودة بشدة.
  •  قد تتمزق هذه اللويحات فجأة وهو أسوأ الاحتمالات، إذ يؤدي إلى تخثر الدم داخل الشريان، ما يسبب أزمةً قلبية إذا كان الشريان في القلب، أو سكتةً دماغية إذا كان في الدماغ.

تسبب لويحات الكوليسترول الناتجة عن التصلب العصيدي 3 أنواع رئيسية من الأمراض القلبية الوعائية:

  •  أمراض الأوعية التاجية: قد لا تسبب لويحات الكوليسترول المستقرة في شرايين القلب أي أعراض، وقد تسبب آلامًا صدرية تُسمى بالذبحة الصدرية، في حين يسبب تمزق اللويحات المفاجئ وتشكل الخثرات انسدادًا في الشرايين، وحينها تموت عضلة القلب، وهي حالة من الأزمات قلبية تُسمى احتشاء العضلة القلبية.
  •  أمراض الأوعية الدماغية: قد تتمزق لويحات الكوليسترول في شرايين الدماغ مسببةً سكتةً دماغية ينتج عنها أذى دماغي دائم، وقد يسبب الانسداد في أوعية الدماغ نوبات إقفارية عابرة، وهي نوبات لها نفس أعراض السكتة لكنها مؤقتة ولا تسبب أذىً دماغيًّا دائمًا، لكن المرضى الذين عانوا سابقًا نوبةً إقفارية عابرة يكونون أكثر عرضةً لخطر حدوث سكتة تالية، لذلك فإن الرعاية الطبية حينها ضرورية.
  •  أمراض الأوعية المحيطية: قد يسبب انسداد الشرايين في الأقدام ألمًا أثناء المشي أو تأخرًا في شفاء الجروح بسبب انخفاض التروية الدموية، وقد تؤدي الحالات الشديدة إلى البتر.

الوقاية من تشكل لويحات الكوليسترول

يتطور التصلب العصيدي وتشكل لويحات الكوليسترول تدريجيًّا، ما يعني أنها تسوء بمرور الوقت، لكن يمكن الوقاية منها أيضًا. فيما يلي 9 عوامل مسؤولة عن 90% من الأزمات القلبية:

  •  التدخين.
  •  ارتفاع مستوى الكوليسترول.
  •  ارتفاع ضغط الدم.
  •  داء السكري.
  •  السمنة الحشوية (سمنة البطن).
  •  التوتر.
  •  عدم تناول الفاكهة والخضراوات.
  •  الإفراط في تناول الكحول (أكثر من كأس واحدة يوميًّا للنساء واثنتين للرجال).
  •  عدم ممارسة نشاط جسدي منتظم.

السمة المشتركة بين كل هذه العوامل هي أنها يمكن تغييرها، ويتفق الأطباء على أن تقليل هذه العوامل يقلل احتمال التعرض لأمراض القلب.

يُعَد تناول أسبرين الأطفال (الأسبرين بتركيز منخفض، 75 – 100 مج يوميًّا) أمرًا ضروريًّا في حالة وجود عوامل خطر مرتفعة أو متوسطة للإصابة بأمراض القلب، لأنه يمنع تشكل الخثرات، لكن يجب استشارة الطبيب قبل تعاطي الأسبرين لأن له تأثيرات جانبية.

تقليص حجم لويحات الكوليسترول

عندما تتشكل لويحات الكُوليسترول فإنها تبقى دائمًا، ولكن قد يبطئ العلاج الفعال تشكلها أو يوقفه، وتظهر بعض الأدلة أن العلاج المكثف قد يقلص حجم اللويحات أيضًا، ففي دراسة مهمة لوحظ تقلص حجم اللويحات بنسبة 10% عند تقليل نسبة الكوليسترول في الدم بنسبة 50%.

الطريقة المُثلى لعلاج لويحات الكوليسترول هي منع تشكلها أو تطورها، ويمكن تحقيق ذلك بإجراء تغييرات في نمط الحياة، أو باستخدام الأدوية عند الضرورة.

أدوية الوقاية من التصلب العصيدي وتغييرات نمط الحياة

تقليل عوامل الخطر التي تؤدي إلى الإصابة بالتصلب العصيدي يبطئ تطوره أو يوقفه، ومن الطرق التي تقلل من مستويات الكوليسترول في الجسم: تناول أدوية الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم، والالتزام بحمية غذائية صحية، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والإقلاع عن التدخين. لا تزيل هذه العلاجات انسداد الشرايين، لكنها تقلل من خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات.

من الأدوية التي تقلل مستويات الكوليسترول:

  •  الستاتينات.
  •  الفيبرات.
  •  النياسين.
  •  الأدوية الرابطة للحموض الصفراوية.

وتُعَد الستاتينات أكثر الأدوية الخافضة للكوليسترول استخدامًا.

عمليات معالجة انسداد الشرايين

بإمكان الأطباء رؤية الشرايين المسدودة وفتحها بالعمليات الجراحية، أو توفير طريق للتروية الدموية بجانب الشرايين المسدودة، ومن هذه العمليات:

  •  تصوير الأوعية ورأبها واستخدام الدعامات: يُدخل الأطباء قثطرةً إلى شريان في الساق ومنه يصلون إلى الأوعية المصابة، تسمى هذه العملية بالقثطرة القلبية، وتكون الشرايين المسدودة مرئيةً على شاشة للأشعة السينية تنقل الصورة في أثناء العملية، ويمكن نفخ بالون صغير في القثطرة للضغط على اللويحات في الشرايين المسدودة، ويساعد وضع أنابيب صغيرة تُسمى الدعامات على إبقاء الشرايين مفتوحة، وغالبًا ما تكون هذه الدعامة معدنية ودائمة، وقد تُصنع أيضًا من مادة يمتصها الجسم لاحقًا، وتحوي بعض الدعامات دواءً يمنع انسداد الشريان مرة أخرى.
  •  إجراء مجازة فرعية: يأخذ الجراحون وعاء دمويًّا سليمًا من الساق أو الصدر ويستعملونه وعاءً جديدًا يتجاوز الشريان المسدود لنقل الدم.

يوجد دومًا خطر حدوث المضاعفات في هذه الجراحات، لذلك لا تُجرى إلا للمرضى الذين يعانون أعراضًا شديدة تسببها لويحات الكوليسترول الناتجة عن التصلب العصيدي.

اقرأ أيضًا:

الكوليسترول بين الخرافة والحقيقة

لماذا يحدث تصلب الشرايين مع التقدم بالعمر ؟

ترجمة: ليلان عمر

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر