في بداية الحرب العالمية الأولى، تعرضت قوات الحلفاء -خاصةً بريطانيا وفرنسا- لهجوم سلاح جديد قوي في الحروب البحرية، وهو الغواصات الألمانية. بقيت تلك الآلات المخادعة مغمورةً تحت المياه وهاجمت عدة سفن من الأسطول المعادي بسهولة.

بدأ استخدام الغواصات سلاحًا بحريًا للمرة الأولى أواخر القرن التاسع عشر، حين لم يكن لدى أحد أي فكرة عن كيفية التعامل مع هذا التهديد الجديد.

خلال الحرب العالمية الأولى ظهر ما سُمي «حرب الغواصات الشاملة»، وهي نوع من الحرب البحرية مكّنت الغواصات من مهاجمة سفن الأعداء -وحتى السفن التجارية- وإغراقها دون إنذار. تمتعت الغواصات بهذه الميزة غير العادلة فترةً طويلة جدًا.

كانت سفن الأعداء والسفن الحربية الأخرى غير قادرة على مهاجمة الغواصات، وذلك لقدرتها على البقاء مغمورة تحت المياه فترات طويلة، وتلك هي الميزة الأهم للغواصات.

ومع ذلك، لو صعدت الغواصة إلى سطح المحيط الواسع، قد لا تكون قادرًا على رؤيتها من مسافة بعيدة، خاصةً بعد غروب الشمس. هذا يتعلق أساسًا بكيفية طلاء تلك الغواصات.

لماذا تطلى الغواصات باللون الأسود - ما السبب الرئيسي وراء طلاء الغوّاصات باللون الأسود - السبب وراء اللون الأسود للغواصات البحرية

لماذا تُطلى الغواصات باللون الأسود أو الرمادي؟

تُطلى الغواصات عادةً بدرجة من اللون الأسود، والسبب الأساسي لذلك هو التمويه.

عندما تكون على سطح سفينة حربية أو أي سفينة عادية، يسهل تحديد موقع كائن على سطح الماء، وتستطيع تحديد الأجسام والكائنات على بعد 50 ميلًا باستخدام المناظير ذات القدرة العالية. أيضًا فإن جميع البوارج والمدمرات الحديثة مُزوّدة بأجهزة رادار وسونار تمكّنها من رصد السفن البعيدة.

لكن الرؤية لن تكون بهذا الوضوح عندما يتعلق الأمر باكتشاف الأجسام الموجودة على عمق مئات الأقدام تحت سطح المياه.

لدى الغواصات طريقة واحدة فقط لرصد الأجسام الأخرى تحت سطح الماء، وهي الملاحة الصوتية «السونار». تُصدر الغواصات باستمرار أمواجًا صوتية، بينما تتحرك تحت سطح الماء. عندما تصطدم هذه الأمواج الصوتية بجسم آخر تحت الماء -غواصة أُخرى مثلًا- فإنها ترتد عنها. ثم تقرأ الغواصة -المُرسِلة- الإشارات المرتدة فتحدد موقع غواصة العدو.

مع وجود تقنيات أحدث تدعم هذه العملية، يُعد السونار الأكثر موثوقيةً، لذا تُستخدم هذه التكنولوجيا الأكثر شيوعًا لرصد الأجسام المغمورة الأخرى من داخل الغواصة وتتبعها.

قدرة الغواصات على الهجوم والتخفي بعيدًا عن الرؤية والطوربيدات وصواريخ سفن العدو، يجعلها سلاحًا فعالًا في الحرب البحرية.

نظرًا إلى أن الغواصات مصممة للعمل تحت الماء، فليس لديها ما يكفي من الأسلحة للدفاع عن نفسها ضد الهجمات عند سطح البحر. لهذا من المهم أن تبقى خفية عندما تصعد إلى السطح، أو عندما تبحر تحت سطح الماء مباشرةً

لذلك تُطلى الغواصات باللون الرمادي أو الأسود، لكي تتماهى مع محيطها. أيضًا تفضل الغواصات التحرك ليلًا، حتى لا يمكن رصدها بسهولة.

اللون الأسود ليس اللون الوحيد للغواصات!

مع أن اللون الأسود أو الرمادي الأكثر استخدامًا للغواصات في جميع أنحاء العالم، تطلي بعض البلدان غواصاتها بألوان مختلفة لأسباب أخرى.

مثلًا، هذه غواصة كورية شمالية، مطلية بلون أخضر:

كذلك تُطلى غواصات بعض البلدان الأخرى مثل إيران وإسرائيل باللون الأخضر، لأنها توجد غالبًا في المياه الضحلة قرب الساحل. في هذه الحالة، يمثل اللون الأخضر تمويهًا أفضل.

لاحظ أيضًا أن الغواصات لا تُستخدم في العمليات العسكرية فقط. بل قد تُستخدم في بعثات الاستكشاف والبحث والإنقاذ في أعماق البحار. هنا لا يُعد التمويه مهمًا، لذلك قد توجد الغواصات بألوان مختلفة.

إذا كنت تخطط لصنع غواصة واستخدامها للقيام بمهام استطلاع أو مهاجمة سفن العدو في المحيط، يجب أن تفكر في طلاء غواصتك باللون الأسود، لأن ذلك يمثل وسيلة حماية لها، إضافةً إلى قدرتها على الغوص!

اقرأ أيضًا:

كيف تعمل الغواصات ؟

كيف يعمل الرادار ؟

ترجمة: يامن زيود

تدقيق: لبنى حمزة

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر