حديثًا، طالبت منظمة الأمم المتحدة حكومات الدول بالإسراع في تشجير واستصلاح ما يعادل مليار هكتار من الأراضي المستهلكة والمتدهورة خلال السنوات العشر القادمة، وتساوي هذه المساحة (مليار هكتار) أي ما يعادل تقريبًا مساحة الصين.

ولكن كما حدث في حالة مؤتمر باريس المناخي الذي تم التراخي عن تطبيق توصياته، فإن البشرية قد أثبتت تناسيها العهود المخصّصة لحماية البيئة. لذا، طالبت منظمة الأمم المتحدة تلك الدول بجدية التعامل مع الأزمة التي تهدّد المساحات الزراعية والغابات، إضافةً إلى المحيطات والمسطحات المائية.

تحدث تقرير لمنظمة الأمم المتحدة عن الخطر القادم مؤكدًا على الحاجة الملحّة لترميم النظام الإيكولوجي المهدّد: «إنّ استهلاك الأراضي الحاصل حاليًا يهدد سلامة الجيل الحالي والأجيال القادمة، إضافةً إلى تصعيب مهمة الاستصلاح مع مرور الوقت».

يؤكد مختصون من منظمة الأمم المتحدة على أن عدم الالتزام بمخطط استصلاح المناخ خلال السنوات العشر القادمة سيؤدي إلى عدم تحقيق الأهداف المرجوّة لتحسين المناخ.

إن ضعف قيادتنا واستهلاكنا لمصادر كوكبنا تؤدي يوميًا إلى خسائر على صعيد التنوع الإيكولوجي، وسلامة المياه والغذاء، إضافةً إلى المساهمة في تفاقم أزمة المناخ.

لمواجهة أزمة اضمحلال الأراضي والغابات، يتطلّب الأمر أكثر من مجرد حملات تشجير، إذ يجب العمل على إعادة إحياء الأنظمة الإيكولوجية وتغيير طرق الزراعة المعتمدة حاليًا لتحمي الأنظمة البيئية، إضافةً إلى تحصين البيئة السمكية وحمايتها، ما يعني أنها مهمة تمتد لتشمل الحكومات ورجال الأعمال والمواطنين.

وتؤكد منظمة الأمم المتحدة بأن تجديد وإعادة إحياء الأنظمة الإيكولوجية عملية ممتعة وقابلة للتحقيق على كافة المقاييس، بمشاركة كافة أفراد المجتمع.

من جهةٍ أخرى، إذا تم استصلاح جزء بسيط من الأراضي التي تطالب المنظمة باستصلاحها، فإننا سنلحظ تغيرات إيجابية.

وتطرح إحصائية أجريت الدليل على ذلك، إذ إن استصلاح 350 مليون هكتار سيساهم بعائدات تصل إلى 9 تريليون دولار إضافةً إلى التخلص مما يعادل 26 جيجا طن من الغازات الدفيئة.

وأكّد إنغر أندرسن -المدير التنفيذي للمشروع البيئي الخاص بمنظمة الأمم المتحدة- على ضرورة التمسك بالأمل في مواجهة التحديات البيئية، خصوصًا مع كمية الأخبار السلبية التي نتلقاها يوميًا، مضيفًا: «يمكننا إصلاح الخراب الذي سببناه على صعيد التنوع الإيكولوجي والتلوّث، ويمكننا أن نكون أول جيلٍ يصلِح، ويعيد الطبيعة إلى مكانتها في انطلاقةٍ نحو عالمٍ أفضل».

تسببت البشرية حديثًا بأزمةٍ على الصعيد المناخي، وإن تقليل وقطع انبعاثات الغازات الدفيئة لن يساهم في وضع حدّ لهذه المشكلة.

قد تساهم عملية إصلاح الأنظمة الإيكولوجية في تخفيض نسبة الانبعاثات، ما قد يساهم في تحقيق الأهداف المرجوّة بيئيًا مع حلول عام 2030. وبالرغم من ذلك، فإن هذه الحملات تتلقى قليلًا من الدعم المالي، إذ تصل نسبة تمويلها إلى 2.3% فقط.

حاليًا، استهلِك ثلث الأراضي الزراعية في العالم، واستغِل ثلث الثروة السمكية، إذ تشير الإحصائيات إلى تفكك ودمار 90% من المسطحات المائية في الأربعين سنة الأخيرة.

وتؤكد الإحصائيات بأن آثار هذا الدمار يصل إلى 40% من سكان العالم، ومع ذلك، لا يوجد اهتمام وتوجه جديّ لمواجهة هذه الأزمة في أي بلد.

إضافةً إلى التأثير على صحة الإنسان وحياته، أكد الباحثون أن استمرار هذه العشوائية قد يؤثر أيضًا على الاقتصاد العالمي؛ فنصف الناتج العالمي الإجمالي يعتمد على المنتوجات الطبيعية الزراعية، وكل سنة، تصل الخسائر إلى ما يعادل 10% من الناتج العالمي الاقتصادي.

وتوضح منظمة الأمم المتحدة بأن أرباحًا عالية قد تصلنا في حال تمكننا من إصلاح هذه الأزمات.

وإلى جانب مساهمة عملية إعادة إحياء الأنظمة البيئية بوقف إنقراض العديد من الفصائل وتخفيض نسبة حدوث تفشي فيروسي في المستقبل، لن يكون لهذه العملية أيّ تكلفة، بل ستكون لها عائدات.

على سبيل المثال، سيساهم إعادة إحياء الأسماك في مزارع متخصصة بعائدات تصل إلى 32 مليار دولار سنويًا. وعلى هذا، أكد الباحثون بأن كل دولار يتم استعماله في عملية إعادة إحياء الأنظمة، ستصل عائداته إلى 30 دولارًا.

لكن تأجيل هذه العملية قد يكون ذا آثارٍ سلبية للغاية. إذ طرحت دراسة أن استمرار اضمحلال الأنظمة الإيكولوجية سيؤدي إلى خسائر تصل إلى 10 تريليون دولار مع عام 2050.

وصرح تيم كريستوفرسن، المنسق العام لعملية استصلاح الأنظمة البيئية في منظمة الأمم المتحدة، قائلًا: «نحتاج إلى مخيلتنا، إذ يرى البعض أن مهمة استصلاح مليار هكتار أقرب إلى المستحيل، ونظرية بعيدة عن التطبيق، ولعل هذا يعود إلى امتلاكنا الخبرة والقدرة على الإصلاح، لكن على مقاييس أصغر مما نطمح له حاليًا. إلا أننا حضارة تمتلك أسلحة نووية وبرامج لاستكشاف الفضاء، لذا، فكل شيء ممكن».

اقرأ أيضًا:

هل بإمكاننا التصدي للتغيرات المناخية بواسطة زراعة ترليون شجرة؟

كلما اخضرّ كوكب الأرض، انخفضت وتيرة الاحتباس الحراري

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: حسين جرود

المصدر