تشكل المجرات فائقة الانتشار أمرًا غامضًا لعلماء الفلك، إذ تعد أصغر من سائر المجرات من حيث عدد نجومها، لكنها لا تنتشر على مسافات بعيدة جدًا ما يجعلها خافتة، ويصعب اكتشافها.

ليس من الواضح كيفية تكوينها، أو إن كان يوجد شيء مميز في المادة المظلمة التي ساعدت على تكوينها.

يجيب البحث الذي نُشر أخيرًا عن بعض الأسئلة المتعلقة بالمجرات فائقة الانتشار، خاصةً المجرات فائقة الانتشار المُطفأة التي لا تشكل أي نجوم جديدة.

حلل الفلكيون بعض المجرات الجديدة التي تطابق هذا الوصف عبر سلسلة من عمليات المحاكاة، إذ كشفت عمليات الرصد والنمذجة عن المجرات فائقة الانتشار المُطفأة التي ولدت فيما يُعرف بـ «مدار الإرجاع»، وهو أبعد بكثير عن حواف المجرة المضيفة لكنه لا يزال متصلًا بغير إحكام.

بعبارة أخرى، كانت هذه المجرات جزءًا من نظام أكبر قبل أن تصبح معزولة، إذ تشارك النظام في بعض خصائصه.

قالت عالمة الفلك لورا سيلز من جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد: «يتعارض ما اكتشفناه مع نظريات تكوين المجرة، إذ يُفترض وجود الأقزام المُطفأة في التجمعات، أو في البيئات الجماعية ليزول غازها، وتتوقف عن تشكيل النجوم».

وأضافت: «كانت المجرات فائقة الانتشار المُطفأة التي اكتشفناها معزولة. تمكنا من التعرف على عدد قليل من المجرات فائقة الانتشار المُطفأة، وتتبعنا تطورها عكسيًا في الزمن، ليتضح أنها نشأت في مدار الإرجاع».

توقعت محاكاة (TNG50) التي استخدمها الفريق بنجاح نظم مجرات فائقة الانتشار مماثلة للمجرات المرصودة، ويمكنها أيضًا أن تعمل كآلة زمن، وتعود بهذه المجرات للخلف لنرى من أين أتت قبل مليارات السنين.

تقترح المحاكاة أن نسبة انتشار المجرات فائقة الانتشار الخامدة بين مجموعة المجرات فائقة الانتشار، قد تصل إلى 25%، وهي نسبة أعلى بكثير مما كان معروفًا وفقًا للمراقبات الميدانية، ما يعني وجود الكثير من هذه المجرات التي لم تكتشفها التلسكوبات حتى الآن.

تُعد مجموعة متنوعة من العمليات الداخلية والقوى الخارجية -مُكتشفة سابقًا- أسبابًا محتملة لظهور المجرات فائقة الانتشار، لكن حتى الآن لا يوجد تفسير محدد يجيب عن جميع الأسئلة، أو يفسر وجود كل هذه المجرات.

يقول عالم الفلك خوسيه بينافيديس من معهد علم الفلك النظري والتجريبي في الأرجنتين: «تفترض إحدى النظريات الشائعة أن المجرات فائقة الانتشار فشلت في أن تصبح مجرات مثل درب التبانة، أي أنه كان من المفترض أن تكون مجرات مثل مجرتنا، لكنها فشلت في تشكيل النجوم بطريقة أو بأخرى».

نعلم الآن أن هذا السيناريو لا يفسر وجود كل المجرات فائقة الانتشار، لذلك تظهر النماذج النظرية، إذ يمكن لأكثر من آلية تكوين واحدة أن تشكل هذه الأجسام فائقة الانتشار.

تشبه المجرات فائقة الانتشار المجرات القزمية من حيث عدد النجوم التي تملكها، فقط جزء من 200 إلى 400 مليار نجم التي تملكها مجرة درب التبانة، ومع ذلك فهي ذات حجم مشابه لمجرة درب التبانة، إذ تنتشر فيها النجوم انتشارًا أقل.

تكسر هالات المادة المظلمة في المجرات فائقة الانتشار القواعد العادية، فإذا أمكن امتلاك مجرة قزمة عادية لنفس تركيز المادة المظلمة، ففي مرحلة ما ستتقلص وتنتشر لتغطي مساحة أكبر بكثير، وربما تُجرّدها وتُشوهها التفاعلات مع مضيفها.

قد يساعدنا إلقاء نظرة أفضل إلى خصائص المادة المظلمة في التوصل إلى سبب هذه التغيرات، ويعد ذلك الهدف التالي للباحثين، إذ سيستخدمون تلسكوب كيك الموجود في هاواي، لتحليل محتوى المادة المظلمة الموجودة في المجرات فائقة الانتشار في تجمع العذراء، وهي أقرب المجموعات المجرية إلينا.

قد نتمكن من الإجابة عن مزيد من الأسئلة المتعلقة بالمجرات فائقة الانتشار، مع ظهور تلسكوبات أقوى، ومع وجود التلسكوبات ذات البصريات المُحَسنة مثل تلسكوب فيرا سي روبين، وتلسكوب نانسي غريس رومان، قد نحدد المزيد من هذه المجرات الباهتة، بمساعدة عمليات المحاكاة.

تقول سيلز: «نأمل أن تعطينا النتائج التي توصلنا إليها استراتيجيات جديدة لمسح الكون الخافت، ما قد يسمح بإجراء إحصاء كامل لهذه المجموعة من المجرات القزمة».

اقرأ أيضًا:

هل هنالك نجوم ميتة ما زال نورها يشع في سمائنا؟

الأقزام البيضاء؛ جثث النجوم المنكمشة

ترجمة: حلا بوبو

تدقيق: تسبيح علي

المصدر