كشف بحث جديد أن مركز مجرة درب التبانة هو مسرّع قوي للجسيمات، وتوجد أيضًا آلية غير معروفة تمنع الأشعة الكونية من اختراق السحابة الواسعة المسماة المنطقة الجزيئية المركزية.

قد يساعدنا هذا الاكتشاف على فهم مصدر الأشعة الكونية فهمًا أفضل. تتدفق الجزيئات مثل البروتونات والنوى الذرية باستمرار عبر الفضاء، بسرعة الضوء تقريبًا.

يُعد مركز المجرة منطقة غامضة، لكن لدينا فكرة جيدة عما يوجد هناك. المنطقة غنية بالغبار من ثم لا يمكننا دراستها على نطاق واسع من الأطوال الموجية، من الأشعة السينية إلى الضوء المرئي، ما وضع بعض القيود على الدراسة.

يتوقع علماء الفلك أن مركز المجرة هو مصدر كبير للأشعة الكونية. هذه البروتونات والنوى التي تجردت من الإلكترونات وتسرعت إلى سرعات نسبية بواسطة الحقول المغناطيسية القوية.

قد يعمل عدد من الأجسام في مركز المجرة بوصفها مسرعات للأشعة الكونية: بقايا المستعر الأعظم، والرياح السديمية النبضية، والثقب الهائل في وسط مجرة درب التبانة، الرامي Sagittarius A*.

يجب أن يكون توزيع الأشعة الكونية في جميع أنحاء مجرة درب التبانة سلسًا وثابتًا تقريبًا، وفقًا لبيانات المراقبة والنمذجة. إذ تنبثق الأشعة الكونية من المسرعات وتنتشر في المجال المغناطيسي للمجرة، وقد تتباطأ أو تتسارع لتنتج ما يسميه علماء الفلك بحر الأشعة الكونية.

لدراسة كيفية تسريع الأشعة الكونية ونقلها، يلزم وجود مصدر للأشعة الكونية الجديدة.

لحسن الحظ، فإن الأشعة الكونية نشطة للغاية. هذا يعني أنه يمكننا اكتشافها في مركز المجرة، لأن نطاق الطاقة هذا ينتج ضوءًا في نطاق الطول الموجي المحدود الذي يخترق الغبار هناك.

قد تتفاعل الأشعة الكونية مع الوسط النجمي، ويدور الغاز والغبار بين النجوم، ما يؤدي إلى إنتاج فوتونات أشعة جاما عالية الطاقة، مع نحو 10% من طاقة مصدر الأشعة الكونية.

بحث فريق بقيادة عالم الفلك شياو وان هوانغ -من الأكاديمية الصينية للعلوم- إشعاع غاما في السحابة الجزيئية المركزية لمجرة درب التبانة، باستخدام بيانات تلسكوب فيرمي الفضائي لأشعة غاما، على أمل العثور على مصادر الأشعة الكونية.

أشارت أشعة جاما المكتشفة إلى أن مركز المجرة هو مسرع جسيمات عالي الطاقة، أو أن شيئًا ما في تلك المنطقة له هذا التأثير. وجدوا أيضًا شيئًا مثيرًا للدهشة حقًا.

وفقًا لحسابات الفريق، فإن كثافة الأشعة الكونية في السحابة الجزيئية المركزية أقل من كثافة بحر الأشعة الكونية. يشير هذا إلى وجود نوع من الحواجز يمنع الأشعة الكونية من اختراق السحابة الجزيئية المركزية.

يجب أن تكون مكونات هذا الحاجز موضوعًا للبحث في المستقبل، وتوجد العديد من الاحتمالات المثيرة للاهتمام.

ربما يؤدي انهيار الأجزاء الأكثف من السحابة إلى ضغط المجالات المغناطيسية ما قد يمثل عائقًا، أو قد يكون الاضطراب المغناطيسي الهيدروديناميكي.

تُعدل الأشعة الكونية بواسطة الرياح الشمسية في النظام الشمسي. قد تؤدي الرياح المجرية دورًا مشابهًا في مركز المجرة. حسب الفريق كثافة الأشعة الكونية في وجود الرياح المجرية، وحصل على نتيجة مماثلة لتحليل بيانات أشعة جاما.

قد يساعد العمل المستقبلي لاستكشاف هذه الظاهرة بمزيد من التفاصيل على استبعاد بعض الآليات التي قد تسبب ذلك.

يقول الباحثون إن النمذجة ثلاثية الأبعاد الأكثر تفصيلًا لمركز المجرة قد تساعد على تسليط الضوء على منشأ الأشعة الكونية وكيفية انتقالها في مجرة درب التبانة.

اقرأ أيضًا:

رصد أشعة غاما غريبة مصدرها جسم قريب من الأرض!

هل تتعرض أجهزتك الإلكترونية للأعطال دائمًا؟ لُم الأشعة الكونية

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: محمد الأسطى

المصدر