سم الخفافيش يحوي مادة فعالة في علاج السكتة الدماغية


حين نسمع كلمة “مصاص الدم” قد نتذكر فيلم لإدوارد كولين، أو براد بيت شاحبًا في دوره كمصاص دماء، أو حتى ملك مصاصي الدماء “دراكيولا”. ولكن الخفافيش مصاصة الدماء تمتلك قاسمين مشتركين فقط مع تلك الشخصيات الخيالية، وذلك: حميتها الغذائية، وأنيابها الحادة.

اكتشفت مجموعة من الباحثين الدوليين أن سم الخفاش مصاص الدماء يحتوي على أنواع فريدة من المواد المضادة للتجلط، كما يحتوي على مركبات موسعة لشرايين الجسم. يعتقد العلماء أن فهم خصائص تلك المواد قد يساعد في تطوير أدوية جديدة لعلاج السكتة الدماغية الحادة وضغط الدم العالي.
السكتة الدماغية الحادة هي الحالة التي تنشأ من وجود جلطة كبيرة بحجمٍ كافٍ لسد مسار الأوعية الدموية التي تغذي نسيج المخ (هناك نوع آخر من السكتات الدماغية يسمى جلطات الدماغ النزيفية وينتج من تمزق الأوعية الدموية وليس انسدادها، ولكنه ليس المقصود علاجه بهذا الدواء).

هذه الوطاويط مصاصة الدماء تتواجد في وسط وجنوب أمريكا وتتميز بجناح طوله 8 إنشات (20 سنتيمتر) وجسم بحجم إبهام الإنسان البالغ، ولكن لعابها الذي يحتوي على السم أثار اهتمام العلماء لوجود بروتينات متنوعة مهمة به، حتى أن بعض العلماء وصفوه بأنه “أكثر هادمي الجلطات كفاءةً”. البروتين هادم الجلطات المحدد اسمه “محفز البلاسمينوجين اللعابي لفصيلة ديسمودوس روتاندس” (Desmodus rotundus salivary plasminogen activator) أو DSPA أو Desmoteplase.

مثلما تطور سم الأفاعي سريعًا ليكون متقدمًا في مقاومة مناعة الضحية، فقد تطورت سموم الخفافيش مصاصة الدماء لمنع جهاز مناعة الضحية من تكوين أجسام مضادة لهذا السم. كيف يحدث هذا المنع؟ يحدث هذا المنع بسبب خاصية مميزة لسم الخفافيش مصاصة الدماء. يحتوي السم على أشكال متنوعة من نفس المادة الفعالة، هذه الأشكال تختلف عن بعضها البعض بصفة طفيفة. لذا حين تتكون أجسام مضادة من جهاز المناعة ضد السم فإن بعض الجزيئات ستتحلل، ولكن جزيئات أخرى لها أشكال أخرى سوف تظل قادرة على تجاوز جهاز الدفاع ذاك. هذه الجزيئات سوف تتجاوز جهاز المناعة وفي نفس الوقت تحافظ على سريان الدم داخل الضحية المسمومة.

هذا يضمن أن يعيش سم الخفافيش داخل جسم الإنسان لفترة طويلة ويوفر قدرة على تقديم أدوية تظل في الدم لمدة طويلة مثل جزيئات السم لكى تعالج بعض الأمراض الهامة مثل السكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم. وبالرغم من أن أساس تلك الجزيئات هي أنها كانت سم خفافيش، إلا أن العلماء قد أجروا عليها تعديلات وراقبوا آثارها في الجسد. بعد هذه التعديلات لاحظ العلماء أن تلك الجزيئات تقوم بتحليل الفيبرين الذي يكون هيكل الجلطات المؤذية في الجسم، وفي نفس الوقت فهذه الجزيئات لا تقوم بتنشيط المستقبلات المُضرة في جسم الإنسان.

هذه الميزة تجعل DSPA دواءً أفضل من rt-PA ألا وهو الدواء الوحيد الذي تم الموافقة عليه من هيئة الغذاء والأدوية لعلاج السكتة الدماغية الحادة. قصور rt-PA يكمن في عدم إمكانية ضمان فرصة عمله في مريض السكتة إلا إذا تم إعطاء الدواء في خلال أول ثلاث ساعات من بداية تكون الجلطة. ويعد هذا عيبًا عظيمًا في الدواء لعدم قدرة المريض على التعرف على أنه يمر بجلطة دماغية في خلال تلك الفترة القصيرة. حتى الآن 2% فقط من حالات الجلطة الدماغية الحادة يتم علاجها بسبب هذا الأمر. ولكن يُتوقع علاج نسبة تتعدى الـ50% بكثير في حالة نجاح DSPA. علاج الجلطة الدماغية يتضمن استعادة قدرة المريض على الحركة، وقدرته على الرؤية، وقدرته على التحدث.


اعداد: عمرو خالد


مصدر 1 | مصدر 2