النجوم تتلألأ، والكواكب لا تفعل.

حسنا، فى الواقع هذا غير صحيح؛ فالنجوم والكواكب، وحتى الشمس والقمر، جميعها تتلألأ بكميات مختلفة، وأى شئ خارج الغلاف الجوى يتلألأ.

إذا كنت تشعر قليلا بسخافة استخدام كلمة “تتلألأ” مرارا وتكرارا؛ فيمكنك أيضا استخدام المصطلح العلمى: (الوميض الفلكي – Astronomical Scintillation).

أنت تحمل وزن الغلاف الجوى بأكمله على كتفيكن ولكنك لا تشعر به؛ فكل بوصة مربعة من جلدك يقع عليها ضغط مقداره 15 رطل.

وبالرغم من أن علماء الفلك بحاجة للغلاف الجوى للبقاء على قيد الحياة، إلا أنه يدفعهم للجنون؛ لأنه يجعل من الصعب رؤية الأجسام فى الفضاء.

النجوم تتلألأ لأن الضوء يمر خلال حجم معين من الهواء، والإضطراب فى الغلاف الجوى للأرض يجعل الضوء ينكسر (refract) بشكل مختلف من لحظة لأخرى.

لذلك من منظورنا، سيظهر الضوء القادم من النجم فى مكان، ثم بعد بضع ميلّي ثواني، ينحرف ويتشتت إلى بقعة مختلفة. نرى هذا كتلألأ.

إذا، لماذا تبدو النجوم تتلألأ، بينما الكواكب لا تفعل؟

النجوم تظهر كنقطة واحدة فى السماء؛ بسبب المسافة الكبيرة بيننا وبينها، وهذا ما يجعلها تتأثر بشدة بالإضطرابات فى الغلاف الجوى، بينما الكواكب لكونها أقرب لنا بكثير؛ فهى تظهر لنا كأقراص.

لا يمكننا رؤية هذه الأقراص بعيوننا، ولكن الضوء الصادر منها لا يزال يتعدّل حتى تبدو صورتها مستقرة فى السماء.

علماء الفلك يكافحون الإضطراب الحادث فى الغلاف الجوى بطريقتين:

أولا، يحاولون التواجد فوقه:

تليسكوب هابل الفضائى قوى؛ لأنه خارج الغلاف الجوى.

مرآته ضخمة جدا، وفى الواقع يصل حجمها إلى ربع حجم المراصد الأرضية الكبيرة، ولكن بدون التشتت الذى يحدث فى الغلاف الجوى، يمكن لتليسكوب هابل أن يرصد مجرات تبعد عنا مليارات السنين الضوئية؛ فكلما نظر أبعد، كلما جمّع ضوء أكثر.

ثانيًا، يحاولون تعويضه:

بعض التليسكوبات الأكثر تطورا على الأرض تستخدم البصريات التكيّفيّة؛ الأمر الذى يشوّه مرآة التليسكوب عدة مرات فى الثانية، وذلك لمعادلة الإضطراب الحادث فى الغلاف الجوى.

يطلق الفلكيون شعاع ليزر قوى فى السماء، يشكّل نجمة اصطناعية تقع فى مجال رؤيتهم؛ ولأنهم يعرفون ما يجب أن تبدو عليه النجمة الاصطناعية، فهم يعدّلون مرآة التليسكوب بواسطة المكابس التى تلغى التشوّه الموجود فى الغلاف الجوى. وبالرغم من أن هذه الطريقة ليست جيدة مقارنة بإرسال تليسكوب فى الفضاء، إلا أن ذلك أرخص بكثير.