لماذا لا يعتم الضوء عندما نطرف (نرمش) بأعيننا؟


تسّرع الرموش عضلات العين لتحافظ علي رؤيتنا في خط مستقيم.

في كل ثانية تغلق جفوننا تلقائيًا وتعود مقلة العين (كرة العين) إلي التجويف الخاص بها، إذًا؛ لماذا لا نشعر بالضوء والظلام المتقطع عنما نرمش بأعيننا؟

أُجريت دراسة جديدة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي تُظهر أن الدماغ يقوم بجهد مضاعف للمحافظة علي ثبات رؤيتنا في خط مستقيم.

وقد وجد العلماء في كل من جامعة كالفورنيا في بيركلي، وجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، وجامعة باريس ديكارت، وكلية دارتموث؛ أن طرف العين يقوم بأكثر من تلين العين وحمايتها من المهيجات، نشرت مجلة علم الأحياء دراسة في عددها اليوم على الأنترنت توضح أنه عندما نطرف بأعيننا فإن الدماغ يُعدّل وضعية مقلة العين لكي نتمكن من التركيز على ما نراه.

يقول جيريت موس؛ أستاذ مساعد في علم النفس في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، والذي قاد هذه الدراسة: «إنه عندما تعود مقلة العين (كرة العين) إلي التجويف الخاص بها عند الرّمش، فإنها لا تعود دائمًا إلى نفس البقعة أو المكان عندما نفتح أعيننا، ويعدّل الدّماغ هذا الاختلال السّريع من خلال تنشيط عضلات العين وذلك لإعادة تنظيم رؤيتنا.»
وقد بدأ موس هذه الدراسة باعتباره زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، في مختبر «ويتني» للسلوك والإدراك.

أضاف موس: «عضلات العين بطيئةٌ جدًّا وغير دقيقة؛ لذلك يحتاج الدماغ أن يتكيف باستمرار على الإشارات الحركية للحصول علي الرؤية الجيّدة، وتشير النتائج إلى أن الدماغ يُصدر أوامر للعين لإجراء التصحيحات اللازمة عند قياس الفرق بين ما نراه قبل وبعد أن نرّمش.»

وقال باحثون: «إنه من منظور الصورة الكبيرة إن لم نمتلك آلية محرك العين القوية، خصوصًا عند الرّمش، فسوف يبدو المكان المحيط بنا غامضًا، وغير منتظم، ومخيفًا.»

ويقول ديفيد ويتني، الباحث المشارك في الدراسة وأستاذ علم النفس في جامعة كالفورنيا بأنهم أدركوا أن الترابط المنطقي، والعمي المؤقت، يكون بسبب أن الدماغ يربط النقاط لدينا.

ويقول باتريك كافاناغ؛ أستاذ في العلوم النفسية والدماغ في كلية دارتموث: «إن الدّماغ يتنبؤ كثيرًا من أجل موازنة كيفية التحرك من حولنا، فهو يشبه كاميرا تصوير: (*Steadicam) عقلية.»

في هذه الدراسة، شارك عشرات من الشباب البالغين في ما سمّاه «موس» مازحًا: «التّجربة الأكثر مللًا على الإطلاق»، إذ جلس المشاركون في الدراسة في غرفة مظلمة لفترات طويلة يراقبون نقطة على الشاشة، بينما تُتابع كاميرات الأشعة تحت الحمراء (IR) وميض أعينهم آنيًا.

وفي كل مرة يطرفون أعينهم تنتقل النقطة سنتيميترًا واحدًا لليمين.
فشل المشاركون في ملاحظة هذا التغيير الدقيق بينما سجل النظام المحرك للعين في الدماغ هذه التغييرات، وبُرمج على إعادة تنظيم خط الرؤية مباشرة على النقطة.

وبعد عددٍ من الحركات المتزامنة للومضة عند كل نقطة، أي حوالي الثلاثين حركة، عُدّلت أعين المشاركين، فأصبحت عند كل طرفة للعين تنتقل حركة أعينهم تلقائيًا لمكان النقطة.

يقول موس: «بالرّغم من أن المشاركين لم يدركوا انتقال النقطة، ولكن استطاع دماغهم إدراك هذا التغيير، وتعديل العين للحركة الصحيحة، وهذه النتائج تُضاف إلى فهمنا عن كيفية تكيّف الدّماغ باستمرار على التغيّرات الحادثة، وتوجيه العضلات لتصحيح الأخطاء في أجسادنا.»

بالإضافة إلى القائمين على هذه الدّراسة وهم: جيريت موس، ديفيد ويتني، وباتريك كافاناغ، شارك في هذه الدراسة أيضًا كل من: ماريان ديوك، ماتيو ليزي، وتيريز كولينز من جامعة باريس ديكارت.

* (Steadicam): هي نوع من كاميرات تصوير الأفلام وغيرها؛ تحافظ على ثبات ودقّة التصوير عند الحركة.


ترجمة: آية عبد العزيز
تدقيق: إسماعيل الحسناوي
المصدر