رغم كل التوعية والمعلومات التي باتت متوافرة عن التدخين ومضارّه وتأثيراته الجانبية؛ مازال يُشكِّل خطرًا حقيقيًا عالميًا بامتياز.

في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يقتل التدخين 20 مليون شخص ويُكلف أنظمة الرعاية الصحية فيها 180 مليار دولار سنويًا! ولكن ما هو واقع التدخين في منطقتنا العربية، وما هي مخاطر التدخين التي يجب أن يعرفها الجميع وخصوصًا الجيل العربي الشاب؟

يحوي التبغ مئات المواد السامة من بينها 69 مادة مُسرطنة بشكل مؤكد بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية (WHO)، والتدخين هو العامل البيئي الأهم للسرطان وهو مسؤول بمفرده عن 22% من وفيات السرطان و71% من وفيات سرطان الرئة تحديدًا (سرطان الرئة هو أكثر ورم خبيث شيوعًا في المنطقة العربية).

أكثر من ذلك، فالتدخين هو عامل خطورة (Risk factors) أو عامل مؤهِّب لـ16 نوعًا من الأورام الخبيثة: الرئة، والفم، والحنجرة، والرغامى، والمريء، والثدي، واللوكيميا، والكبد، والبنكرياس، والجلد، والمعدة، والقولون، والكلية، والمثانة، والمبيض، وعنق الرحم.

الأمراض القلبية الوعائية هي القاتل الأول في العالم حاليًا، وتتضمن هذه الأمراض قائمة طويلة من أهمِّها نقص التروية وقصور القلب.

ورغم أنَّ العديد من العوامل والأسباب تتداخل وتؤهب لحدوث هذه الأمراض القاتلة كالغذاء غير الصحي وقلة النشاط الحركي اليومي والكحول؛ لكن يبدو أنَّ التدخين عامل خطورة هام جدًا لحدوث مثل هذه الأمراض تفوق أهميته العوامل السابقة كلها.

بسبب كلِّ هذه المعلومات والمعرفة التي توفَّرت لنا عن أضرار التدخين ونتيجة حملات التوعية العامَّة التي تقوم بها حكومات وشعوب العالم الغربي بدأت الحرب الشعواء على التدخين تُؤتي أُكلها، ففي الولايات المتحدة الأمريكيَّة مثلًا تناقصت نسبة المُدخنين البالغين (فوق سن 18) بشكل دراماتيكي من 42% عام 1965 إلى 17% فقط عام 2014.

بينما في دول العالم الثالث -وفي المنطقة العربية تحديدًا- لم يحدث أي تناقص أو انخفاض في نسبة المدخنيين خلال العقود الماضية، بل إنَّ العكس تمامًا هو الذي حدث! فنحن نشهد زيادة ملحوظة في أعداد المدخنيين في دولنا العربية، وللأسف فهذه الزيادة بين الشباب والأطفال خصوصًا، وبسبب ذلك لا تزال الأورام الخبيثة وعلى رأسها سرطان الرئة ولا تزال الأمراض القلبية الوعائية في ترقٍ يُنذر بعواقب صحية خطيرة ومدمرة في المستقبل القريب.

من الغريب حقًا أنَّ الدول التي تصنع السجائر وتُصدِّرها للعالم بأسره قد بدأت شعوبها في الإقلاع عن التدخين، في حين لم يحدث شيءٌ مماثل في دولنا العربية التي تستورد هذه السموم القاتلة من الدول الصناعية.

لقد أصبح العالم اليوم قرية صغيرة بفضل وسائل الاتصالات المتنوعة، وباتت إمكانية الوصول إلى الحقائق والمعلومات مُيسرةً للجميع، ومن الطبيعي أنَّ المعلومات المتوافرة عن أضرار التدخين أصبحت معروفة لشبابنا العربي، وهذه المقالة ماهي إلا تذكيرٌ بهذه المخاطر ودعوة لترك التدخين والابتعاد عن هذا السم القاتل.


  • إعداد: د. محمد الأبرص
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير:عيسى هزيم
  • المصدر