من مِنا لا يتذكّرُ بعضًا من معلومات المدارس؟ ولعلَ أبرزها ما كان في دروس الجغرافيا  بما في ذلك أن في عالمِنا هذا عدد من القاراتِ وهي سبعٌ فقط؛ آسيا، إفريقيا، أوروبا، أميركا الشمالية، أميركا الجنوبية، أستراليا و أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية).

لكن ماذا لو كانت هُنالكَ قارةٌ ثامنة؟

بدأ العُلماء في رحلة بحثٍ عن القارّة المفقودة في (زيلانديا – Zealandia ) والتي تقبعُ في الأراضي الضخمة تحت الماء في شرق أستراليا التي لمُ تُدرس سابقًا وذلك لكشف أسرارها.

كانت زيلانديا، والتي غُمرت تحت جنوب المحيط الهادئ غالبًا، جزءًا من (قارة غندوانا العُظمى – Gondwana super-continent) ولكنّها انفصلت قبل حوالي 75 مليون عام.

وفي ورقة بحثيّة نُشرت في مجلة الجيولوجيا الأمريكيّة (GSA)، قدّم الباحثون هذه الحالةَ بأن ينبغي اعتبارها قارّة جديدة، وقالوا أنّه كيانٌ جيولوجيّ مُتميّزٌ ويستوفي جميع المعايير التي تُطبّق على قارات الأرض الأخرى، بما في ذلك كونها بقعةٌ مرتفعةٌ نسبيًا فوق المناطق المُحيطة، وجيولوجيّتها المتميّزة من حيث تنوّع الصخور فيها، وحدود المنطقة المُحددة جيّدًا بما يكفي لاعتبارها قارةً وليس جزءًا من قارة.

بالإضافة لأن قشرتها الأرضيّة أكثر سُمكًا بكثير من تلك الواقعة في قاع المُحيط الذي يُحيطها، وتبلغُ مساحتها خمسة ملايين كليو مترًا مربعًا، وتمتدُّ من جنوب نيوزيلاندا شمالًا وحتّى كاليفورنيا الجديدة وغربًا حتّى هضبة (كين – Kenn) شرق أستراليا.

سفينة الحفر المُستخدمة ” Joides Resolution” ستبدأ بأخذ عيّناتٍ من الصخور والرواسب المتوضّعة في أعماق البحر في محاولةٍ لاكتشاف كيف تشكّلت هذه المنطقة على مدى عشرات ملايين السنين الماضية، وسيتم دراسة نوى العيّنات المأخوذة على متن هذه السفينة، مما يسمح للعلماء بجمع معلوماتٍ (التاريخ الإقيانوغرافي – Oceanographic History)، والمناخ المُتطرّف بالإضافة للحياة في قاع البحر وتكتونيّات الصفائح والمناطق الزلزاليّة.

تُبيّن الخريطة القارة الجديدة زيلانديا
وهي كتلة ضخمة تحت الماء في جنوب المحيط الهادئ والتي من المحتمل أنّها لم تُدرس.

وقال كبير العُلماء ( جيري ديكنز – Jerry Dickens) من جامعة ( رايس – Rice) في تكساس: ‹‹ تُعتبر هذه المنطقة منطقةً حيويّةً لدراسة تغيّرات المناخ العالمي، إذ أنها مهمّة في التأثير على التغيّرات العالميّة، فعندما تحرّكت أستراليا شمالًا كان قد تطوّر بحر (تاسمان – Tasman)، وتغيّرت أنماط الدورات العالميّة، وتقلّب أعُماق المياه على زيلانديا››.

وقال (نيفيل إيكسون- Neville Exon) من الجامعة الوطنيّة الأسترالية، ستساعد الحملة التي تستمر لشهرين في فهمٍ أفضل للتغييرات الرئيسيّة في النشأة التكتونيّة العالميّة والتي بدأت قبل نحو 53 مليون سنة.

وبالتالي يصل العلماء إلى معرفة كيفيّة تكوين (منطقة الحزام الناري-Ring of Fire  )، وهي البقعة الساخنة المليئة بالبراكين والزلازل.

وقال قائد البحث الجيولوجيّ (نيك مورتيمر – Nick Mortimer ) في الورقة البحثيّة: ‹‹ كان العلماء يجمعون البيانات لجعل قضيّة زيلانديا لكونها قارةً لأكثر من 20 عامًا، ولكن قد أُحبطت جهودهم لأن مُعظمها كان مخفيًا تحت الأمواج، وإذا ما تمكنّا من سحب مياه المحيط لكانت القارة المٌرتفعة واضحةً للجميع بما فيها من سلاسل وجبال››.


  • ترجمة: رامي الحرك
  • تدقيق: رؤى درخباني
  • تحرير: أحمد عزب

المصدر