وجد بعض الباحثين الألمان (جورج هاينز، كريستيان هوبريش، وتوماس هالفمان) طريقةً لإطلاق نبضة ضوء ثم «إيقاف» هذا الضوء لمدة دقيقة واحدة وإعادة إطلاقه مرةً أخرى، وذلك باستخدام «الكهرومغناطيسية الشفافية المستحثة» (إيت-EIT) التي ليس من المهم معرفة تفاصيلها الآن.

إذن، ماذا يعني «إيقاف الضوء»؟

يسافر الضوء بشكل طبيعي بسرعة 2.99 × 10^8 متر في الثانية الواحدة، أو ما يسمى «سرعة الضوء» لذلك، عندما يسافر من خلال الماء أو الزجاج فإنه «يبطئ».

وما يحصل هو امتصاص وإعادة انبعاث متكرر للذرات أثناء عبورها.

عندما يسافر الضوء فإنه يسافر بأقصى سرعة.

إذا كان «وقف الضوء» يعني الاحتفاظ بالطاقة لفترة من الوقت ثم إعادة الإفراج عنها في وقتٍ لاحق، فما الفرق بين مافعله(هاينز وهوبريش وهالفمان) وماتفعله الصخور عندما تسخن في ضوء الشمس ثم تشعّ الحرارة في وقت لاحق«كما لو كان الضوء أشعةً تحت الحمراء»؟

الجواب على هذا السؤال -ومايجعل هذه التجربة مهمة -هو أنّ العملية تحافظ على معلومات الفوتونات.

الصخور التي تمتص أشعة الشمس وتشعّ تلك الطاقة كالحرارة لاحقًا هو اختلاط معلومات ضوء الشمس بشكل كامل.

ليس من الممكن تخزين معلومات الضوء وحسب، بل يمكن تخزين المعلومات الكمومية أيضًا.

الفرق بين المعلومات العادية والمعلومات الكمومية مسألة صعبة التوضيح، التعريف الدقيق«للمعلومات» تقنيّ جدًّا، قبل الخوض في مفهوم المعلومات الكمومية.

فالمعلومات الكمومية هي العمود الفقري وراء أشياء مثل التشابك«عمل يحدث عبر مسافة»، وإجراء الحسابات الكمومية.

هذا الاستخدام الأخير–بالذات – مايجعل الفيزيائيين متحمسين.

«إيقاف الضوء» ليس شيئًا جديدًا، ولكن إيجاد وسيلة لتخزين المعلومات الكمومية هو ما يُعدّ عملًا كبيرًا.

المعلومات الكمومية هي الجزء «الأنيق» من الحالة الكمومية للشيء.

فعندما يتفاعل العالم الخارجي مع نظام كمومي، فإنه يميل إلى ربطه.

أو نقول«انهارت دالة الموجة» أو«فُكّ ارتباط النظام».

المعلومات الكمومية مفيدة ومختلفة عن المعلومات الكلاسيكية.

عندما يسمح النظام- في هذه الحالة- لدفقة من الضوء أن تتراكب أو تتشابك مع شيء آخر؛ يمكننا القول أنّ تقنية(إيت) تحافظ على المعلومات الكمومية، لأنّنا يمكن أن ننفذ تجارب التشابك بين الفوتون الذي يتم تخزينه، وآخر ليس كذلك، ونجد أنّ التشابك بين الاثنين يحفاظ عليهما.

في الأساس، هذا النوع من التخزين هو«لطيف» بحيث أنّه لا يمكن اعتباره قياسًا، ويتم الحفاظ على كل الحالة الكمومية«المعلومات الكمومية».

تخزين الضوء، هو أقرب إلى بناء جهازذ اكرة تم تصنيعه قديمًا اسمه«ذاكرة خط التأخير».

وللمقارنة، تم إرجاع الحواسيب التي استخدمت خزانات من الزئبق السائل لتخزين البيانات، وذلك في العام 1950 أو نحوه.

فالنبضات الصوتية تسير عبر خزان الزئبق أبطأ بكثير من الإشارات الكهربائية التي تنتقل عبر الأسلاك، لذا يمكنك تخزين أجزاء صغيرة من البيانات عن طريق قراءة النبضات من أحد طرفيّ الخزان، ثم إعادة إرسال تلك النبضات من الطرف الآخر.

تقنية«تخزين الضوء» ستكون نظام ذاكرة مماثل- على الرغم من طول الفترة الزمنية- لأجهزة الكمبيوتر الكمومية.

لذلك، لايتمّ إيقاف «الضوء» إنّما «توضع بصمته» على بعض الإلكترونات في بلورة أُعدّت بعناية فائقة.

هذه البصمة ليست ضوء«لهذا لايجب أن تتحرك»، إنّها مجرد إلكترونات تم استثارتها.

هذه البصمة تستمر لمدة تصل إلى دقيقة واحدة، ببطء تتراكم الأخطاء وتبدأ في الخبو.

بعد مرور بعض الوقت تتحول البصمة إلى ضوء، بينما يخرج الضوء من بلورة الاستثارة بالسرعة التي نتوقعها بالضبط.

إنّ مايجعل هذه التجربة الأكثر إثارة هو أنّها أثبتت فائدتها كطريقة طويلة الأجل لتخزين المعلومات الكمومية، التي كانت -تقليديًا- عقبة رئيسة.

والمفترض أن يقوم الكمبيوتر الكمومي بكل عمله في جزءٍ من الثانية.


  • ترجمة : مصطفى العدوي.
  • تدقيق: محمد عبد الحميد أبو قصيصة.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر