إن رؤية الآلية الفيزيائية لانكماش خثرات الدم على مستوى الصفيحات بشكلٍ منفرد وفّر منظورًا جديدًا للباحثين من كلية الطب في جامعة بنسلفانيا للعملية الطبيعية التي تُعتبر جزءًا من عملية تخثر الدم.

حيث قام فريق من الباحثين بقيادة جون ويسل (John W. Weisel) – وهو بروفسور في علم الخلية وعلم الأحياء التطوري- بوصف الدور الذي تلعبه البروتينات المتخصصة الموجودة في الصفيحات في تشكيل الخثرات وفي تقليص حجمها.

ومن أجل دراسة كيفية تجمُّع الخثرات، قام الفريق بتصويرها (وهي عبارة عن شبكات من ألياف بروتين الفبرين والصفيحات الدموية) باستخدام تقنية تصوير تدعى بالمجهر مُتّحد البؤر(confocal light microscopy).

وتُعتبر العملية الطبيعية لتجمُّع الخثرات ضرورية لكي يتمكن الجسم من السيطرة على النزيف وتقليص حجم تلك الخثرات التي تؤدي إلى الانسداد، بالإضافة إلى تعزيز عملية شفاء الجروح.

إنّ الآلية الفيزيائية لتجمُّع الخثرات بواسطة الصفيحات التي قاموا بمشاهدتها تُشكِّل حاليًا طرق جديدة لتشخيص وعلاج بعض الحالات المرضية كالسكتة الدماغية(Ischemic stroke) وتخثُّر الأوردة العميقة(deep vein thrombosis) والذبحة القلبية.

وفي جميع هذه الحالات، تتوضع الخثرات في المكان الذي يجب ألّا تتواجد فيه وبالتالي فهي تمنع تدفق الدم عن أجزاء مهمة من الجسم.

ويقترح أحد الأدلة من دراسة نُشرت في وقتٍ سابق من هذه السنة في مختبرات ويسل أن الصفيحات لدى الأشخاص المصابين بهذه الأمراض تُعتبر أقل فعالية في تجميع الخثرات، وبالتالي فهي تساهم في تشكيل الخثرات التي تسبب الانسداد.

يقول الدكتور ويسل: «في الظروف الطبيعية، يلعب تجمُّع الخثرات الدموية دورًا هامًا في منع النزيف من خلال إنشاء حاجزًا أفضل، بما أن الخلايا تُصبح متكدسة بشكلٍ كبير عن طريق إلغاء المسافات فيما بينها»، ويتابع قائلًا: «في هذه الدراسة، قمنا بتحديد كمية الخثرات المُتكدسة في الصفيحات بشكلٍ منفرد».

وقد قام الفريق البحثي بتحديد التفاصيل البنيوية حول كيفية قيام الصفيحات المُتجمِّعة بتقليص حجم الخثرات، والذي يرافقه تبدّلات بنيوية كبيرة في الشبكة المُؤلفة من الصفيحات وبروتين الفبرين.

إنّ حادة الانكماش على هيئة الخثرات تستلزم القيام بخطوات متتابعة من قبل الصفيحات الدموية المُتمدِّدة التي تُدعى بالفيلوبوديا (filopodia) والتي ترتبط بألياف بروتين الفبرين وتقوم بشدِّها.

يقول ويسل: «اكتشفنا أن الصفيحات المُفعلة تُسبِّب انحناء ألياف الفبرين المُفردة وتقصير طولها بواسطة الفيلوبوديا الخاصة بها والتي تخضع لعمليات التمدد والتقلص بشكل متتابع، كما في لعبة شد الحبل».

إنّ نفس البروتينات الأساسية التي تستخدمها الصفيحات تُستخدم أيضًا في حركة عضلات الخلايا الأخرى.

وبشكلٍ معاكس لأنظمة حركة الخلية الأخرى والتي تُهاجر فيها الخلايا مع الألياف أو تُعيد ترتيب الهيكل خارج الخلايا، تُسبِّب ظاهرة التمدد والتقلص تقصير وانحناء الألياف المرتبطة بالصفيحات.

إنّ آلية تجمُّع خثرات الدم التي لاحظها الباحثون تُمثل نمطًا جديدًا من أنماط تقلُّص الخلايا لإعادة تشكيل الأنسجة الحيوية.

ومن خلال تحقيق فهم أفضل لظاهرة تجمُّع الخثرات، يعتقد ويسل ومساعديه أنه يمكن دراسة مساهمات هذه الظاهرة في كل من منع النزيف والتخثُّر بفعالية أكبر.

فهم يعتقدون أن طرق قياس تجمّع الخثرات يمكن أن تُستخدم في تشخيص آثارها على النزيف و التخثُّر، وربما في المستقبل يمكن أن تصبح هذه الآثار كأنماط تُستعمل في التدخلات العلاجية.

الفيديو:

مواضيع ذات صلة:

  • بروتين تخثر الدم يعيق معالجة الدماغ من أمراض. الرابط
  • هل يرتبط النظام الغذائي الغربي بأمراض الأوعية الدموية والسكري؟ الرابط

  • ترجمة: زينب النيال.
  • تدقيق: أسمى شعبان.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر