في كل مرة تتعلم بها مهارات جديدة تُبعَث الحياة في خلايا جديدة في دماغك، بعد ذلك تموت هذه الخلايا الواحدة تلو الأخرى بعدما يقرر الدماغ أي منها يحتاج فعليًا.

في ورقة رأي جديدة نُشرَت على الإنترنت في 14 تشرين الأول(نوفمبر) في صحيفة (Trends in Cognitive Sciences)رجح الباحثون أن تضخم وتقلص الدماغ هو جزء من العملية الداروينية.

إن انبثاق خلايا جديدة في الدماغ يساعده على التعامل مع المعلومات الجديدة، بعد ذلك يكتشف الدماغ أي من هذه الخلايا الجديدة تعمل بشكل جيد وأي منها غير ضروري، فيقتل الزائدة منها في سباق البقاء للأقوى.

هذا الانتخاب يجعل الدماغ يُبقي فقط على الخلايا الأكثر قدرة على حفظ المعلومات.

إليزابيث فينجر، المؤلفة الرئيسية وباحثة في مركزعلم النفس لايف سبان-life span في معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية في برلين- ألمانيا، تقول
« إن التضخم الأولي الذي يحدث لخلايا الدماغ متناهي الصغر، فليس ممكنًا حدوث تغيرات ضخمة داخل الجمجمة.»

عرف العلماء منذ زمنٍ طويل أن الدماغ يتغير استجابة للتعلم.

ففي دراسة أُجريت عام 2003 لُوحِظَ أن هناك اختلاف واضح في الحجم بين أدمغة العازفين المحترفين والهواة.

قالت فينجر إن الباحثين شاهدوا لأول مرة، من خلال الدراسة الجديدة، أن ذلك النمو يحدث خلال فترة زمنية طويلة نوعًا ما، وقدمت فرضية تُفسّر حدوث ذلك.
تُجري فينجر وزملائها دراسة على 15 متطوع، يكتبون باليد اليمنى، يقومون بدورة لتعلم الكتابة باليد اليسرى،.

أخضع الباحثون المتطوعين لمسح للدماغ بالرنين المغناطيسي خلال فترة الدراسة، وجد الباحثون أن المادة الرمادية في القشرة المحركة لدى المتطوعين، وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن حركة العضلات، نَمَت بنسبة 2-3 % قبل أن تتقلص مجددًا وتعود لحجمها الأصلي.

أخبرت فينجر مجلة life science بأنه ليس من السهل أن نلاحظ ونتحقق من التغيرات الحجمية التي تطرأ على الدماغ فالوضع ليس كما نتخيل،حيث هناك الكثير من العوامل المعيقة)المزعجة) التي تتدخل عند إخضاع المتطوعين للمسح بالرنين المغناطيسي.

نقصد بالعوامل المزعجة أخطاءًا عشوائية مجهولة السبب في البيانات تجعل من الصعب على الباحثين إجراء قياسات دقيقة.

يستخدم جهاز الرنين المغناطيسي الفيزياء المعقدة للنظر داخل الدماغ من خلال جدران الجمجمة، لكن الآلات ليست مثالية بالمطلق وقد تُخطئ عند القيام بقياسات دقيقة.

وقالت فينجر« يتضخم الدماغ البشري لأسباب أخرى غير التعلم على سبيل المثال يكون دماغك أكثر سُمكًا وانتفاخًا بعد شُرب بضعة أكواب من الماء إذا كنت عطشانًا.

لتلك الأسباب استغرق العلماء وقتًا طويلًا لوضع ملاحظات جيدة حول هذا النمو والتقلص الذي يحدث مع مرور الوقت ) أو كما يصفه العلماء التضخم والعودة للحجم السوي(، ولهذا السبب أيضًا لم يقدموا حتى الآن تفاصيلًا دقيقة حول ماهي بالضبط الخلايا التي تتضاعف والتي تموت لتسبب كل هذا التغيير».

في كل مرة يتعلم دماغنا شيئًا جديدًا، يُخلَق فيه مزيج من الخلايا والمشابك العصبية الجديدة إضافةً لخلايا أخرى متنوعة تساعد في عمل الدماغ، ثم تختفي بعض من هذه الخلايا.

هذا كل مايعرفه الباحثون حتى الآن، مع ذلك هذا يكفيهم لتطوير نموذجهم الذي يُعتبر إلى حد ما نموذجًا خامًا للتضخم والعودة للحجم الطبيعي للدماغ.

لكي نفهم بشكل عميق كيف تجري العملية بالضبط، ومانوع الخلايا التي يتم اختيارها، يحتاج العلماء لدراسة العملية بشكل تفصيلي أكثر، فهم يحتاجون لمعرفة أي من الخلايا تظهر وأي منها تختفي.

يواجه العلماء، في محاولتهم للقيام بذلك، التحدي الدائم لعلم الأعصاب وهو أن تشريح جماجم الأحياء ووخزها بالإبر والمجاهر يُعتبَر فعلًا غير أخلاقي.

قالت فينجر أن الخطوات التالية ستتضمن ضبط الرنين المغناطيسي ليأمن مستوى أفضل من حيث تزويد العلماء بالتفاصيل التي يحتاجونها.

سيقوم العلماء أيضًا ببعض الأبحاث على أدمغة الحيوانات والذي قد يُقدم فهمًا أفضل لتقلص وتضخم الدماغ.


  • ترجمة :ليلا ليلى
  • تدقيق: مينا أبانوب
  • تحرير: ندى ياغي
  • المصدر
  • مواضيع ذات صلة:

–  الرياضة وتأثيرها على حجم الدماغ

–  كيف تحمي النشاطات الدماغية من تفاقم القلق؟

–  لأول مرة…يتمكن العلماء من تقوية ذاكرة الإنسان عبر أجهزة تزرع في الدماغ

–  نجح الباحثون بتحديد مكان أول نشاط دماغي عند الأجنة

– الإدمان على الكحول وموت الخلايا الدماغية لدى البالغين

–  كيف يؤثر ما نتناوله من سكر على الجسم والدماغ؟

–  الدماغ الخاص بك يدخل حالة”الطيار الآلي” لمساعدتك على اتخاذ القرارات بشكل أسرع

–  تدريبٌ دماغيٌ لعلاج مرضى اضطراب ثنائي القطب