السر يكمن في الجزيئات الضخمة …

لقد كان البشر دائمًا قادرين على اكتشاف طرق جديدة للصق الأشياء بعضها ببعض, فقد استخدم المصريون القدماء مادة لاصقة تستخرج من النسيج الضام للحيوانات في بناء توابيت لفراعنتهم, استطاع أيضًا الأمريكيون الأصليون جعل قواربهم مضادة للمياه باستخدام مادة صمغية مستخرجة من شجر الصنوبر.

اليوم، نحن نمتلك بعضًا من الغراء أو الشريط اللاصق للاستخدامات اليومية مثل إصلاح أرجل الطاولة، صنع بطاقات الأعياد، أو إلصاق تذكيرعلى مكتبنا في العمل ليذكرنا بإحضار بنّ للقهوة أثناء عودتنا للمنزل.

كل هذه المواد اللاصقة مصنوعة من جزيئات ضحمة – جزيئات ضخمة من البروتينات والسكريات في حالة الغراء الطبيعي، أو من البوليمرات في حالة الغراء الاصطناعي, يقول نيلز هولتن أندرسن، بروفيسور علوم المواد والهندسة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا “كل من الغراء والشريط اللاصق يتطلب رابطًا وُجَيهِيًّا (بين السطوح) الذي من شأنه أن يلصق كل الأسطح التي تُحاولُ لصقها”، وأضاف أندرسن قائلًا: “أنت أيضًا بحاجة إلى روابط كيميائية متماسكة، التي من مسؤوليتها إبقاء الغراء متماسكًا “.

القوى الموجودة بين الجزيئات في الغراء قوية جدًا، لكنها أيضًا هشة ولا يمكن عكسها, إذا كسر الغرض بعد وضع الغراء، فإنه لا يمكن لصقه مجددًا إلا بعد وضع غراء جديد, المواد اللاصقة المكوّنة من مكونين مثل الإيبوكسيات والبوليمرات المرنة تقلل من احتمالية الكسر مجددًا, إضافة جزيء ثالث – مثل ثلاثي إيثيلين رباعي الأمين (TETA) – إلى واحدة من المكونات ينتج عنه ارتباط أقوى.

القوى التي تثبت الشريط اللاصق في مكانه هي في الحقيقة روابط أضعف بكثير من تلك الموجودة في الغراء. يقول هولتن أندرسن: “على جانب من الشريط يوجد مواد لاصقة حساسة للضغط”.

“إن الضغط عليها مقابل سطح لا يخلق روابط قوية جدًا، بل عدد كبير من الروابط الضعيفة التي تؤدي بشكل تراكمي إلى التصاق جيد”, الشريط يبقى أيضًا عالقًا بسبب المرونة اللزوجية, يقول هولتن أندرسن: “عندما نضغط على الشريط مقابل الحائط، نحن نرغم المادة اللزجة على التدفق والتكيف مع التموّج المجهري لسطح الحائط, بعد أن تتوقف عن الضغط، الشريط يقاوم التدفق ويبقى في مكانه”, وعلى عكس الغراء، الشريط يمكن إعادة استخدامه ، فيمكن استخدام الشريط اللاصق عدة مرات قبل أن يملأ الغبار مادة البوليمر الموجودة فيه، فيصبح غير صالح للاستخدام.

إن البحث عن غراء أو شريط لاصق أفضل الأشياء المتوفرة حاليًا,. تشمل أبحاث هولتن أندرسن الحالية القوة اللاصقة لبعض للكائنات المائية, فيقول البروفيسور:” “ينتج بلح البحر والمحار الألياف التي تسمح لهم بالالتصاق بالسفن والصخور أو أي شيء يريدون النمو فيه”.

إن فهم أسرار هذه الكائنات تعد الخطوة الأولى من أجل صنع غراء اصطناعي يمكن أن يستعمل تحت الماء أو في الاستخدامات الطبية مثل عملية زرع الأعضاء أو العمليات الجراحية الأخرى, ويختم هولتن أندرسن بالقول : “هذه المواد يمكن أن تعمل بشكل أفضل من تلك التي لدينا الآن، بالإضافة إلى أنه يمكن صنعها بطرق لا تضر بالبيئة, الطبيعة تفعل الكثير من الأشياء بشكل أفضل بكثير مما نستطيع نحن أن نفعلها”.


  • ترجمة: حسن نحلة
  • تدقيق: رؤى درخباني
  • المحرر: عامر السبيعي
  • المصدر