كيف تعرف أن الذاكرة الكمومية حقًا كمومية؟

الذواكر الكمومية هي أجهزة لتخزين المعلومات الكمومية لوقت لاحق. غالبًا ما تطبّق عن طريق تخزين وإعادة إصدار فوتونات بحالات كمومية معينة (Quantum states).

ولكن غالبًا ما يكون من الصعب معرفة ما إذا كانت الذاكرة تخزن حقًا معلومات كمومية أو مجرد معلومات كلاسيكية فحسب.

في ورقة بحثية جديدة، طور فيزيائيون اختبارًا جديدًا للتحقق من الطبيعة الكمومية لهذه الذواكر.

قال الفيزيائي ليانغ (Liang)،من جامعة شينغ كيونغ الوطنية في تايوان (National Cheng Kung)، لموقع phys.org: «الذواكر الكمومية أجزاء لا غنى عنها في شبكات التواصل الكمومية بعيدة المدى و ربما من الحواسيب الكمومية الشاملة».

وأضاف ليانغ أنه ولكي تؤدي هذه المكونات وظيفتها، فمن الضروري أن تكون قادرةً على الحفاظ على حالة التشابك الكمومي (quantum entanglement)، بين مدخولات (inputs) معينة للذاكرة و بين أية أجزاء أخرى لم تدخل الذاكرة على الأقل، وأن عملهم يحقق التوازن الأمثل بين التحقق من هذه القدرة مع القيام بأقل الافتراضات.

وكما شرح العلماء، فإن حالة التشابك الكمومي بين النظام المخزن في الذاكرة، وأية نظم بعيدة ليست في الذاكرة؛ يجب المحافظة عليها طيلة فترة التخزين. فإذا كسر هذا التشابك في أي وقت فإن الجهاز لا يعمل كذاكرة كمومية ولكن كأداة كسر للتشابك (entanglement-breaking channel) وبالتالي لا يمكن أن يرسل سوى معلومات كلاسيكية.

على الرغم من وجود اختبارات للتحقق من الطبيعة الكمومية للذاكرة الكمومية حاليًا، فإن هذه الاختبارات لها حدود معينة.

على سبيل المثال، فإنها تتطلب من المختبر أن يثق بأن أجهزة قياس و إعداد الحالات الكمومية التي تستخدمها الذاكرة تعمل بشكل صحيح؛ ولهذا تسمى مثل هذه الاختبارات “البروتوكولات المعتمدة على الجهاز” (device-dependent protocols). على كل حال، فإن اختبارًا لا يفترض أية فرضيات لا يمكن أن يكون أمينًا، هذا يعني أنه من الممكن أن يعطي نتائج خاطئةً عن ذواكر كمومية حقيقية، هذا لأن مثل هذه الاختبارات تعتمد على التحقق من خرق متراجحة بيل (bell inequality) كتأكيد للتشابك، وهذا على الرغم من كونه كافيًا للإثبات ليس ضروريًا؛ إذ توجد بعض الذواكر الكمومية الحقيقة التي تخرق متراجحة بيل والتي لن تنجح بهكذا اختبار.

على الرغم من أن تصميم اختبار مستقل بشكل كامل عن الجهاز كان ليكون مثاليًا، فإن الباحثين شرحوا أنه من المستحيل اختبار ذاكرة كمومية واحدة بهذه الطريقة بسبب ضرورة اختبار الذاكرة في وقتين منفصلين.

على كل حال، فإن اختبارهم الجديد مستقل عن جهاز القياس (measurement-device-independent)، وهذا يعني أنه ما يزال يتطلب افتراضات عن جهاز إعداد الحالة ولكنه لا يتطلب أي افتراضات عن جهاز قياس الحالة.

كما أن الاختبار الجديد أمين أيضًا، أي أنه قادر على تحديد جميع الذواكر الكمومية التي تعمل كأداة كمومية غير كاسرة للتشابك الكمومي (non-entanglement-breaking quantum channels).

الاختبار الجديد يستخدم نظامًا نصف كمومي شبيه بذلك المستخدم في بعض اختبارات حالات التشابك والتي يشير فيها التشابك إلى ارتباط في الفضاء بعكس التشابك الممثل زمنيًا في الذواكر الكمومية.

البروتوكولات التقليدية لاختبار الارتباطات الممثلة بالفضاء تستخدم عادةً شخصيتين، الأولى المرسل (أليس) والثانية مستقبل الحالة الكمومية (بوب).

ولكن بما أن الذواكر الكمومية تستخدم ارتباطات ممثلة زمنيًا، فإن البروتوكولات تحتاج شخصيةً واحدةً فقط اسماها الباحثون (آبي)، لتقوم بعمل مرسل و مستقبل في أوقات مختلفة.

في الاختبار المقترح في الدراسة الجديدة، عن طريق مقارنة الترددات النسبية للإشارات التي تتلقاها وترسلها آبي، من الممكن استنتاج التشابك الممثل زمنيًّا وبالتالي تأكيد أن الذاكرة الكمومية قادرة على تخزين معلومات كمومية.

أظهر الباحثون أن الاختبار يصمد ضد اللغط التجريبي، ويعتقدون أنه من الممكن القيام بهذا الاختبار تجريبيًا بالتكنولوجيا الحالية.

وبالتالي سيصبح الاختبار أداةً مفيدةً في التطوير المستقبلي للذواكر الكمومية.

قال ليانغ: «إن توافر طريقة موثوقة لقياس كفاءة الجزء المناسب مهم جدًا في تطوير الحواسيب الكمومية المستقبلية للتأكد من أن كل جزء يعمل كما يجب». وأضاف: «إن ما وجدناه يؤمن طريقةً للتحقق من إحدى أهم الخصائص لأحد هذه المكونات مع التأكد من أننا لا نقوم بافتراضات أكثر من اللازم.

بهذه الاختبارات، نأمل أن نسهل عملية مراقبة الجودة للأجهزة الكمومية دون أن نقع في فخ القيام بافتراضات غير مبررة».


  • ترجمة: مهران يوسف
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير : إيناس الحاج علي
  • المصدر