إذا كنت تُصنِّف نفسك كشخص انطوائي أكثر من كونك شخصًا منفتحًا، فربما تعرف أن هذا يعني أنك تجدِّد طاقتك بقضاء الوقت بمفردك، أو في مجموعات صغيرة جدًا من الأشخاص الذين تثق فيهم. ولا يعني ذلك بأنك تمقت المواقف الاجتماعية، ولكنك غالبًا تحتاج فقط لقضاء بعض الوقت مع نفسك لإعادة شحن طاقتك.

وهذا الوقت هو الذي يمكن أن نسميه «آثار الانطوائية»، لأنه بعد الكثير من الإثارة الاجتماعية، سواءً كان ذلك ضمن مجموعات صغيرة أو كبيرة، أو بأي سياق مزعج، يُصاب الجهاز العصبي للشخص الانطوائي بالإجهاد. وذلك لأن دماغ الشخص الانطوائي يعمل بشكل مختلف عن المنفتح. إذ يحتاج المنفتح للكثير من الإثارة لكي يحصل على (الدوبامين- dopamine) *(1)، على عكس الانطوائي الذي يكفيه القليل منها، ليصل إلى الحد سريعًا.

وبينما يتعامل المنفتح مع أي فعالية بموضوعية وبنحوٍ أكثر فاعلية، تدور داخل نفس الانطوائي الكثير من الأمور. على سبيل المثال، يُلاحظ الانطوائي الكثير من التفاصيل، فهو على وعي بنفسه وبالأخطاء التي يرتكبها، ويستدعي الكثير من الذكريات من الذاكرة طويلة الأمد. وكل هذا يُعد من الأمور المنهِكة عاطفيًا، لذلك لا عجب أن نرى الشخص الانطوائي يستغرق وقتًا أطول لاستعادة طاقته.

إلا أن هذه الآثار ليست أمرًا سيئًا، فهي إشارة للشخص الانطوائي بأن يقضي وقته مع الكتب أو يشاهد فيلمًا، أو يمارس هواية مفضلة كالرسم. وتقول الدكتورة (بيربيوتا نيو- Perpetua Neo): «يمكنك أن تستكشف نفسك أثناء المرور بهذه الفترة المنهكة».
وأضافت: «بإمكانك أن تُسرِّع نموك الشخصي والمهني، وكلما كنت أكثر راحة بإمكانية إخبار الناس أن هذا الوقت لنفسك فقط، وأنك تُكرِّسه لذاتك، كلما كنت أكثر قدرة على أن تمتلك نفسك كانطوائي».

ويعتبر الوقت الذي تمر فيه بآثار الانطوائية وقتًا مناسبًا لكي تفكر في نفسك وفي كم الإنجازات التي حققتها. فالذين لا يفكرون في ذلك لا يدركون مدى التقدم الذي يحرزونه في حياتهم.

وتؤدي تلك الآثار ببعض الانطوائيين للنوم لفترات طويلة، وتقول نيو أن هذا جيد أيضًا. وقالت: «عندما تنام، فأنت في الواقع تُحلِّل كل ذكرياتك، فتهمل الأشياء التي لا تريدها، ويتخلص جسدك من السموم».

وتضيف: «تساعدك هذه الفترة أيضًا أن تكون أكثر حكمة وإبداعًا، وأن تقضي وقتًا أطول على مشروعاتك. وهي التي ستشكِّل الموارد التي ستستخدمها فيما بعد».

الدوبامين- dopamine *(1): هو مادة كيميائية تتفاعل في الدماغ لتؤثر على كثير من الأحاسيس والسلوكيات بما في ذلك الانتباه، والتوجيه وتحريك الجسم. ويؤدي الدوبامين دورًا رئيسيًا في الإحساس بالمتعة والسعادة والإدمان. وهو أحد المجموعات الكيميائية التي تسمى بالنواقل العصبية التي تحمل المعلومات من عصبون (خلية عصبية)، إلى آخر.


  • الكاتب: محمد إيهاب
  • تدقيق: هبة فارس
  • تحرير: إيناس الحاج علي
  • المصدر