ما هي ذكرياتك الأولى؟ قد يتبادر إلى ذهنك مشهدٌ واضحٌ تراه يُنظر إليه من عيون الأطفال الصغار.

لسوء الحظ -وبحسب دراسةٍ جديدة- قد يكون هذا المشهد من نسج الخيال.

ويرجع ذلك إلى أن الأبحاث العلمية تشير إلى أنه من غير الممكن أن يكون لك ذاكرة قبل سن الثانية، حسب قول رائدة البحث (شازية أكتار – Shazia Akhtar) باحثةٌ في جامعة (برادفورد في إنجلترا -University of Bradford in England).

وعلى الرغم من ذلك فإن ما يقارب 40٪ من الأشخاص في الدراسة الجديدة زعموا أن ذكرياتهم الأولى حدثت في عمر السنتين أو أصغر، مع وقوع معظم الذكريات الأولى بين عمر 9 أشهر و12 شهرًا.

هذه الفترة الزمنية جزء من مرحلة (ما قبل الكلام) في الحياة البشرية، قبل اكتمال القدرة على تشكيل الذكريات، وقد أخبرت أكتار موقع (Live Science) أنه لهذا السبب، يصف العلماء الذكريات في هذه السنوات بالخيالية.

في هذه الدراسة، التي نُشرت في 17 يوليو في (مجلة علم النفس -journal Psychological Science)، طُلب من أكثر من 6600 مشارك من الفئة العمرية (11 – 100) تفصيل ذكرياتهم الأولى والعمر الذي حدثت فيه هذه الذكريات.

وقد شدد الباحثون على أن المشاركين يجب أن يكونوا على يقينٍ تام أن هذه الذكريات خاصة بهم، بعبارةٍ أخرى، يجب أن تستند الذكريات إلى تجربةٍ مباشرة وغير مستخلصة من الصور الفوتوغرافية أو القصص العائلية.

كان لابد من التأكيد، لأن بعض الناس قد يشكلون ذكرياتهم الأولى فقط من (قصة يرويها أحد الأقارب)، أو (معلومات مجمعة من صورة)، على حدّ قول أكتار.

في الواقع، اقترح مؤلفو الدراسة أن بعض هذه الذكريات الخيالية يمكن أن تستند ببساطة إلى تذكر أجزاء متفرقة من تجربة مبكرة، وليس من ذكرى أولى فعلية.

في دراسةٍ استقصائية على الإنترنت -هي الأولى من نوعها- وُجد أن ما يقارب 2500 شخص اختلقوا بطريقةٍ ما ذكرياتهم الأولى.

ولكن وفقًا لأكتار، يمكن أن تكون هذه الذكريات متأصلة لدرجة أن بعض الناس يرفضون اعتقاد كونها خيالية، حتى عند علمهم بالطريقة العلمية لتشكل الذكريات.

ووجد الباحثون أن هذه الذكريات الخيالية منتشرة على وجه الخصوص بين البالغين في منتصف العمر وكبار السن، ومع ذلك، فإن العلماء غير متأكدين أي فئة عمرية هي الأكثر عرضةً لاختلاق هذه الذكريات الأولى.

اعتُقد منذ فترةٍ طويلةٍ أن الذكريات الأولى تؤثر على الناس طوال حياتهم، خاصة في شخصياتهم.

على سبيل المثال، أوضحت دراسةٌ نُشرت في عام 1965 في المجلة التي كانت تُعرف سابقًا باسم (أرشيف الطب النفسي العام -Archives of General Psychiatry) وتعرف الآن باسم (JAMA Psychiatry)، أن إحياء الأشخاص لذكرياتهم الأولى يمكن أن يؤثر بعمقٍ على رؤيتهم للواقع ولذواتهم.

مهما كان تأثير ذكرياتنا الأولى، فإن وجودها متأصلٌ بعمق باعتباره أول إدراك لوعينا، وبالتالي، فإن فكرة أن تكون هذه الذكريات مفبركة أو غير حقيقية هي فكرة مقلقة.


  • ترجمة: محمد الموشي
  • تدقيق وتحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر