عرّف هذا النجم الصغير البالغ من العمر مليوني سنة عن نفسه بأنه الجسم الكوني الصغير الذي نضجَ مبكرًا.

اكتشف علماء الفلك أن النجم يملك أربعة كواكب ضمن القرص الكوكبي الخاص به والذي يتكون من الغبار والغاز المحيطين بالنجم، وجميع تلك الكواكب عملاقة إذ يبلغ حجم أكبرها 11 ضعف كتلة كوكب المشتري، وأصغرها حجمًا يماثل كتلة زحل.

بالإضافة إلى ذلك فإن مداراتها بعيدة للغاية. حيث يبعدُ الكوكبُ الأبعد فيها أكثرَ من 1000 ضعف المسافة بين النجم والكوكب الأقرب إليه. هذا هو المدى الأبعد بين المدارات التي تمت رؤيتها في نظام كوكبي، فالكوكب القزم بلوتو على سبيل المثال لا يبعد سوى نحو 102 ضعف المسافة بين الشمس وكوكب عطارد (الكوكب الأقرب لشمسنا).

سُمّي النجم (CI Tau)، ويقع على بعد حوالي 500 سنة ضوئية في منطقة تشكّلٍ نجمي في كوكبة برج الثور. وقد تم رصد الكوكب الأقرب فيها (وهو الأكبر حجمًا بين الكواكب الأربعة ويسمى Tau b) وهو يدور بالقرب من نجمه ويكمل مدارًا كاملًا كل 9 أيام فقط.

ولأنه قريبٌ جدًا من نجمه فهو يُعرف باسم (المشتري الساخن)، وهو من نوع الكواكب التي لا ينبغي أن تكون موجودةً وفقًا للنماذج الحالية لتكوين الكواكب. وذلك لأن الكواكب العملاقة المُكونة من الغاز لا تستطيع أن تكون قريبة من نجمها المضيف لأن الجاذبية والإشعاع والرياح النجمية للنجم تمنع الغاز من التكتل، ورغم ذلك فهذه الكواكب موجودةٌ بالفعل.

أحد التفسيرات لوجودها هو أن هذه الكواكب بدأت في التكوُّن بعيدًا جدًا، ثم اقتربت إلى الداخل، لكن المقياس الزمني المقدر لتلك العملية هو مئات ملايين السنين.

استعمل الفلكيون مرصد أتاكاما المليمتري/تحت المليمتري الكبير (ALMA) للبحث في القرص الكوكبي لنجم (CI Tau) عن علامات تدلُّ على وجود كواكب أخرى.

وظهرت تلك الإشارات على شكل ثغراتٍ كبيرة في القرص، إذ قامت الكواكب بتنظيف الفراغ المحيط بها من الغبار خلال دورانها حول النجم. أسماء هذه الكواكب الأربعة بالترتيب من الداخل إلى الخارج هي (CI Tau b) العملاق، وكوكبٌ بنفس كتلة المشتري تقريبًا أبعد قليلا. ثم كوكبين عملاقين من الغاز بحجم كوكب زحل في مكان أبعد نحو الخارج.

يُعتقد أن الكواكب العملاقة المكونة من الغاز يجب أن تتكون خلال 10 ملايين سنة منذ ولادة النظام النجمي وإلا لن تتكون على الإطلاق، ولكن رغم ذلك فإن الجدول الزمني الذي يمتد لمليوني عام يثير بعض الأسئلة المهمة حول تشكل هذه الكواكب وتشكل الأنظمة التي تحوي كوكبًا مثل المشتري الساخن. لكننا لا نعلم بوجود أي نظام آخر يستضيف مثل هذا الكوكب المسمى المشترى الساخن لإجراء مقارنة شاملة مع (CI Tau).

قال عالم الفلك (كاتي كلارك) من جامعة كامبريدج: «من المستحيل حاليًا أن نقول ما إذا كان الترتيب الكوكبي الغريب في (CI Tau) أمرًا شائعًا في الأنظمة التي تحوي كوكبًا كالمشتري الساخن لأن الطريقة التي تم اكتشاف هذه الكواكب المتشابهة بها (من خلال تأثيرها على القرص الكوكبي) لن تعمل في الأنظمة القديمة التي لم تعد تملك قرصًا مماثلًا».

سيساعد إيجادُ نظامٍ مشابهٍ الفلكيين في تفسير ما يحدث، على سبيل المثال ما إذا لعبت الكواكب الخارجية دورًا في دفع الكواكب الداخلية نحو النجم.

أما بالنسبة للكواكب الخارجية فهي أيضًا لا تشبه أي شيء قد رأيناه سابقًا.

وقال كلارك: «تميلُ نماذج تكوين الكواكب إلى التركيز على القدرة على صنع أنواع الكواكب التي تمت ملاحظتها سابقًا، لذا فإن الاكتشافات الجديدة لن تطابق النماذج الحالية بالضرورة».

وأضاف: «من المفترض أن تتشكل الكواكب الكتلية المماثلة لكتلة زحل من خلال تجميع نواة صلبة أولًا ثمَّ جذب طبقة من الغاز فوقها، لكن من المفترض أن تكون هذه العمليات بطيئة جدًا عندما تجري على مسافات كبيرة من النجم. ستواجه معظم النماذج الحالية صعوبة في صنع كواكب بهذه الكتلة وعلى هذه المسافة».

ستكون الخطوة التالية هي دراسة النظام بمزيد من التفصيل باستخدام أطوال موجية متعددة مثل موجات الراديو والأشعة السينية لمحاولة معرفة المزيد من المعلومات عن النجم وقرصه والكواكب الخاصة به، وربما يقلب ذلك نماذج تكوين الكواكب رأسًا على عقب.


  • ترجمة: حبيب بدران
  • تدقيق: بدر الفراك
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر