الاعتماد على المايونيز:

قد يعتمد أحد الجوانب الواعدة لأبحاث الانصهار النووي في الولايات المتحدة على نوع من توابل المطبخ الشائعة (المايونيز). بهدف إعادة تشكيل الظروف اللازمة لتفاعلات الاندماج النووي ، يستخدم العلماء أحيانًا ما يُدعى بدراسات الاندماج بحصر القصور الذاتي.

يستخدم العلماء في هذه الحالة غازًا مجمدًا داخل كريات معدنية بحجم حبة البازلاء، ومن ثم توضع هذه الأخيرة في غرفة طرد مركزي وتقصف بأشعة ليزر عالية الطاقة، فتقوم بضغط الغاز وتسخينه إلى بضعة ملايين كلفن.

يحدث هذا كله في بضعة نانو من الثانية، ووفقًا لـ”Phys.org”، تميل هذه العملية إلى امتلاكها تأثيرًا جانبيًا غير مرغوب، إذ غالبًا ما تنفجر الكريات قبل الوصول إلى الظروف المناسبة للاندماج.

ولإيجاد تفسير لما يحدث، يحتاج العلماء إلى فهم أفضل للفيزياء أثناء العملية. ويأتي هنا دور المايونيز.

صلصة (هولي أيولي – Wholly Aioli)

(أريندام بانيرجي – Arindam Bakeries) الأستاذ المشارك في الميكانيك والهندسة الميكانيكية في جامعة (ليهاي -Lehigh)، يُدرس ديناميات المواد تحت الظروف القصوى. قام هو وفريقه بصناعة العديد من الأجهزة لقياس القوى في دراسات حصر القصور الذاتي.

عالم فيزياء يستخدم المايونيز لدراسة الانصهار النووي

وإحدى المواضيع التي حققوا فيها؛ هي ظاهرة عدم الاستقرار بين المواد ذات الكثافة المختلفة في ظل الظروف القصوى، مثل الكريات والغاز، والمعروفة باسم ظاهرة عدم الاستقرار لـ(رايلي تايلور- Rayleigh Taylor)، والتي يشبهها بانيرجي بالهواء داخل البالون.

وقال بانيرجي في بيان صحفي: «عندما يُضغط البالون، فإن الهواء الذي في داخله يولد قوةً ضد المادة التي تحصره في محاولة له للهروب خارجًا. وفي مرحلة ما، سينفجر تحت الضغط، وسيحدث الشيء ذاته مع كبسولة الانصهار. خلط الغاز مع المعدن المنصهر يسبب الانفجار».

ولفهم طريقة تفاعل المعدن المنصهر مع الغاز، أمِل بانيرجي وفريقه بتقليد المعدن. وقرروا أن خواص المواد وديناميات المعدن عند درجة حرارة عالية تشبه إلى حد كبير الـ”drum roll”، ضع المايونيز تحت درجة حرارة منخفضة.

وخلال التجارب صب الفريق مايونيز “Hellman’s Real Mayonnaise” في وعاء من الزجاج العضوي “Plexiglass”، وعرضوه لظروف مماثلة لتلك التي مر بها المعدن المنصهر.

وباستخدام كاميرا عالية السرعة وخوارزمية معالجة الصور، قام الفريق بحساب (المقاييس – parameters) المرتبطة بعدم الاستقرار. ونُشرَت نتائج الدراسة بتاريخ 8 مايو 2019 في مجلة “Physical Review E”، مثال نادر للمايونيز في الأدب العلمي.

طعام للفكر:

قد يستلزم فهم ديناميكا الموائع والفيزياء الأساسية لتفاعلات الاندماج نوعًا من التفكير خارج الصندوق. من خلال التفكير بطريقة إبداعية، ربما باستبدال عنصر أو اثنين، بإمكان الفيزيائيين معرفة طريقة عمل القوى والتفاعلات المختلفة لها.

ووفقًا لبانيرجي، الذي يجري بتجارب على المايونيز منذ عام 2015 على الأقل، فإن فهم هذه القوى قد يساعد على حل بعض التحديات في الجيوفيزياء والفيزياء الفلكية وفي بعض العمليات الصناعية مثل اللحام الانفجاري ومشاكل فيزياء الكثافة عالية الطاقة المتعلقة بعملية الاندماج النووي بحصر القصور الذاتي.

اقرأ أيضًا:

بريطانيا تطلق مفاعلها الأول للاندماج النووي

الخط الزمني لنشوء الكون: فترة ظهور الضوء والفوتونات

ترجمة: محمد رشود

تدقيق: فارس سلطة

المصدر