يقلق معظمنا عند التفكير باحتمال وقوع حرب نووية تبيد البشرية، ولكننا نتجاهل حقيقة أن هجوم إلكتروني ضخمًا سيكون له نفس الأثر. بعد انسحاب روسيا وأمريكا من اتفاقية نووية هامة وبدئهما بتطوير أسلحة نووية وإجراء كل من إيران وكوريا الشمالية لاختبارات صاروخية، يبدو التهديد عاليًا جدًا. إذ يخاف البعض من سباق تسلح نووي جديد.

هذا التهديد خطير، ولكن قد يكون التهديد الآخر بنفس الخطورة وأقل وضوحًا للجمهور. حتى الآن لم تؤدي معظم حوادث القرصنة المعروفة -حتى تلك التي تحظى بدعم الحكومة الأجنبية- إلا لسرقة البيانات، ولكن توجد إشارات تدل على أن مخترقين تمكنوا من زرع برمجيات خبيثة في محطات الطاقة والماء في الولايات المتحدة الأمريكية. وأشار الجيش الأمريكي إلى أنه تمكن من اختراق الحواسيب التي تنظم شبكة الكهرباء في روسيا.

سيؤدي انفجار نووي إلى إبادة كل السكان في نطاق معين، ولكن هجوم إلكتروني سيسبب موتًا بطيئًا لعدد كبير من الناس بسبب نقص الماء أو الغذاء أو التلاعب بإشارات المرور للتسبب بحوادث.

في أوائل عام 2016، سيطر المتسللون hackers على محطة أمريكية لمعالجة مياه الشرب، وغيروا الخليط الكيميائي المستخدم لتنقية المياه. إذا حدثت تغييرات كهذه ولم يلاحظها أحد فقد يؤدي ذلك إلى حدوث حالات تسمم وإمدادات مياه غير صالحة للاستعمال ونقص في المياه.

في عامي 2016 و2017، أطفأ متسللون أقسامًا رئيسيةً في شبكة الكهرباء في أوكرانيا. كان هذا الهجوم أقل تأثيرًا مما كان يمكن أن يكون عليه، إذ لم تُدمَر أي أجهزة خلاله، على الرغم من قدرة المتسللين على القيام بذلك. يعتقد المسؤولون أنها كانت محض رسالة.

في عام 2018، تمكن قراصنة غير معروفين من الوصول إلى نظام الكهرباء في المملكة المتحدة.

في أغسطس 2017، تعرض أحد المصانع السعودية للبتروكيماويات petrochemical لهجوم من متسللين حاولوا تفجير المعدات من خلال التحكم في الإلكترونيات المستخدمة في المنشآت الصناعية.

بعد بضعة أشهر فقط، أغلق قراصنة أنظمة مراقبة خطوط أنابيب النفط والغاز في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ما تسبب بمشاكل لوجستية.

حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي من احتمال استهداف المتسللين للمنشآت النووية، وقد ينتج هجوم مماثل انهيار المفاعل، إذ يمكن أن تتسبب هجمة إلكترونية في حدوث حدث مماثل للحادث الذي وقع في تشيرنوبيل، والذي أسفر عن مقتل 50 شخصًا وإجلاء 120 ألف شخص وخلّف أجزاءً من المنطقة غير صالحة للسكن لآلاف السنين في المستقبل.

تزيد إمكانية إخفاء هوية المخترق والجهة التي تدعمه من خطورة هجوم كهذا، فمثلًا إذا أطلقت دولة صاروخًا نوويًا باتجاه دولة نووية أخرى، ستُحدَد غالبًا هوية الدولة المطلقة وسيُرد عليها بأسلحة نووية. بينما يمكن بكل سهولة إخفاء هويتهم الحقيقية.

قد يكون هجوم إلكتروني كبير بخطورة هجوم نووي حرب نووية تبيد البشرية القرصنة عبر الانترنت سرقة البيانات الحرب الإلكترونية زرع برمجيات خبيثة في محطات الطاقة

هجمات من العيار النووي

توجد ثلاثة سيناريوهات أساسية لهجمات سيبرانية من العيار النووي. يمكن أن تبدأ بشكل بسيط، مع سرقة أو حذف أو مساس جهاز مخابرات دولة ما للبيانات العسكرية لدولة أخرى.

جولات متتالية من الانتقام يمكن أن توسع نطاق الهجمات وشدة الأضرار التي تلحق بالمدنيين. في حالة أخرى، يمكن لدولة أو منظمة إرهابية أن تطلق هجوم إلكتروني مدمرًا بشكل كبير يستهدف العديد من مرافق الكهرباء أو منشآت معالجة المياه أو المنشآت الصناعية في وقت واحد.

ربما يكون أكثر السيناريوهات إثارةً للقلق هو حدوث هجوم عن طريق الخطأ. في عدة مناسبات، كادت الأخطاء البشرية والميكانيكية أن تدمر العالم خلال الحرب الباردة، قد يحدث شيء مشابه في البرامج والأجهزة الخاصة بالمجال الرقمي.

كيف نحمي أنفسنا من الكارثة؟

تمامًا كعدم وجود وسيلة للحماية ضد أي هجوم نووي، لا توجد سوى طرق لجعل الهجمات الإلكترونية المدمرة أقل احتمالًا.

الأولى هي تأمين الحكومات والشركات والأفراد العاديين لأنظمتهم بهدف منع المتسللين الخارجيين من الوصول، واستغلال اتصالهم ووصولهم للتعمق أكثر.

يجب أن تكون الأنظمة المهمة، مثل تلك الموجودة في المرافق العامة وشركات النقل والشركات التي تستخدم المواد الكيميائية الخطرة، أكثر أمانًا.

وجد أحد التحليلات أن حوالي خُمس الشركات التي تستخدم أجهزة الكمبيوتر للتحكم في الآلات الصناعية في الولايات المتحدة فقط تراقب أجهزتها للكشف عن الهجمات المحتملة، وأنه في 40% من الهجمات التي رصدوها، كان الدخيل يصل إلى النظام منذ أكثر من سنة.
ووجد مسح آخر أن ما يقرب ثلاثة أرباع شركات الطاقة شهدت نوعًا من التسلل إلى شبكتها في العام السابق.

بالطبع لا يمكن حماية هذه الأنظمة دون وجود موظفين مهرة قادرين على عمل كهذا. في الوقت الحاضر، نحو ربع وظائف الأمن السيبراني في الولايات المتحدة شاغرة.

أعرب أحد الموظفين عن قلقه من شغل بعض الوظائف الممتلئة على يدي أشخاص غير مؤهلين لتنفيذها. الحل هو مزيد من التدريب والتعليم، لتعليم الناس المهارات التي يحتاجون إليها لحماية الأمن السيبراني، وإطلاع العاملين الحاليين على أحدث استراتيجيات الاختراق والدفاع.

اقرأ أيضًا:

تسع مرات تاريخية كادت أن تشتعل حرب نووية بينما كان العالم في غفلة

تعرّف على أوّل هجومٍ إلكترونيٍ في العالم

ترجمة: مهران يوسف

تدقيق: سلمى توفيق

مراجعة: آية فحماوي

المصدر