طور باحثون من جامعة إيرفين – كاليفورنيا UCI طريقة جديدة للمسح الإلكتروني المجهري النافذ scanning transmission electron microscopy يمكن عن طريقها تصوير كثافة الشحنة الكهربية للمواد بدقة عالية، تُقاس بوحدة الأنجستروم. تمكن العلماء باستخدام هذه التقنية من مراقبة توزيع الإلكترونات بين الذرات والجزيئات، وكشف أدلة جديدة عن أصول فيروكهربائية (بمعنى قدرة بلورات معينة من المادة على امتلاك استقطاب كهربي تلقائي يمكن تبديله بتطبيق مجال كهربي عليه)، كذلك كشف البحث الذي نُشر يوم 14/10/2019 في Nature عن آلية انتقال الشحنات بين مادتين.

صرح رئيس فريق البحث تشياوجينج بان Xiaoqing Pan أستاذ علوم وهندسة المواد والفيزياء والفلك بجامعة إيرفين: «إن هذه التقنية تُعَد تطورًا في المسح المجهري النافذ؛ إذ ننتقل من القدرة على رصد الذرات إلى إمكانية تصوير الإلكترونات، وهذا التطور قد يساعدنا على تصنيع مواد جديدة لديها الخصائص والوظائف التي نريد استخدامها في تخزين البيانات وتحويل الطاقة والحوسبة الكمّية».

تمكن الفريق من الحصول على صور ثنائية الأبعاد لأنماط الانحراف في العينة، وذلك باستخدام مجهر مسح إلكتروني نافذ مصحح للانحراف ذي مسبار إلكتروني بمقياس نصف أنجستروم، وكاميرا للرصد المباشر والسريع للإلكترونات، وبالتالي توفر لديهم مجموعات من البيانات رباعية الأبعاد مكونة من نمطي انحراف ثنائي الأبعاد من منطقتي مسح مختلفتين.

اكتشاف تقنية جديدة لرصد تبادل شحنات الإلكترونات في الجزيئات المسح الإلكتروني المجهري النافذ آلية انتقال الشحنات بين مادتين

وأضاف بان أنه بالاعتماد على المجهر الجديد، يمكن عمل مسبار إلكتروني بحجم 0.6 أنجستروم، وهنا تستطيع الكاميرا فائقة السرعة بدقة زاوية angular resolution التقاط صور نقطية رباعية الأبعاد 4-D STEM images بحجم 512 x 512 بيكسل، بمعدل 300 إطار في الثانية الواحدة، وباستخدام هذه التقنية يمكنهم رؤية توزيع شحنات الإلكترونات بين ذرات أوكسيد البيروفسكايت وتيتانات السترونشيوم غير القطبي وفريت البيزموت الفيروكهربائي.

يمكن قياس كثافة شحنة الإلكترون في المواد الكبيرة عن طريق الأشعة السينية أو تقنيات انحراف الإلكترونات electron diffraction، بافتراض وجود بنية سليمة خالية من التشوهات في المنطقة المسلط عليها الإشعاع، لكن يبقى التحدي عند رصد كثافة شحنة الإلكترون في المواد ذات البنية النانوية، والمكونة من أسطح فاصلة وتشوهات.

مبدئيًا، يمكن تحديد كل من المجال الكهربي وكثافة الشحنة عبر تصوير انحراف الإلكترون، باستخدام مجهر مسح إلكتروني نافذ scanning transmission electron microscope ذي مسبار إلكتروني متناهي الصغر؛ فبينما يخترق العينة، يتفاعل شعاع الإلكترونات مع المجال الكهربي الداخلي للمادة مسببًا بعض التغير في نشاطه، والذي ينعكس على نمط الانحراف، وبقياس هذا التغير يمكن رسم المجال الكهربي داخل العينة، وبالتالي استنتاج كثافة الشحنة. وأضاف بان أنه على الرغم من عرض هذا التصور المبدئي باستخدام أنظمة المحاكاة، فلم تنجح أي تجربة فعلية حتى الآن.

يقول وينبي جياو Wenpei Gao الباحث في علوم وهندسة المواد بجامعة إرفين: «إن خريطة كثافة شحنة الإلكترون التي حصل عليها الفريق باستخدام تقنية التصوير النقطي رباعي الأبعاد تتطابق مع النتائج النظرية المستنتجة من الحسابات المبدئية، ودراسة السطح الفيروكهربائي العازل بين فريت البيزموت وتيتانات السترونشيوم باستخدام هذه التقنية، تُظهر مباشرةً كيف تتسرب بعض مكونات البنية الذرية لقطب البيزموت عبر السطح الفاصل، لتظهر على تيتانات السترونشيوم غير القطبي؛ ونتيجةً لذلك يحمل السطح الفاصل الإلكترونات الزائدة في منطقة لا يتعدى سمكها النانومتر الواحد».

يقدم هذا المشروع لعلماء ومهندسي المواد أدوات جديدة لتقييم البنية والتشوهات والأسطح الفاصلة في المواد الفعالة والأجهزة النانوية، ومن المحتمل أن نحصل قريبًا على خريطة عالية الجودة لكثافة شحنة الإلكترون في المواد والجزيئات، لتُضاف إلى قاعدة بيانات الخصائص المساعدة في مبادرة جينوم المواد Materials Genome Initiative.

وصرح روكيان ووRuqian Wu أستاذ الفيزياء والفلك بجامعة إرفين، والباحث المساعد المسؤول عن الدراسة النظرية للبحث: «إن تطور تقنية التصوير الإلكتروني المجهري من تصوير الذرات إلى كشف الإلكترونات سيؤدي إلى المزيد من الفهم في مجال علم المواد وظهور اكتشافات جديدة فيه، والقدرة على تصوير توزيع كثافة الشحنة بين الذرات قرب الأسطح والحدود المحببة grain boundaries أو العيوب المسطحة الأخرى، تفتح مجالًا جديدًا في المسح الإلكتروني وعلم المواد».

اقرأ أيضًا:

لاول مرة تمكن العلماء من رؤية 23000 ذرة داخل جزيء واحد

قانون غاوس للشحنات الكهربائية: شرح نظري ومعادلات رياضية

ترجمة: مصطفى عبد المنعم

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر