يعود تاريخ الاعتقاد بأن التفكير الإيجابي يؤدي إلى نتائج إيجابية إلى خمسينيات القرن العشرين، حين صدر الكتاب الأكثر مبيعًا لفينسنت بيل: قوة التفكير الإيجابي The Power of Positive Thinking . إذ قال إن التفاؤل والأفكار الإيجابية قد تؤدي إلى نتائج أفضل ورضا أكبر عن الحياة.

وفي عام 2006 ظهر كتاب السر The Secret لروندا بايرن، الذي روجته أوبرا وينفري، ويقول إن التفكير الإيجابي وحده قد يؤدي إلى نتائج إيجابية للحياة. تقترح بايرن أن مجرد التفكير في نتائج إيجابية سيقود إلى هذه النتائج: »توقع حسن الحظ بدرجة كافية وسوف يتحقق!».

لكن هل هذا كاف حقا؟ ماذا تقول أبحاث علم النفس حول الموضوع؟

أجرت عالمة النفس باربرا فريدركسون مع علماء آخرين بحثًا حول دور المشاعر الإيجابية، ليس فقط في تحسين مزاجك، بل في تحقيق نتائج نفسية وبدنية جيدة أيضًا.

كيف يحدث الأمر؟

تسميها فريدريكسون (نظرية التوسع و البناء broaden and build). المشاعر الإيجابية تجعل الناس أكثر انفتاحًا على النشاطات الاجتماعية، والتفكير في الاحتمالات الإيجابية، وتجربة أشياء جديدة بطريقة أكثر إبداعًا. ما يقود الفرد إلى بناء مهارات اجتماعية وإبداعية أفضل، فإذا قادتك مشاعرك الإيجابية إلى الخروج لممارسة رياضة المشي لمسافات طويلة، أو الانخراط في أنشطة في الهواء الطلق، سيحسن الأمر مهاراتك الجسدية المرتبطة ومن ثم صحتك. إذن النتائج الإيجابية ليست بسبب الأفكار والمشاعر الإيجابية ذاتها، لكن بسبب النشاطات الناتجة عنها.

إليك طريقة أخرى قد يؤدي بها التفكير الإيجابي إلى نتائج إيجابية، لكن الأمر يتعلق هذه المرة بكيفية تأثير أفكارنا الإيجابية في الآخرين، لتحقيق نتائج إيجابية.

هل يؤدي التفكير الإيجابي إلى نتائج إيجابية - كتاب السر The Secret لروندا بايرن - الأفكار والمشاعر الإيجابية - الانخراط في أنشطة في الهواء الطلق

توصل الطبيب النفسي روبرت روزنتال إلى ما يسمى تأثير بيغماليون the Pygmalion Effect. باختصار، إذا كانت لديك توقعات إيجابية حول شخص ما، فستتمكن حقًّا من إحداث تغيير إيجابي في سلوكه. في دراسته الشهيرة حول طلاب إحدى المدارس الابتدائية، أوحى روزنتال للمعلمين أن طلابًا محددين سيُظهرون طفرةً فكرية على مدى العام الدراسي.

في الواقع اُختير هؤلاء الطلاب عشوائيًّا، لكن في نهاية العام الدراسي حقق هؤلاء الطلبة نتائج أعلى من زملائهم بالفعل. لم يكن التوقع أو التفكير الإيجابي للمعلمين وحده سببًا في النتائج الإيجابية. إنما الطريقة التي تعامل بها المعلمون مع هؤلاء الطلاب، إذ قضوا وقتًا أطول معهم واهتموا بهم أكثر من سواهم.

ماذ نستنتج مما سبق؟

أولًا، من المهم أن نكون إيجابيين ومتفائلين فعليًّا لنصبح قادرين على النجاح، لكن الأمر يتطلب جهدًا وسلوكًا بناءً لتحقيق نتائج إيجابية. وثانيًا، لا يكفي أن نؤمن بأنفسنا، فوجود أشخاص آخرين يدعموننا ويشجعوننا ويؤمنون بنا يجعلنا نقطع شوطًا طويلًا نحو تحقيق النجاح.

اقرأ أيضًا:

لماذا نرفض تعليقات الآخرين على سلوكنا؟

ليس من السهل أن تغير شخصيتك بمفردك

ترجمة: عمار جوهرة

تدقيق: سمية بن لكحل

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر