المنتجات البلاستيكية قيّمة، لكننا بحاجة لنهج متكامل من الدمج بين المواد البديلة وتقنيات إدارة النفايات المتقدمة لحماية بيئتنا والتي يجب أن نعتبرها أكثر قيمة. ربما أنت الآن تقرأ هذا المقال من هاتفك المحمول الذي يحتوي على بلاستيك بنسبة 40%. بداية من مروحة السقف فوقك إلى النظارات التي ترتديها، عمليًّا كل شيء مصنوع من البلاستيك، أصبحت منتجات البلاستيك واسعة الانتشار في حياتنا اليومية وجانبًا هامًا وحساسًا من الاقتصاد العالمي.

لماذا البلاستيك شائع إلى هذا الحد؟

لن نكون مخطئين لو قلنا بأن أساس العالم الحديث بُنيَ بطوب من البلاستيك والذي سبب اضطرابًا في عالم المواد اللازمة للإنسان، من الممكن أن تتساءل ما الذي يجعل مادة أفضل من الأخرى؟ حسنًا يمكننا أن نصنف المواد تبعًا لخصائص محددة:

  •  السعر المنخفض.
  •  قابلة لإعادة الاستخدام في عدة حالات مختلفة.
  •  سهولة معالجة خصائصها.
  •  أقل سمّية نسبيًا من مواد أخرى.
  •  أخيرًا وليس آخرًا: عدم وجود مواد أخرى مع كل الصفات المذكورة أعلاه ما يعني عدم وجود منافس.

لماذا نعتمد كثيرًا على البلاستيك - المواد البديلة وتقنيات إدارة النفايات المتقدمة لحماية بيئتنا - المشكلة الأكثر خطورة هي مدى صعوبة تحليل المواد البلاستيكية

علاوة على ذلك أصبح البلاستيك مستعملًا على نطاق واسع بسبب متانته، فهو ببساطة مقاوم للتحلل الفيزيائي والكيميائي وكما سنرى لاحقًا فإنه مرتبط بشكل مباشر بصناعات النفط والفحم، تمنح الأسعار الرخيصة والشعبية لهذه الصناعات البلاستيك ميزة إضافية.

كيف وصل البلاستيك إلى هذه المرحلة؟

يشير البلاستيك بشكل عام إلى مجموعة من البوليمرات التي تحتوي على عمود فقري عضوي مكون من الكربون والهيدروجين، تحتوي هذه السلاسل بالإضافة إلى ذلك على سلاسل جانبية متصلة بها يمكن ربطها ببعضها البعض، إلى جانب الكربون والهيدروجين توجد ذرات الأكسجين والنيتروجين والكبريت والفوسفور وما إلى ذلك.

يستخرج البلاستيك عادة من الغاز الطبيعي والفحم والنفط (ما يجعلها غير قابلة للتجديد) وتتضمن عملية تصنيعه عدة خطوات مثل التكرير والصب والمعالجة.. إلخ.

وتتطلب محفزات محددة تزيد من معدل التفاعلات، لكن الخطوة الرئيسية في العملية برمتها هي البلمرة، في هذه العملية تتحد المونومرات وتنضم لتشكل السلسلة التي تميز البلاستيك.

خلفية الأشياء

على الرغم من وجود الكثير من المشاكل المرتبطة بمنتجات البلاستيك فهي ما تزال قيمة إلى حد بعيد، قُدر حجم سوق البلاستيك العالمي بمبلغ 568.7 مليار دولارًا أمريكيًا عام 2019، لكن لسوء الحظ فقد صاحبت شعبيتها الكبيرة قلق أكبر من التلوث، ومع أن المواد البلاستيكية ذات سمعة سيئة فهي بعيدة عن أن تكون المصدر الوحيد للتلوث، ترتبط صناعة الورق بإزالة الغابات والاستهلاك المفرط للمياه، وترتبط صناعة الفحم بتلوث الهواء، وصناعة الأسمدة بتلوث المياه وما إلى ذلك، لذلك فالسؤال الأكثر أهمية هو أي تلك المواد أقل تسببًا بالتلوث؟ وليس أيها يسبب التلوث وأيها لا يسببه؟

النعمة أصبحت نقمة

لا يوجد شيء مثالي كما هو الحال مع كل شيء، ففي البداية ظهر البلاستيك وكأنه المادة التي تحمل كل خصائص المادة المثالية وانتشر واشتهر لهذا السبب، فكلما أصبح أساسيًا في حياتنا أكثر صعب الاستغناء عنه، ومن بين كل العقبات هناك واحدة رئيسية وهي أن البلاستيك رخيص، نعم لقد قرأت ذلك بشكل صحيح فتصنيعه غير مكلف، في حين أن البلاستيك المعاد تدويره أغلى من نظيره البكر، وبالتالي لا تنفق الشركات أموالها على إعادة التدوير لأنه من الاقتصادي أكثر تصنيع منتجات جديدة.

يرتبط الاستمرار في هذا المسار أيضًا بمسألة التباين والذي يرجع إلى سهولة التلاعب في خصائصه، توجد مجموعة كبيرة ومتنوعة من المواد البلاستيكية مثل البولي إيثيلين قليل الكثافة وعالي الكثافة والبوليسترين والبولي بروبلين.. إلخ.

قد تختلف المواد البلاستيكية المتشابهة بالشكل أو الهيئة كيميائيًا، ما يؤدي بنا إلى مشكلة كبيرة عندما يتعلق الأمر بعزلها عن بعضها، كما أن الفصل اليدوي يجعل العملية أكثر تكلفة، تم تنفيذ نظام وضع العلامات الذي يجعل التعرف أبسط باستخدام الرموز كحل للمشكلة.

وهنا نصل إلى المشكلة الأكثر خطورة وهي مدى صعوبة تحليل البلاستيك، يمكن لكوب بلاستيكي أن يبقى 50 عامًا في التراب دون أن يتحلل، ويعد هذا الجانب المظلم للبلاستيك والسبب الرئيسي لارتباطه بالتلوث، ترتبط العناصر المكونة للبلاستيك ببعضها البعض بروابط قوية جدًا ما يجعلها خاملة كيميائيًا، هذه الروابط القوية مستقرة إلى حد بعيد وتتطلب المزيد من الطاقة لتنكسر، لذلك لا يمكن للميكروبات المحللة أن تستخدمها كطعام إذ لا توجد طاقة تستهلكها في المقام الأول.

مجرّد حل

لا تقدم أي من المواد البديلة التي تم تطويرها حتى الآن بديلاً كاملاً للبلاستيك (إذا حدث ذلك فهل ستطرح مشكلة جديدة من نفس النوع؟) من هذه اللحظة وحتى تظهر المواد والتقنيات الجديدة لتنقذنا، يمكننا القيام بواجبنا عن طريق استبدال المواد البلاستيكية بمواد أخرى عندما لا تكون ضرورية، إضافة لفصل النفايات قدر الإمكان.

تستغرق المواد البلاستيكية وقتًا طويلاً لتتحلل وهذا هو السبب في وجود ملايين الأطنان من البلاستيك التي تلوث محيطات العالم، ولكن هناك جانبًا آخر أيضًا، ماذا لو لم تُلق هذه النفايات في المحيطات في المقام الأول؟ هذا السؤال معقد للغاية لدرجة أنه يستحق مقالًا خاصًا به، على سبيل المثال تم إلقاء حوالي 8 ملايين طن من النفايات البلاستيكية في المحيطات حول العالم في عام 2010.

في حين أن المواد البديلة قد تكون لها قيود معينة خاصة بها، فإن أفضل نهج لدينا حاليًا هو التوقف عن التخلص من النفايات البلاستيكية في الأنهار والبرك والأراضي وما إلى ذلك – أي مكان بخلاف سلة إعادة التدوير الخاصة بك.

أخيرًا، سيساعد نشر الوعي في حل هذه المشكلة، وهو ما نسعى إليه جميعًا.

اقرأ أيضًا:

ما مدى خطورة الأكياس البلاستيكية على البيئة؟

أنت تتناول عشرات الآلاف من قطع البلاستيك كل عام ولا تدرك ذلك!

ترجمة: أسامة ونوس

تدقيق: سميّة بن لكحل

مراجعة: صهيب الأغبري

المصدر