في مصر القديمة، استُخدمت ديدان العلق في الطب لعلاج تشوهات الجهاز العصبي ومشكلات الأسنان والأمراض الجلدية والالتهابات. غالبًا ما تُستَخدم ديدان العلق اليوم في الجراحة التجميلية والجراحات المجهرية الأخرى، إذ تفرز ببتيدات وبروتينات تمنع تخثر الدم، وتُعرف هذه المفرزات بمضادات التخثر، ما يحافظ على تدفق الدم إلى الجروح لمساعدتها على الشفاء. حاليًا، يشهد العلاج بديدان العلق إعادة إحياء إذ يُعَد وسيلةً بسيطة وغير مكلفة لمنع المضاعفات.

كيف يعمل العلاج بديدان العلق؟

تملك ديدان العلق الطبية 3 فكوك مع صفوف صغيرة من الأسنان، وتخترق الجلد بأسنانها وتحقن مضادات التخثر الموجودة في لعابها، ثم يُسمح للعلقات بامتصاص الدم من الشخص الخاضع للعلاج مدة 20 إلى 45 دقيقة في المرة الواحدة، وهذا يعادل كمية صغيرة نسبيًّا من الدم تصل إلى 15 ملليلتر لكل علقة، وغالبًا ما تأتي ديدان العلق الطبية من هنغاريا أو السويد.

قد تستفيد العديد من الحالات من العلاج بديدان العلق، يشمل ذلك المرضى المعرضين لخطر بتر الأطراف بسبب الآثار الجانبية لمرض السكري، والمصابين بأمراض القلب، ومن خضعوا لجراحة تجميلية تحمل خطر فقد بعض الأنسجة الرخوة، ومن المقترح أيضًا استخدامها لعلاج جلطات الدم والدوالي.

لا يُنصح بأن يستخدم من يعانون فقر الدم أو اضطرابات تخثر الدم أو الشرايين الضعيفة العلاج بديدان العلق، وعادةً ما يُنصح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا والنساء الحوامل بتجنبه.

ما هو العلاج بديدان العلق وهل ينفع حقًا - السماح للعلقات بامتصاص الدم من الشخص الخاضع للعلاج - ديدان العلق الطبية - علاج جلطات الدم والدوالي

التطبيقات الطبية للعلاج بديدان العلق

تلتصق العلقات الحية خلال جلسة العلاج بالمنطقة المستهدفة وتسحب الدم، وتحرر البروتينات والببتيدات التي تميع الدم وتمنع تخثره، ما يحسّن الدورة الدموية ويمنع موت الأنسجة، وتترك ديدان العلق وراءها جروح صغيرة على شكل حرف Y تلتئم عادةً دون ترك ندبة.

ديدان العلق فعالة في تنشيط الدورة الدموية وحلِّ الخثرات الدموية، وليس مفاجئًا أنه يمكن استخدامها لعلاج اضطرابات الدورة الدموية وأمراض القلب والأوعية الدموية.

حُوِّلت المواد الكيميائية المشتقة من لعاب ديدان العلق إلى أدوية صيدلانية يمكن استخدامها لعلاج الأمراض التالية:

  •  ارتفاع ضغط الدم.
  •  الدوالي.
  •  البواسير.
  •  مشكلات الجلد.
  •  التهاب المفاصل.

قدمت التجارب السريرية اقتراحًا موثوق المصدر أن العلاج بديدان العلق هو علاج مناسب لأمراض المفاصل الشائعة مثل الالتهاب العظمي المفصلي، إذ تقلل الخصائص المخدرة والمضادة للالتهابات في لعاب العلقة من الألم والمضض في موقع المفصل المصاب.

أمراض القلب

يمكن أن يستخدم من يعانون أمراض القلب العلاج بديدان العلق، لتخفيف الالتهاب وتحسين تدفق الدم، أصبح العلاج بديدان العلق في السنوات القليلة الماضية علاجًا بديلًا مقبولًا لمن يعانون أمراض الأوعية الدموية واضطراباتها.

السرطان

توجد اكتشافات موثوقة المصدر تخص علاج السرطان باستخدام ديدان العلق، بسبب مثبطات الصفائح الدموية والإنزيمات الخاصة الموجودة في لعاب العلق، لكن لا يُنصح الأشخاص الذين يعانون بعض أنواع سرطان الدم باستخدام العلاج بديدان العلق، وقد ثبت أن العلاج بديدان العلق يبطئ تأثيرات سرطان الرئة، وأظهرت التجارب على الحيوانات أن حقن اللعاب مباشرةً في الفئران يساعد على منع انتشار الخلايا السرطانية.

هل تساعد ديدان العلق في مرض السكري؟

قد يسبب تطور مرض السكري العديد من المشكلات، ما قد يسبب أمراض الأوعية الدموية التي تحد أو تمنع الدم من الوصول إلى اليدين أو القدمين أو الأصابع، ما قد يسبب موت النسيج المصاب، وهو السبب الرئيسي للبتر بين مرضى السكري، ويُعد فقدان الإصبع أو الطرف بسبب مضاعفات مرض السكري مصدر قلق كبير لملايين الأشخاص حول العالم.

الطريقة الأكثر فعالية لوقف هذه العملية هي تحسين الدورة الدموية في الأنسجة المصابة دون التعرض لخطر الخثرات الدموية، وقد أظهرت أبحاث موثوقة المصدر أن العلاج بديدان العلق قد يؤدي دورًا في ذلك.

تميّع مادة (العلقين-Hirudin) الموجودة في لعاب العلق الدم، وتمنعه من التخثر، ولما كان دم الأشخاص المصابين بداء السكري عادةً أكثر لزوجة من دم الإنسان السليم، قد تساعد مادة العلقين على تخفيف الضغط على القلب والجهاز القلبي الوعائي بتمييع الدم، وقد لاحظ الباحثون نتائج إيجابية موثوقة المصدر في الحالات التي استُخدم فيها العلقين لعلاج مرض السكري.

أظهرت دراسة موثوقة المصدر لحالة حديثة أن الطب اليوناني التقليدي الذي يتضمن العلاج بديدان العلق استطاع المساعدة على إنقاذ قدم امرأة مصابة بالداء السكري تبلغ من العمر 60 عامًا، وتوجد الآن أشكال اصطناعية من اللعاب العلقي، لكنّ الباحثين اكتشفوا أن استخدام عدد قليل من 4 علقات في جلسة واحدة قد يساعد على تقليل خطر البتر.

الاستخدامات التجميلية للعلاج بديدان العلق

أصبح من الشائع استخدام ديدان العلق للحفاظ على الأنسجة الرخوة وتعزيز الشفاء بعد جراحة الوجه الترميمية، وقد أثبتت دراسات الحالات القديمة والجديدة أنّ العلاج بديدان العلق يزيد من فرصة النتائج الإيجابية في عمليات الترميم لكل من:

  • الأنف.
  • الجبهة.
  • الثدي.
  • الخد.
  • أصابع اليدين والقدمين.

تساعد تأثيرات العلاج بديدان العلق على منع تخثر الدم في أثناء هذه العمليات الجراحية وبعدها، ويساعد ذلك الجسم على التعافي السريع والتام.

دفعت فوائد العلاج بديدان العلق للدورة الدموية أيضًا بعض الناس إلى استخدامها لعلاج الصلع.

هل لهذا العلاج آثار جانبية؟

إضافة إلى سهولة العلاج بديدان العلق فإن آثاره الجانبية أقلُّ خطورةً من العلاجات الأخرى، ومع ذلك، هناك بعض المخاطر، إذ إن العلاج بديدان يحمل خطر نقل الأخماج الجرثومية، التي قد تتضمن جراثيم مقاومة للمضادات الحيوية، لذلك تحقق من تجنب العلاج بديدان العلق خارج بيئة منظمة، ولهذا فإن من يعانون نقص المناعة بسبب أمراض المناعة الذاتية والعوامل البيئية لا يُنصح باستخدامهم العلاج بديدان العلق.

إذا حدث خطأ ما بعد جلسة العلاج بديدان العلق فإن الدم سوف ينِزُّ من المنطقة المُعالَجة ولن يلتئم موقع لدغة العلقة، وفي بعض الأحيان ستحاول ديدان العلق الانتقال إلى منطقة أخرى من الجسم لا تحتاج إلى علاج، ما يسبب فقدان الدم غير الضروري، وقد يكون لدى بعض الأشخاص حساسية من لعاب العلق، وتُكتشف هذه الحساسية في أثناء جلسة العلاج أو بعدها، وإذا حدثت مضاعفات فسُتلاحظ على الفور، ويُنصح الشخص في تلك الحالة بعدم استخدام هذا النوع من العلاج مرة أخرى.

خاتمة

قد يشمئز بعض الناس من استخدام العلق بوصفه علاجًا طبيًّا حديثًا، لكن المزيد من الأبحاث تظهر أن العلق كان جزءًا أساسيًّا من الرعاية الطبية على مدى قرون، ويواصل العلماء معرفة المزيد عن مزايا لعاب العلق، وقد يكتشفون أن لهذا العلاج استخدامات أكثر عملية ممّا كنا نعتقد.

اقرأ أيضًا:

هل الحجامة علم أم علم زائف؟

تاريخ الطب: أهمية الطب الإسلامي في العصور الوسطى

ترجمة: محمد أحمد بصل

تدقيق: علي البيش

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر