يشير التلاعب في العلاقات إلى استخدام أحد الأطراف للتشويه الذهني والاستغلال العاطفي من أجل بسط السيطرة على الطرف الآخر وإجباره على تلبية رغباته. يسعى الشخص المتلاعب إلى امتلاك القوة والنفوذ لتحقيق مآربه الشخصية. نتعرف في هذا المقال على علامات التلاعب العاطفي وكيفية مواجهته.

غالبًا ما يعرف المتلاعب نقاط ضعف ضحيته، فيستغلها لإحكام قبضته عليها. وما دام يحصل على ما يريد، يستمر في سلوكياته دون رادع، إلى أن يقرّر الطرف الآخر وضع حدّ لذلك بوعي وتصميم.

وقد تكون هذه الخطوة شاقة، وتستلزم الحصول على دعم نفسي، سيما إذا كان التعامل مع شخص اعتاد التلاعب وقتًا طويلًا.

قد يصعب أحيانًا تمييز التلاعب العاطفي في العلاقة، لأن ممارساته غالبًا ما تبدأ بخطوات خفية تتسلل تدريجيًا إلى الحياة اليومية، حتى تصبح جزءًا من نمط التعامل المعتاد.

أمارات التلاعب العاطفي في العلاقة

عندما يتكرر الشعور بأن الشخص يستنزفنا عاطفيًا أو يثير القلق والخوف أو يثير الشك بالاحتياجات والأفكار والمشاعر، يُنصح بالاستعانة بالحدس الداخلي، فقد تكون هذه من علامات التلاعب العاطفي.

وقد يتخذ السلوك المتلاعب أشكالًا متعددة، نذكر منها سبعًا.

1) التلاعب النفسي:

يعمد المتلاعب إلى الكذب وتحقير مشاعر شريكه وإلقاء اللوم عليه بعبارات مثل: «أنت مجنونة» أو «أنت حساس أكثر من اللازم»، وهدفه من ذلك زعزعة الثقة بالنفس والتشكيك في قدرة شريكه على التعبير عن ذاته وحتى في صحة مشاعره. يستخدم المتلاعب هذا السلوك ليبعد عن نفسه أي تساؤل ويتحكم بأفكار شريكه وسلوكه.

لدى الشك بالتعرض لهذا النوع من التلاعب، يُنصح بمراقبة المشاعر الذاتية بعد التفاعل مع الطرف الآخر، هل تتضمن الحيرة أو الإحباط أو فقدان الثقة بالنفس؟ قد هذه تكون مؤشرات واضحة.

2) السلوك العدواني السلبي:

يلجأ بعض الأشخاص إلى إخفاء مشاعر الغضب خلف سلوك غير مباشر، كالامتناع عن النقاش، أو تجاهل المواضيع الحساسة، أو استخدام السخرية والتنهد والتكشير بهدف إثارة الانتباه دون الإفصاح عن حقيقة مشاعرهم.

3) الكذب الدائم وإلقاء اللوم:

يتجنّب المتلاعبون تحمّل المسؤولية، فيكذبون أو يبالغون في عرض الأحداث ليظهروا بمظهر الضحية، ثم يُلقون باللوم على الشريك ما يدفعه إلى التشكيك في ذاكرته وإدراكه للواقع، وهو أحد أساليب التلاعب النفسي.

4) القصف العاطفي (Love Bombing):

يتمثل ذلك بإغراق الشريك بالمديح المفرط والإيماءات الرومانسية مبكرة، كقول «أنا أحبك» بعد أسابيع قليلة من التعارف، ثم التقليل من شأن الشريك لاحقًا. هدف هذا السلوك هو إنشاء دورة من الإذلال والتعلّق العاطفي، تُبقي الشريك أسيرًا للعلاقة رغم الأذى، وقد يرافق هذا السلوك اعتذارات سطحية لا يوازيها أي تغيير فعلي.

5) التهديدات والإكراه:

قد يستخدم المتلاعب التهديد للضغط على شريكه العاطفي، كأن يقول: «سأتركك إن لم تنفذي ما أريد»، أو يلوّح بإيذاء نفسه عند عدم الاستجابة. ينبغي دائمًا أخذ هذه التهديدات على محمل الجد، وتشجيع الطرف الآخر على اللجوء إلى دعم نفسي متخصص، دون التخلي عن وضع حدود حماية واضحة.

6) سلاح المعاملة الصامتة:

يُعد أحد أشكال العقاب العاطفي، إذ يمتنع المتلاعب عن الكلام أو التواصل أو المودة بهدف السيطرة، ويستمر في هذا السلوك حتى يتراجع شريكه عن موقفه أو يعترف بذنب لم يرتكبه. وقد ينهي الصمت فجأة دون تفسير أو اعتذار، ما يفاقم الشعور بالارتباك والإهانة.

7) العزلة الاجتماعية:

يسعى بعض المتلاعبين إلى عزل شركائهم عن الأصدقاء والعائلة، خاصة إذا عبّر أحدهم عن قلقه تجاه العلاقة. وقد يحاول في المقابل كسب تأييد المقربين من شريكه لخدمة مصالحه، كأن يُقنعهم بحثّه على البقاء معه، ما يجعل الشريك يشك في قراراته ويبتعد عن شبكة دعمه.

عواقب التلاعب العاطفي

من العلامات الشائعة لدى ضحايا التلاعب العاطفي:

  •  شعور دائم بالحاجة إلى الدفاع عن النفس.
  •  انعدام الإحساس بالأمان والثقة.
  •  شك مفرط في الذات.
  •  اعتذار متكرر حتى عن أخطاء بسيطة.
  •  شعور مستمر بالحيرة والإحباط والاستياء.
  •  عدم الرضا عن العلاقة عمومًأ.

كيف تتعامل مع التلاعب العاطفي؟

قد يكون الخروج من علاقة يطغى عليها التلاعب العاطفي أمرًا شاقًا، خاصةً إذا كانت العلاقة طويلة الأمد تتعلق فيها الضحية عاطفيًا بالشخص المتلاعب. لكن اتخاذ خطوات صغيرة ومدروسة قد يعيد الشعور بالسيطرة والكرامة، ومن الإرشادات لمواجهة التلاعب العاطفي:

1) تثبيت حدود واضحة:

توضع الحدود للحماية من الانتهاك العاطفي ولإخبار الطرف الآخر بما هو مقبول ومرفوض من سلوكيات. يجب التركيز هنا على الحق بالاحترام بحزم دون عدوان، دون خشية إعادة تأكيد هذه الحدود عند الحاجة.

2) الثقة بالحدس الشخصي:

عند الشعور بأن شيئًا ليس على ما يرام في العلاقة يجب عدم تجاهل هذا الإحساس، فغالبًا ما يكون الحدس أوّل ناقوس خطر ينبه إلى السلوك المؤذي، حتى وإن لم نتمكن من تفسيره بالكلمات بعد.

3) الاحتفاظ بسجل مكتوب:

في حالات التلاعب المستمر يكون الاحتفاظ بملاحظات مكتوبة على الأحداث والمحادثات مفيدًا لاستعادة الثقة في إدراك للواقع. هذا التوثيق سيكون مرجعًا مفيدًا عند مراجعة الأمور أو طلب مساعدة مهنية.

4) تجنب فخ لوم الذات:

يتقن المتلاعبون فنّ قلب الطاولة، وإقناع الطرف الآخر بأنه السبب في كل ما يحدث. يجب مقاومة هذا التشويه الذهني، وتذكّر أن العلاقة الصحية تقوم على التفاهم لا على الإذلال.

5) طلب الدعم من أشخاص موثوقين:

وذلك بالتحدّث إلى صديق مقرّب أو فرد من العائلة محل ثقة أو طلب استشارة مختصّ في الصحة النفسية. فالمشاركة قد تساعد على رؤية الأمور من منظور مختلف، وتعزّز القوة الداخلية لمواجهة الوضع.

6) التفكير في الابتعاد أو إنهاء العلاقة:

في بعض الحالات، يكون الابتعاد هو الحل الأكثر أمانًا واستقرارًا. لا يعني ذلك الفشل، بل يدل على احترام الذات وحماية السلامة النفسية. وهنا يجب التخطيط للانسحاب بحذر، خاصة إذا كانت العلاقة تتسم بالسيطرة المفرطة أو التهديدات.

الخلاصة

قد يخلف التلاعب العاطفي ندوبًا داخلية يصعب التئامها دون وعي ودعم. لكن الاعتراف بوجود المشكلة هو أول الطريق نحو التعافي.

يستحق كل منا علاقة قائمة على الاحترام وتقدير المشاعر واحترام صوته الشخصي وقراراته دون خوف أو تشكيك. لذلك يجب ألا تخشى الضحية طلب المساعدة أو تتردد في اتخاذ قرار يعيد إليها التوازن والكرامة.

اقرأ أيضًا:

حين تصل علاقتكما إلى هذه المرحلة فهي محكومة بالفشل كليًا

هل أنت واقع في الحب؟ 14 علامة علمية تفضح مشاعرك

ترجمة: حسين الحسين

تدقيق: مؤمن محمد حلمي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر