إن الفيروس المسبب لقروح البرد شائع جدًا، لكن العلماء يقولون إن الأبحاث الحديثة لا ينبغي أن تكون مدعاة للذعر.
توصلت دراسة جديدة شملت ما يقرب من 350,000 زوج من المشاركين إلى أن الإصابة بفيروس الهربس البسيط من النمط الأول (HSV-1)، وهو الفيروس المسبب لقروح البرد، ترتبط بزيادة خطر تطور مرض ألزهايمر. يتعرض معظم الناس لفيروس الهربس خلال حياتهم، ويعاني الكثيرون من قروح البرد، لذا قد يبدو هذا الاستنتاج مقلقًا، لكن من المهم فهم ما تقوله الدراسة بالفعل.
اتبعت الدراسة تصميمًا بأثر رجعي من نوع «دراسة حالة وشاهد». بمطابقة المرضى الذين لديهم تشخيص بمرض ألزهايمر أو الخرف المرتبط بمرض ألزهايمر، مع مشارك في مجموعة الشاهد -المجموعة الضابطة- من نفس العمر والجنس، ويعيش في نفس المنطقة، وله تاريخ صحي مماثل باستثناء فرق رئيسي واحد: لم يكن لدى المشاركين في مجموعة الشاهد أي تاريخ من الاضطرابات العصبية. في المجموع، تم تضمين 344,628 زوجًا.
وُجد أنه من بين المصابين بمرض ألزهايمر أو الخرف المرتبط به، كان 0.44% منهم قد شُخّصوا بفيروس الهربس. أما في المجموعة الضابطة، فكانت النسبة 0.25%. كلاهما يمثل جزءًا ضئيلًا جدًا من العدد الإجمالي، لكن الفارق بين الرقمين وُجد أنه ذو دلالة إحصائية. بعد تعديل النتائج لتأخذ في الحسبان الحالات الصحية المؤثرة الأخرى، خلص الفريق إلى أن المصابين بمرض ألزهايمر كانوا أكثر عرضة بنسبة 80% لتشخيصهم بفيروس الهربس.
كان من النتائج الأخرى أن من استخدموا الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج العدوى بدا أنهم يتمتعون ببعض الحماية، إذ كانوا أقل عرضة بنسبة 17% لتطوير مرض ألزهايمر.
في حين ركزت النتائج الرئيسية على فيروس HSV-1، نظر الفريق أيضًا في فيروسين مشابهين: فيروس الهربس البسيط من النمط الثاني (HSV-2)، وهو السبب الأكثر شيوعًا للهربس التناسلي، وفيروس الحماق النطاقي (VZV)، المسؤول عن جدري الماء والقوباء المنطقية (الحزام الناري). وكلاهما مرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر.
يظهر هذا النوع من الدراسات وجود ارتباط بين عاملين، لكن لا يثبت أن أحدهما يسبب الآخر. أيضًا فإن للدراسة قيودًا يجب أخذها في الحسبان.
«رغم حجم العينة الكبير، فإن البحث له قيود، ويرجع ذلك جزئيًا إلى اعتماده فقط على السجلات الصحية وبيانات المطالبات الإدارية. معظم المصابين بفيروس (HSV-1) لا تظهر عليهم أي أعراض، لذلك قد لا تكون بعض الإصابات قد سُجلت. أيضًا فإن الإصابات التي سبقت فترة تسجيل المعلومات غير متاحة».
أثنى عدد من الخبراء الآخرين على الدراسة لتصميمها المنهجي الدقيق، مع الاعتراف بالحاجة إلى مزيد من البحث.
«نحتاج إلى مزيد من الأبحاث لفهم أفضل طريقة لحماية أدمغتنا من مرض ألزهايمر مع تقدمنا في العمر. من المهم ملاحظة أن عدوى HSV-1، الشائعة للغاية بين السكان، لا تعني بأي حال من الأحوال أن الشخص سيصاب حتمًا بمرض ألزهايمر»..
تُعد هذه الدراسة جزءًا من نقاش أوسع ومجموعة متنامية من الأدلة التي تشير إلى أن فيروس الهربس من النمط الأول والفيروسات المماثلة قد يكون لها تأثير مباشر في الدماغ، قد يشمل مرض ألزهايمر وأشكالًا أخرى من الخرف.
استخدمت دراسة سابقة نموذجًا حيوانيًا –الفئران- لإظهار أن فيروس الهربس من النمط الأول يمكنه دخول الدماغ عبر كل من جذع الدماغ والعصب الشمي، ما يؤدي إلى استجابة التهابية قد تستمر حتى عندما لا يمكن الكشف عن الفيروس.
أثبتت دراسة أخرى أن الفيروس يمكنه الانتقال عبر الدموع ليصل إلى التجويف الأنفي بهذه الطريقة، ومن ثم إلى الدماغ ما يؤدي إلى التنكس العصبي.
«لا نقول إن الفيروسات تفسر كل شيء. لكنها قد تكون محورية في الأمر. لم تعد هذه نظرية هامشية. إنها المرحلة التالية من أبحاث ألزهايمر، ونحن نسعى وراءها».
اقرأ أيضًا:
الزهايمر يهاجم الخلايا العصبية المسؤولة عن بقائك مستيقظًا
يُربط بروتين أميلويد بيتا بمرض الزهايمر ولكن هل هو سببٌ أو نتيجةٌ لهذا الاضطراب؟
ترجمة : حسين الحسين
تدقيق: أكرم محيي الدين